لم تجد الإدارة الأمريكية سوي كلمات ضعيفة تصف فيها زيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد للجنوب اللبناني المتاخم لاسرائيل بأنها استفزاز جديد, في حين اكتفي باراك وزير الدفاع الاسرائيلي بالقول إن الزيارة تشير الي تراجع لبنان كدولة مستقلة والأمر المؤكد أنها ردود فعل تخالف تماما اللهجة المتغطرسة والمحملة بالتهديدات كما اعتادت واشنطن في الماضي مخاطبة قادة طهران. والتحدي واضح عندما يصل نجاد الي الحدود الاسرائيلية في رسالة وصلت هذه المرة تسليما باليد, ووسط احتفالات نجح فيها حزب الله بامتياز, وللحقيقة والتاريخ نقول أن الدول العربية قد تعاملت مع الحدث بأعلي درجات المسئولية والرؤية الحكيمة, لأن من حق لبنان أن يدعو ويستقبل من يشاء, كما أن نجاد وغيره من القادة الايرانيين يؤكدون علي سعيهم لاقامة علاقات طيبة مع الجيران العرب علي الرغم من وجود تحفظات ومخاوف لها ما يبررها خاصة في ضوء ما يحدث علي الساحة العراقية وفي لبنان والعديد من المناطق والملفات التي تشير الي عكس التوجهات الايرانية المعلنة, ولكن يبقي ذلك كله في اطار المعالجة السياسية دون الوصول للمواجهة المكشوفة والمباشرة كما هو الحال بين ايران من ناحية وأمريكا واسرائيل من الناحية الاخري. وبوضوح أكثر نقول ان آخر ما يقلق واشنطن هو الحرص علي المصالح العربية, وأن المواقف الأمريكية التي كانت متشددة تجاه طهران ما يتعلق باسرائيل التي تجرعت الصواريخ الايرانية من نفس المكان الذي وقف فيه أحمدي نجاد أمس. وبطبيعة الحال لن يرفض العرب الزيارة حرصا علي المشاعر الاسرائيلية, ولن يتحركوا دفاعا عن الكرامة الأمريكية التي يحلو لنجاد توجيه الصفعات المتتالية اليها, ثم تكتفي واشنطن بالأسف علي استمرار هذه الاستفزازات, وسبحان مغير الأحوال.