سينما إفريقيا السوداء, قال عنها البعض إنها سينما ماتت, وقال البعض الآخر: إنها لم تولد أصلا, لكن مع فوز فيلم التشادي محمد صالح هارون( رجل يصرخ) بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان هذا العام أثبتت القارة السوداء صاحبة أعلي نسب للفقر في العالم وأقل دور عرض سينمائي أن إفريقيا السينما لم تمت فمازالت عروقها تبنض بالسينما. ولد محمد صالح هارون عام1960 في تشاد, غادر البلاد عبر الحدود في عمر17 عاما بعد أصابته في الحرب الأهلية في تشاد علي كرسي متحرك يدفعه والده ليلقي العلاج في الكاميرون, ويعيش في الغربة مع أبيه يطحنهما الفقر والعوز, ولكنه مع ذلك نجح في اجتياز امتحان للحصول, علي منحة لتعلم الصحافة في مدينة بوردو الفرنسية ليعمل بعد ذلك في إحدي الصحف المحلية, ودرس السينما حلم حياته في باريس, فقد كان يعشقها منذ الطفولة, فيلمه الأول( باي باي إفريقيا)كان في1999 ليصبح معه أول مخرج سينمائي في تاريخ تشاد, توالت أعماله بعد ذلك, في2001 ليشارك في مهرجان كان السينمائي في عام2006 حصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان فينسيا عن فيلمه( دارت موسم جاف) في2010 كانت جائزة مهرجان كان, بداية صعبة لا تنبيء بكل هذا النجاح, وكذلك حال السينما في إفريقيا التي لم يتخيل أحد أنها مازالت قادرة علي إخراج مواهب جيدة بدون دعم الدولة ولا وجود صالات عرض أصلا. جاء نجاح فيلم محمد صالح هارون الأخير في مهرجان كان ليحيي الحماس في العاصمة, جامينا وتعلن السلطات عن عرضه من بعد افتتاح أكبر صالة عرض سينمائي هناك والتي قد كانت قد أغلقت أبوابها للأبد.. من سخرية القدر أن أول أفلام صالح هارون( باي باي إفريقيا)كان عن انتهاء صالات العرض في تشاد, وبغض النظر عن النجاح الذي حققه هارون للسينما الإفريقية, فإن السينما في إفريقيا تشهد نموا وازدهارا كبيرا من بعد أن كانتمقلب قمامة لكل أفلام الدرجة العاشرة القادمة من كل أنحاء العالم سواء كانت مع سيلفستر ستالون أو أرنولد شوارزينجر, أو مع الإنتاج الهندي المنهمر كالمطر, كل ذلك كان من خلال دور عرض مفتوحة, والتي كانت تختفي واحدة من بعد الأخري, ويقوي التليفزيون في الثمانينيات والتسعينيات مع مسلسلات(أوبرا الشوربة) من أمريكا اللاتينية وبالتحديد البرازيل, بل مع مسلسلات مثل دالاس ودينستي. لكن إفريقيا تستعيد نفسها مع قدراتها الضئيلة لتقدم سينما إفريقيا تعبر عن حياة أبنائها الفعليين من خلال سينما الفيديو في نيجيريا, والتي قدمت شرائط فيديو تعرض في المنازل, ولكن من بعد تطور الديجيتال بدأت حركة السينما الديجيتال التي تعرض في صالات العرض وظهرت نولي وودالإفريقية علي غرار هوليود وبولي وود. نوليوود مشتقة من نيجيريا والتي أصبحت ثالث بلد في العالم تنتج أفلاما مع2000 فيلم سنويا من بعد الهند والولايات المتحدةالأمريكية بالرغم من أن الإنتاج ضعيف الإمكانيات( أغلي فيلم يتكلف52 ألف يورو) إلا أن إفريقيا وجدت أخيرا سينما تعبر عنها من خلال نجوم أفرقة وسينمائيين أفارقة, نعم موضوعات السينما النيجيرية هي الحياة اليومية للأفارقة( السحر الحب القتل السرقة), لكن هذا لم يمنع ظهور تيارات جديدة تقدم سينما أعمق مثلما كان الحال مع المخرجNewtonAduaka الي قدم فيلم أزرا عن الأطفال المقاتلين في الحروب الأهلية في إفريقيا وعرض بمهرجان كان. إفريقيا البؤس تنهض بلا إمكانات ونحن مازلنا نبحث عن دعم الوزارة ووزارة الدعم والنتائج لا تسر عدو ولا حبيب, أو هكذا أري, أما البعض الآخر يري أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان. [email protected]