لا يمكن الحكم علي أي انتخابات نيابية قبل انتهائها بالكامل, وإعلان نتائجها النهائية, حيث تتضح بصورة كاملة ما حققته الأحزاب السياسية, وقدرة المرشحين المستقلين علي اختراق الأحزاب, علاوة علي نسب التصويت, مما يعطي قراءة كاملة وافية تعتمد الأساليب العملية في التحليل والاستنتاج. لكن في كل الأحوال يمكن رصد عدد من المؤشرات المهمة التي قد تمثل مدخلا للمشهد النهائي لهذه الانتخابات, وبالتالي تقديم قراءة لنصف اليوم الانتخابي الذي انتهي أمس ويكتمل الأحد القادم. ولعل أهم ما جاءت به الانتخابات هو ذلك التراجع الكبير, أو الهزيمة المدوية التي لحقت بمرشحي تنظيم الإخوان غير الشرعي, بعد أن كان يمثل المعارضة الرئيسية في البرلمان المنتهي. وأهم ما يمكن ملاحظته في هذا السياق هو عدم قدرة التنظيم علي حشد أنصاره بالشكل الذي كان يفعله في كل انتخابات سابقة وخاصة الماضية في عام.2005 ومن يتابع الانتخابات المصرية يلحظ بلا شك قدرة تنظيمية كانت أهم ما يمثل تنظيم الإخوان غير الشرعي, لدرجة أن التنظيم كان قادرا علي الحشد في عدة مراحل خلال اليوم الانتخابي, الأول يتمثل في الهجوم التصويتي, ثم حصار لجان الفرز للضغط علي القائمين عليها, ويتزامن كل ذلك مع حرب إعلامية تبادر بالهجوم وإطلاق سيل لا ينقطع من الشائعات التي لا تنتهي من شأنها التشكيك فيما تصل إليه الانتخابات من نتائج. ولعل غياب الحشد الإخواني وفشل الجهاز الدعائي الضخم الذي كان يقوده التنظيم خلال السنوات الماضية, مرجعه إلي أن سياسة الصدام التي اتبعها التنظيم خلال السنوات الخمس الماضية مع كل أركان الدولة قد أدت فعليا إلي حالة من الإنهاك لأعضاء التنظيم بحيث وصلنا إلي الانتخابات الحالية والجماعة تعاني من إجهاد كبير ومن ضعف تنظيمي أثر كثيرا علي قدرتها في حشد انصارها وفي التأثير علي الرأي العام, وفي تنظيم حملات دعائية أو خوض معارك وحروب شائعات من النوع الكبير والضخم الذي يربك الخصوم كما حدث في الانتخابات الماضية. وربما تكون ما تعرض له التنظيم غير الشرعي من خلافات داخلية, بسب انتخابات مكتب إرشاد ومجلس شوري جديد, وخروج العديد من الوجوه الإصلاحية, أو التخلص منها لصالح التيار الأكثر تشددا داخل التنظيم قد أدخل الوهن في عروقه وأثر علي قدرته كثيرا ليس فقط في الانتخابات, وإنما في الشارع بشكل عام. ولعل أداء88 نائبا تابعا للتنظيم في البرلمان خلال السنوات الخمس الماضية لم يكن مرضيا لجموع الناخبين الذين صوت الكثير منهم تحت زهوة الوازع الديني, أو كتصويت احتجاجي, أو حتي كرغبة في التغيير. وكما جاء الإخوان للبرلمان الفائت كنوع من الاحتجاج, والتصويت العقابي ليس للحزب الوطني الحاكم, وإنما لكل الأحزاب السياسية, والدولة المدنية المصرية التي لم تكن صامدة أو جاذبة قبل سنوات.. صوت الناخبون بشكل عقابي واحتجاجي ضد الإخوان ليذوقوا من نفس الكأس التي تجرعها غيرهم قبل5 سنوات. في نصف اليوم الانتخابي الأول كان تنظيم الإخوان غير الشرعي الخاسر الأكبر.. لكن الأكيد أن هناك خلاصات واستنتاجات أخري ستكتمل مع انتهاء النصف الثاني من اليوم الانتخابي الأحد القادم.. وعندها تتوافر قراءات أخري عن المشهد السياسي الكامل, والبرلمان القادم وطبيعة تركيبته السياسية.. كما يمكن الخروج بقراءة وافية لاتجاهات التصويت في الجولتين.