قلت أمس إن منطقة الشرق الأوسط, وخاصة المنطقة العربية لا محالة مقبلة علي حرب إقليمية بحسابات أوردها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسينجر, وأن طبولها تدق ومن لا يسمعها فهو أصم. لا أقول ذ لك من وحي نبوءة فلكي, ولكن بمعطيات لا يمكن تجاهلها منها: بيان من يسمي نفسه بخليفة المسلمين, والذي نصبته الدولة الإسلامية بالعراق والشام( داعش) وزعم فيه أن تحرير القدس لن يتم إلا بالقضاء علي من سماهم بحكام الفتنة وعروش الفساد في المنطقة, وهاجم الإمارات والسعودية والبحرينوالكويت وشن التنظيم الإرهابي عبر حسابه علي تويتر هجوما علي حكام الخليج بقوله: لن تتحرر القدس حتي نتخلص من هؤلاء الأصنام وذكر منهم افتراء وكذبا وتضليلا من أسماهم ب آل النفطوية وآل صباح وآل نهيان وآل خليفة, وكل هذه العوائل والبيادق التي زعم أن من سماه بالاستعمار قد عينها وتتحكم في العالم الإسلامي, ومن قبل قالت داعش إنها سوف تتمدد بدول الخليج وتوعدت بخلع حكامها, ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما اقترب من تهديد الكويت بعد فتح الحدود العراقية علي سوريا, ومغازلة الأردن ببعض المناوشات والاقتراب من البحرين, والقيام بدور قذر في حادث شرورة الإرهابي بالسعودية. وهذه الوقائع تستحضر الموقف المصري الذي لا محالة سيكون مساندا للبلدان العربية, وكم ردد الرئيس عبد الفتاح السياسي أن قوة الجيش المصري قوة لمصر والعرب, واتضح هذا جليا من تأكيده علي الوقوف إلي جانب الأشقاء خصوصا عبارته التاريخية مسافة السكة.. مش كده ولا إيه في إشارة لتحرك مصر وجيشها للدفاع وصد أي خطر خارجي يمس أمن دول الخليج, وتمت ترجمة ذلك في العديد من المناورات الحربية, وبرامج التدريب العسكري بين مجموعات رمزية من الجيش المصري, ووحدات عسكرية من دول عربية منها الإمارات العربية والسعودية والبحرين بمشاركة قوات أردنية أيضا. والمؤكد أن داعش ستكون كلمة السر لأية حرب إقليمية, وأن ذلك لن يكون مستبعدا خصوصا إذا قامت تلك المجموعات الإرهابية بتوجيه ضربات إلي المملكة العربية السعودية أو الإمارات أو الكويت أو الأردن, لأن ذلك سيعني ببساطة شديدة تدخل أطراف كثيرة في الصراع لا أستبعد الجيش المصري منها, ليس لمقولة مسافة السكة فحسب وإنما لمواقف مصرية ثابتة تجاه البلدان العربية ودول الخليج التي ساندت مصر في أسوأ ظروفها وأشد حروبها ضراوة ضد الإرهاب, ومد يد الدعم لاقتصادها الذي كان علي حافة الانهيار. وهذا التخوف الذي يكاد يصل إلي حد التوقع بنشوب حرب إقليمية في المنطقة يفرض علي مصر ودول الخليج ألا تتعامل مع الخطر من منظور الغير, ولكن وفق ما يرتبط بتقديرها لحدود هذا الخطر خصوصا أن ما يحدث من داعش وغيرها قد يجعل الموقف الأمريكي من أية صراعات في المنطقة أكثر غموضا.