يحلو للبعض من مؤيدي شعار' الإسلام هو الحل' الإستناد إلي صدور أحكام قضائية تثبت شرعيته و دستوريته, وهي الأحكام التي أصدرتها محكمة القضاء الإداري و أيدتها المحكمة الإدارية العليا قبل التعديلات التي أدخلت علي الدستور عام2007 و تضمنت إضافة مبادئ جديدة في المادتين الأولي و الخامسة, وضعت مفهوم مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع في إطار مختلف عما كان سائدا قبل هذه التعديلات. لقد استند أنصار هذا الشعار قبل عام2007 علي المادة الثانية المتعلقة بمصادر التشريع من زاوية كونه شعارا سياسيا يترجم الإطار العام الحاكم للدولة المصرية, وكونه أيضا تعبيرا عن إرادة الأمة التي ارتضت هذا النص في وثيقتها الأساسية. و لعل من قبيل الدهشة استمرار هذه النظرة بعد التعديلات التي أدخلتها الأمة علي الدستور و خصوصا في المادتين الثانية و الخامسة, و التي تمثل تصحيحا لمسار الأمة, وتطويرا للإطار الحاكم, و تحديدا لما يجب أن يكون عليه مفهوم الحريات من ناحية, و طبيعة الإطار السياسي و الأليات الديمقراطية الحاكمة للممارسة السياسية و الشعارات والأنشطة المحظورة. و يري أنصار هذا الشعار أن الدعوة له تتساوي مع الدعوة لتطبيق المبادئ الدستورية الأخري و منها المواطنة و حظر التمييز علي اساس ديني, و حظر ممارسة نشاط سياسي علي أي مرجعية أو أساس ديني, و حرية الرأي و التعبير و الفكر و العقيدة, وخلافه من المبادئ الدستورية القائمة. نحن إذا أمام تبريرات تنطلق من نص دستوري, لكنها تسعي لفصله عن بقية النصوص الدستورية, و مفهوم التكامل بين النصوص, وترتيب مواده بصورة واضحة ومحددة المعاني لمنع الالتباس أو التعارض بينها. فالمادة الأولي من الدستور تنص علي أن نظام الدولة ديمقراطي و يقوم علي أساس المواطنة, وهو مصطلح يؤكد المساواة بين المواطنين و يرفض التمييز بين المصريين, و يعتبر القانون المرجعية الوحيدة في التعامل بينهم, و يضع ممارسة الحقوق و الواجبات في المصاف الأعلي, وبالطبع من بين هذه الحقوق و الواجبات ممارسة الحق الإنتخابي. و جاءت تعديلات المادة الخامسة من الدستور لتؤكد حظر أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أي مرجعية أو اساس ديني أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللون, فالدستور إذن يحظر مباشرة النشاط الإنتخابي بشعارات دينية, باعتبارها شعارات تمييزية تفرق بين ابناء الوطن الواحد علي اساس الدين. و ليس صحيحا القول بأن الحظر هنا ينطبق علي الشعارات الداعية إلي الفتنة الطائفية أو المحرضة علي ديانات أخري أو الداعية إلي إذدرائها, فشعار الإسلام هو الحل شعار تمييزي, يعتبر أن الإسلام دون غيره من الديانات السائدة في الوطن حل لمشاكل الوطن بكل أبنائه من مختلف الديانات, وهو هنا و بوضوح يدعوا أنصار دين واحد من مكونات الوطن للتصويت لصالحه, وهو بذلك أيضا يدعوا لانتخاب ممثلين أبناء دين واحد في البرلمان, معتبرا أن أبناء الديانات الأخري من المصريين خارج هذه الدعوة. و إذا كان هذا الشعار يتعارض بذلك مع نص و مفهوم المادة الخامسة من الدستور, فإنه أيضا يتعارض مع نص ومفهوم المادة الأولي المرتبط بمبدأ المواطنة أساس للنظام الديمقراطي المصري, و أي مخالفة هنا تعني و مباشرة التعارض مع نص دستوري, بما يعتبر خروجا عليه و مباشرة نشاط غير دستوري. المادتان الأولي و الخامسة وفقا لهذا السياق حددتا الإطار العام للنظام السياسي للدولة بالديمقراطية, و نصت علي أن قاعدة الديمقراطية ترتبط بمبدأ المواطنة الذي يساوي بين الناس و يحظر التفرقة بينهم, وصاغت آلية ممارسة الديمقراطية بالنشاط السياسي و منه الانتخابات بتحديد مبادئه الأساسية المانعة للمرجعيات و الأسس الدينية باعتبارها ممارسة للتفريق بين المواطنين في الحقوق و الواجبات علي أساس الدين. ووفقا لذلك يعد شعار الإسلام هو الحل بمثابة خروج عن نصوص المواد الدستورية, المحددة للنظام السياسي المصري من ناحية و لقواعد وآليات ممارسة هذا المبدأ من ناحية أخري, و بإعتبار أنه شعار يحرض و يحشد أبناء دين واحد من الأمة المصرية فهو بالتأكيد شعار تمييزي بين أبناء الوطن الواحد متعدد الديانات. واالتساؤل الدائر هنا ماذا عن المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع, وهي المادة التي يستند عليها أنصار هذا الشعار في تبريرهم لشرعيته, والتي صدرت علي أساسها الحكم القضائي بتأييد شرعية الشعار قبل تعديل الدستور عام2007. الشريعة هنا المصدر الرئيسي للتشريع و ليست المصدر الوحيد للتشريع, والفارق كبير بين المعنيين, و لعل أساتذتنا من فقهاء القانون يفهمون جيدا هذا الفارق الضخم بين المعنيين, و من ثم فإن إمكانية اللجوء لمصادر أخري في التشريع قائمة و لا غبار عليها. طبقا لذلك فإن اعتبار شعار الإسلام هو الحل شعارا غير تمييزي يمثل مخالفة حتي للمادة الثانية من الدستور,باعتباره شعارا يري أن مبادئ الشريعة الإسلامية و الدين الإسلامي و لا شيء غيره هو الأساس, في حين أن تلك المادة تركت الباب مفتوحا للجوء إلي مصادر تشريعية مختلفة, فضلا عن أن إرادة الأمة لم تجتمع هنا مكتملة حول مفهوم أنصار الشعار قدر ما اجتمعت علي إعتباره المصدر الرئيسي و ليس الوحيد بما لا يتيح المجال لأبناء ديانة محددة إعتبار مبادئ شريعتهم المصدر الوحيد للتشريع. لقد فرق الدستور في مواده بين ممارسة النشاط السياسي وفقا لقواعد محددة ترتبط بمفاهيم راسخة للديمقراطية تقوم علي أساس منع التمييز بسبب الدين من خلال طرح شعارات تمييزية وبين ممارسة التشريع وفقا لمرجعية تعطي الأولوية لمبادئ شريعة دين الأغلبية من المواطنين لكنها لا تحظر اللجوء إلي مرجعيات أخري لحماية حقوق شرائع الديانات الأخري أو المرجعيات القانونية الأخري. من حق كل مصري المشاركة في الانتخابات بشعارات سياسية تتوافق مع القواعد المنظمة لها و الضامنة لحقوق حرية الرأي و الفكر و التعبير و العقائد و المانعة في الوقت ذاته للتمييز بين الناخبين و حشد أبناء ديانة واحدة حول شعار يقصي أبناء الديانات الأخري, ومن حق النواب داخل المؤسسة التشريعية المطالبة بلإستناد إلي مبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشرع و لكن ليس من حقهم إعتباره المصدر الوحيد بإستبعاد المصادر الأخري. القصد هنا أنه لا تعارض بين نص المواطنة كأساس للنظام الديمقراطي المصري و بين مباديء الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع, كما أن النص الأخير لا يبيح للمرشحين في الانتخابات استخدام شعارات دينية و منها الإسلام هو الحل لأن ذلك بمثابة تمييز بين المصريين في الانتخابات علي أساس ديني تحظره المادتان الأولي( المواطنة) و الخامسة( حظر ممارسة نشاط سياسي علي أساس أو مرجعيات دينية). شعار الاسلام هو الحل وفقا لذلك هو شعار يتعارض مع الدستور, وهو يتعارض مع مفهوم الدولة الديمقراطية المسلمة التي تفهم أن مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع في حدود أنه المصدر الرئيسي و ليس الوحيد حتي لا تمارس التمييز و التفرقة بين المصريين علي أساس الدين. [email protected]