بكل المقاييس تعتبر الزيارة التي قام بها الرئيس أحمدي نجاد إلي لبنان والاستقبال الذي نجح فيه حزب الله صفعة سياسية موجهة في المقام الأول لواشنطن لم يكن في إمكان الرئيس الإيراني الوصول إلي الحدود الإسرائيلية عبر الجنوب اللبناني بدون حالة الضعف الأمريكية تجاه العديد من القضايا والملفات الحيوية ومنها علي وجه التحديد القضية الفلسطينية حيث تكشر الحكومة اليمينية المتشددة برئاسة نتانياهو عن أنيابها لضم المزيد من الأراضي المحتلة وتهويدها في الوقت الذي تمتنع فيه إدارة الرئيس أوباما عن ممارسة الضغوط اللازمة لوقف هذا العبث الاستيطاني. والنتيجة أنه لا تراوح عملية السلام مكانها وأن تفقد مع الوقت مبرر وجودها وتعطي للمتشددين في كلا الجانبين فرصة للانتعاش والتصيد والقفز إلي الصفوف الأولي. لو تحققت خطوات ملموسة وحقيقية علي طريق السلام وقيام الدولة الفلسطينية لما وجد أحمدي نجاد المجال لكي يبدو أمام الجماهير المحتشدة بأنه القادر بصواريخه أن يعيد الحق لأصحابه بعيدا عن المفاوضات المتعثرة. وبدلا من أن تستوعب واشنطن الدرس فإذا بها تذهب يمينا ويسارا وتفتح قضايا أخري لا علاقة لها بدورها الدولي وإنما تشكل تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي للدول الرافضة لهذا النهج تحت أي مسميات أو شعارات كاذبة. والخطاب الحماسي الذي وجهه أحمدي نجاد جاء صادقا في الجزء الذي يتعلق بأحوال أمريكا المتردية اقتصاديا والتي تعيش أزمات عاتية جعلتها تبحث عن باب للخروج والهروب من أفغانستان, كما فعلت من قبل في العراق وتركته تحت رحمة إيران وحكامها. وأمريكا الضعيفة ليست في صالح الأمن والاستقرار في العالم ولكنها حقيقة باتت تعلن عن نفسها بصورة تدعو للتأمل خاصة مع هذه الزيارة التي جاءت بعد قرار هزيل لمجلس الأمن بفرض عقوبات علي طهران فإذا بها تثبت تنامي نفوذها, كما أن الزيارة تسبق انتخابات الكونجرس بكل ماتحمله من دلالات سلبية ستعبر عن نفسها في صناديق الاقتراع. muradezzelarab@hotmailcom