كان هذا العنوان هو موضوع المؤتمر الذي عقدته الهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية بمدينة الاسكندرية يومي3 و4 من اغسطس الجاري وخصصته لمناقشة هذا الموضوع المهم عبر جلسات وحلقات نقاش عديدة كان من اهم ماطرح فيها ماطرحه الدكتور محمد نور فرحات استاذ القانون والذي يري ان منظومة حقوق الانسان أصبحت معروفة علي المستويين النظري والتطبيقي اما نبيل عبد الفتاح الباحث الاجتماعي والكاتب بالاهرام: فيري ان مصر تشهد دائما قليلا من الحوار وكثيرا من التشاحن والتنابذ والصراخ وسيادة البرامج السجالية التليفزيونية والفضائية التي تعتمد علي الصراع اللفظي والشعاراتي وليس علي المعرفة والفكر والثقافة وتساءل قائلا انه منذ1983 وذهاب نفر من المثقفين والحقوقيين الي قبرص لعمل المنظمة العربية لحقوق الانسان هل ذهبت سدي؟ هل تتقدم حقوق الانسان في بلادنا ؟ بالتأكيد لا فمازال التعذيب مستمرا ومازال الفقر ومازالت القوانين المقيدة للحريات ورغم هذا فان وعي الانسان المصري بحقوق الانسان والبنية الاساسية التي تحميها اصبحت اكثر تقدما, ماحدث مع قضية خالد سعيد تعبير عن هذا النضج وما كان ليحدث منذ عشر سنوات, والاحتجاجات اليومية التي لايخلو منها رصيف الحكومة تعبير عن هذا النضج, وتزايد الحركة المطلبية التي تتزايد عما كان عليه الامر منذ سنوات, والمطالبة متصاعدة بمواجهتها ايضا, فهل هناك جدوي من المطالبة بالتأكيد؟ ويجيب: نعم وهو يميز بين حقوق المواطنة والتي هي في الاساس رابطة سياسية اما حقوق الانسان فهي مصطلح اعم واشمل وانتشرت بفعل العديد من الاعلانات والمعاهدات ولا شك ان مصادر حقوق الانسان متعددة مواثيق واتفاقات دولية واقليمية واهمها الدستور الذي ينبغي ان ينص عليها ثم القوانين التي تضع تلك الحقوق في اطار تطبيقي, والامر الذي لاشك فيه ان الدساتير العربية تتكلم عن قضايا حقوق الانسان باسهاب الا ان التشريعات تصادرها بحجة تنظيمها مثل حرية الراي والتعبير وحرية الناس في الاجتماع التي يحظرها قانون التجمهر الذي صدر سنة1914, بجانب نصوص متعددة بالاضافة الي قوانين عديدة تعاقب علي الراي والتعبير الي الحد الذي دفع المرحوم كامل زهيري للقول: ان ممارسة حرية الرأي والتعبير نشاط خطر وهو يري انه رغم ذلك فالقضاء المصري قد قدم لنا نماذج رائعة في الدفاع عن حرية الرأي فالمرحوم المستشارعوض المر رئيس المحكمة الدستورية العليا كان يهدرالقوانين التي تتعارض مع الدستور فيما يتعلق بحرية الرأي والفكر والتعبيروحتي كان احيانا ما يلجأ الي مايمكن تسميته بالمبادئ فوق الدستورية, وينتهي في النهاية الي ان مسألة حقوق الانسان ليست مسالة نص دستوري بقدر ماهي قناعة وإرادة سياسية فالعلاقة بين حقوق الانسان والديمقراطية وهي تتنامي في مختلف الثقافات والديمقراطية لا يمكن ان تتعزز في مجتمع بلا حقوق انسان اما الدكتور سمير تناغو: استاذ القانون وابرز الباحثين في قضايا الاحوال الشخصية, فقد قال انه يفضل استخدام مصطلح الدولة المدنية باعتباره تعبيرا مخففا عن الاصطلاح المكروه العلمانية كما يري ان مصطلح الدولة المدنية اكثر طموحا وتوفيقا من الدولة العلمانية فالدولة المدنية لابد ان تكون علمانية وديمقراطية وتناول في مداخلته التأسيس الفلسفي لفكرة القانون المدني اما الدكتور هشام صادق استاذ القانون فهو يقول سأتحدث عن ممارسة عملية فيما يتعلق بالمدنية وهي قضية الزواج الثاني ومشكلاتها والتي ستنهيها بلا شك الدولة المدنية وليس غيرها, وهو يتحدث عن اشتراكه في لجنة تكونت منذ سنوات عديدة لوضع الاساس القانوني لحل مشكلات الاحوال الشخصية والتي تنظمها المادة3 من القانون رقم واحد لسنة2000 وهي تطبق الشريعة الاسلامية علي زوجين مختلفين في الملة وهذا سبب حرجا شديدا للمسيحيين في مصر وقد اشرت الي ان هذا الحل غير مقبول فمن عيوب هذا النص ان المشرع قد خالف قصده, وبدلا من ان يجتهد في كيفية تطبيق قانون عادل وموضوعي علي مختلفي الديانة فانه لجأ للاسهل وهو تطبيق الشريعة الاسلامية علي المسيحيين بحجة انهم مختلف الملة اما نبيل عبد الفتاح الباحث الاجتماعي والكاتب بالاهرام: فيري ان مصر تشهد دائما قليلا من الحوار وكثيرا من التشاحن والتنابذ والصراخ, ويري ان تلك سمة شهدتها مصر دون مبالغة فيما يتعلق بالمرحلة الليبرالية في مصر ويري ان اسباب غياب الحوار يعود الي عوامل عديدة ياتي علي راسها التعليم الذي لا يعتمد اسلوب المناقشة والحوار بقدر ما يعتمد علي الحفظ والتلقين والاملاء, ومنها ايضا الحالة الدينية الراهنة التي تخلط بين المقدس والنسبي وتزايد النزعة الغوغائية والتعبوية التي تستبعد الفكر القائم علي المعلومات والتفكير لصالح الشعارات في المجتمع ووجود العديد من القيود والقيود القانونية علي حرية الراي والفكر والتعبير, ومنها ايضا المزايدة بهدف احراج السلطة السياسية وسيادة البرامج السجالية التليفزيونية والفضائية التي تعتمد علي الصراع اللفظي والشعاراتي وليس علي المعرفة والفكر والثقافة, تلك النزعة التي انتقلت من الفضائيات الاجنبية الي العربية والجزيرة خاصة ومنها الي القنوات الفضائية المصرية, والتي تعتمد في جاذبيتها علي المحكي والشفاهي والشجار وهي خلطة شديدة الجاذبية للمشاهد, ولا شك ان زيادة عدد المشاهدين مما يؤدي الي زيادة الطلب الاعلاني, وخاصة مع اعتمادها في معديها ومقدمي برامجها علي بعض صحفيي الصحف الخاصة ومعديها, وهم يعتمدون اصلا اللغة الغاضبة والشعاراتية والمثيرة والصوت الزاعق والشجار. اما الضيوف فغالبا ما يكونون من الشيوخ او رجال الدين المسيحي او الاخوان او النشطاء السياسيين وهؤلاء بطبيعتهم يمتلكون لغة شعاراتية مطلبية لا تهتم بالتحليل والمعلومات والخبرة اما الدكتور سمير مرقص الباحث والكاتب فيري ان مشكلة الحوار في مصر تبدأ من الانطلاق من تصنيف الشخص, قبطي اسلامي قومي وغيرها بينما الحوار ينبغي ان يبدأ بمعطيات علمية تحليلية وربما ينتهي بعد ذلك الي التصنيف ومن مشكلات الحوار غياب جدول اعمال وطني للحوار وبالتالي يعتقد كل متحاور انه هو يملك الاجندة الوطنية للحوار, ومن هنا فلانجد ان هناك قضية تم حسمها في خلال العقدين الاخيرين ومن هنا فكثير من القضايا يعاد انتاجها من جديد, ومن هنا تختفي فكرة الحوار لتحل محلها فكرة السجال والتنابذ وتسود لغة افعل التفضيل فانا اصبح الاحسن والافضل والاصوب وهكذا, ومن مشكلات الحوار ان يتم الرجوع للزمن والتاريخ بمناسبة وبدون مناسبة, ومنها ايضا هيمنة المقدس علي المجال العام, وفي النهاية فلابد من احترام التنوع البشري والانساني والذي يعد الحوار طوق نجاته من عوامل الصراع الضاري وتأتي اخيرا اهمية دور السلطة بمعناها العام الواسع سواء كانت سلطة سياسية ام دينية ام ابوية والتي تنطلق في الحوار من كونها سلطة تدخل الحوار ابتداء من منطلق ابوي متعال وليس بمنطلق الندية والتكافؤ, وياتي اخيرا فكرة القبلية او العشائرية والتي تعتمد فكرة الانتصار لافكار عامة ذات مرجعية قبلية وليس اعتمادا علي المعطيات التي تطرح وتتجدد باستمرار