مدير تعليم دمياط: العمل على سد العجز في المدرسين    «فرحات»: مخرجات الحوار الوطني بشأن «الإجراءات الجنائية» مصدر مهم للبرلمان    الأزهرى: مفهوم التصوف مشوش ويحتاج لكشف المعنى الصحيح    تراجع الذهب و19 بئر غاز جديدة و5 خدمات بنكية مجاناً | كبسولة اقتصادية    خطوات حجز شقق الإسكان الجديدة.. متاحة الآن (فيديو)    اقتصادي: طروحات حكومية جديدة خلال ال 3 أشهر القادمة    قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على حدث بعلبك    في غياب رونالدو| النصر يتخطى الحزم ويتأهل إلى ثمن نهائي كأس خادم الحرمين    إخلاء سبيل «فتاة فيصل» بعد إدعائها كذبًا تعرضها للاعتداء من 5 أشخاص    دفاع عباس أبوالحسن يكشف قيمة الدية لضحيتي الدهس: 35 كيلو فضة    انطلاق حفل ختام مهرجان الغردقة لسينما الشباب في دورته الثانية    إعلام إسرائيلي: بدء اجتماع المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي    تفاصيل الحلقة 7 من «برغم القانون».. إخلاء سبيل إيمان العاصي    «صحة مطروح»: قدمنا 93 ألف خدمة طبية منذ انطلاق مبادرة بداية جديدة    من حفل توزيع الجوائز.. البلشي: العلاقة بين النقابة ومؤسسة هيكل تعكس وجودًا قويًا في دعم الصحافة    "المصريين": مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل تتويج لجهود الدولة    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    تروي ديني: دياز سيكون رجل ليفربول الأول بعد رحيل صلاح    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف محيط مستشفى مرجعيون الحكومي جنوبي لبنان    خالد الجندي: بعض الأشخاص يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبي    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    انطلاق ورشة "مدرسة السينوغرافيا" ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية المسرحي.. صور    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    الإعلان عن التشكيل المثالي للجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للغات الإشارة    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استسلام ليبرالي لجماعة الدولة الدينية‏!‏
بقلم‏:‏ السيد يسين

نشرت جريدة المصري اليوم صورة معبرة مليئة بالدلالات لمرشد الإخوان المسلمين وهو واقف يعلن بيانا سياسيا‏,‏ وكأنه زعيم المعارضة المصرية وحوله للأسف الشديد مجموعة من الناشطين السياسيين ورئيس حزب الجبهة الديموقراطية من الذين يؤمنون بالليبرالية‏,‏ ولكنهم قبلوا أن يسيروا في ركاب الجماعة التي سبق أن أعلنت عن مشروعها الأساسي وهو تأسيس دولة دينية في مصر انقلابا علي الدولة المدنية القائمة‏.‏
ما هو تفسير هذا السلوك السياسي الغريب؟
وكيف ينساق سياسيون يدعون إيمانهم بالديموقراطية والليبرالية وراء جماعة الإخوان المسلمينيقال إن اشتراك الأحزاب السياسية المعارضة في غيبة ضمانات جدية لنزاهة الانتخابات يجعلها غير ذات جدوي ومن الأفضل مقاطعتها‏.‏
وكيف ينساق سياسيون يدعون إيمانهم بالديموقراطية والليبرالية وراء جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ ويقفون وراء المرشد العام الذي وقف ليعلن خطة التغيير السياسي في مصر؟
إحدي الاجابات المناسبة علي هذا السلوك أن هذا الموقف ونعني التحالف علانية مع جماعة تدعي احتكار الدعوة للإسلام ومشروعها السياسي إقامة دولة دينية علي أساس مبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية إنما هو تغيير عن سياسات اليأس لهؤلاء السياسيين‏.‏
فريق منهم ليسوا أعضاء في أحزاب سياسية معارضة‏,‏ ولكنهم يبحثون بداية عن دور يلعبونه ويتيح لهم أن يظهروا في وسائل الإعلام‏,‏ وكأنهم زعماء سياسيون كبار من زعماء المعارضة‏,‏ مع أنهم لا في العير ولا في النفير بحسب التعبير التقليدي‏!‏
هم شخصيات ليس لهم أي ماض سياسي‏,‏ ولم يعرف عنهم من قبل اهتمامهم بممارسة السياسة‏,‏ ولكنهم قفزوا فجأة إلي الساحة السياسية وعلا صوتهم‏,‏ وشكلوا جمعيات سياسية معارضة تضم كلا منها أعدادا قليلة من الناس‏,‏ ولكنهم مع ذلك ملأوا الدنيا صخبا وضجيجا‏!‏
غير أنه كان من بين حضور هذا الاجتماع الذي دعا إليه المرشد العام للإخوان المسلمين رئيس حزب الجبهة الديموقراطية‏,‏ وهو حزب ليبرالي جديد يمثل أملا في تجديد دماء الليبرالية المصرية‏,‏ ولذلك رحب بنشأته عدد كبير من المثقفين‏.‏
غير أن الحزب مر بأزمات عنيفة دارت حول من يكون رئيس الحزب‏,‏ أدت إلي استقالة عدد من رموزه الكبيرة‏.‏ إلا أنه واصل مسيرته بقيادة مثقف وباحث مرموق هو الدكتور أسامة الغزالي حرب‏,‏ والذي كان رأيي منذ البداية أنه الأولي أن يكون أول رئيس للحزب‏,‏ بحكم أنه صاحب فكرته وبذل مجهودات كبيرة في تأسيسه‏.‏
استقر الأمر لرئيس حزب الجبهة الديموقراطية‏,‏ وانتظرنا أن يسهم بإيجابية وفعالية في الممارسة الديموقراطية‏,‏ وانضم إلي تحالف أحزاب المعارضة‏.‏
غير أننا فوجئنا بأنه يدعو لمقاطعة الانتخابات البرلمانية متحالفا في ذلك مع المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير‏,‏ التي انشقت عن رئيسها السابق الدكتور البرادعي‏.‏
وأكثر من ذلك أن وفدا تشكل لزيارة الأحزاب السياسية المعارضة لدعوتها لمقاطعة الانتخابات مادامت ليس هناك ضمانات لنزاهتها‏.‏
وهذه في الواقع أغرب دعوة يمكن أن تصدر عن حزب سياسي‏,‏ بل إنها في الواقع دعوة مناقضة للديموقراطية‏!‏
وذلك لأن المبدأ الرئيسي في كل بلاد العالم أنه ليست هناك ديموقراطية حقيقية بغير أحزاب سياسية‏.‏
ومعني ذلك أن حركات السياسيين المستقلين التي تعددت وتكاثرت في الحقبة الأخيرة‏,‏ والتي يظن منسقوها أنها يمكن أن تقود التغيير في مصر متجاهلة في ذلك أحزاب المعارضة الشرعية‏,‏ وهم باطل لا أساس له‏!‏
ولنلق نظرة مقارنة علي النظم الديموقراطية في العالم‏.‏ أساس الحركة هي الأحزاب السياسية وليس المستقلين‏.‏ صحيح أن المستقلين من السياسيين موجودون في ساحة أي مجتمع ديموقراطي‏,‏ ولكن وجودهم هامشي وتأثيرهم ثانوي‏.‏ وذلك لأن الأحزاب السياسية صاحبة التوجهات الايديولوجية المختلفة والتي تنعكس في برامجها السياسية‏,‏ هي ملح الديموقراطية إن صح التعبير‏!‏
ويمكن القول إن الانتخابات البرلمانية الدورية تمثل فرصة ممتازة للأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها الايديولوجية‏,‏ لكي تعرض برامجها الحزبية علي الجماهير‏,‏ وتدرب كوادرها الشابة علي ممارسة الديموقراطية بشكل عملي ملموس‏,‏ وترشح عددا من أعضائها في الدوائر الانتخابية المختلفة‏.‏
قد يقال إن اشتراك الأحزاب السياسية المعارضة في غيبة ضمانات جدية لنزاهة الانتخابات يجعلها غير ذات جدوي ومن الأفضل مقاطعتها‏.‏
غير أن هذه الحجة التي تبدو وجيهة ظاهريا تفقد مصداقيتها‏,‏ لأن أساس عمل أي حزب سياسي ينبغي أن يكون هو النضال لتغيير الأوضاع الخاطئة‏,‏ ونزول الأحزاب السياسية المعارضة للانتخابات من شأنه أن يجعلها تخوض معركة سياسية في سبيل إعلان مبادئها ومحاولة اجتذاب الجماهير إلي صفها‏.‏
ويمكن لأحزاب المعارضة أن تطالب مؤسسات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات وأن تبذل جهودا حقيقية للفوز في الدوائر التي لها فيها مرشحون‏.‏
غير أنه اذا تركنا موضوع مقاطعة الانتخابات جانبا‏,‏ وهي مسألة علي كل حال ليس عليها إجماع حتي الآن من أحزاب المعارضة‏,‏ فإنه يبقي السؤال كيف تقبل أحزاب سياسية تدين بالديموقراطية‏,‏ وبعضها يرفع رايات الليبرالية عالية خفاقة وأن تنضوي تحت عباءة الإخوان المسلمين‏,‏ وتقبل أن يقف المرشد العام للجماعة متحدثا باسم المعارضة ككل؟
ومن المؤكد أن هذه الأحزاب السياسية المعارضة‏,‏ ومن بينها حزب الجبهة الديموقراطية وحزب الوفد الذي أثارت زيارته للمرشد العام للإخوان تساؤلات متعددة حول دلالاتها‏,‏ يعرف قادتها تمام المعرفة تاريخ حركة الإخوان المسلمين‏.‏
وهذه الحركة منذ نشأتها عام‏1928‏ علي يد الشيخ حسن البنا رحمه الله دخلت في صراعات عنيفة مع كل الأنظمة السياسية المصرية‏,‏ علي تباينها واختلافاتها الإيديولوجية الكبري‏!‏
دخلت في صراع مع النظام الليبرالي الملكي في عهد الملك فاروق‏,‏ بعد أن اغتالت بعض عناصرها النقراشي باشا رئيس الوزراء والمستشار الخازندار وتم حل الجماعة‏,‏ ثم اغتيل الشيخ حسن البنا بطريقة غامضة‏.‏
وبعد ذلك دخلت الجماعة في صراع بالغ الحدة والعنف مع نظام ثورة يوليو‏1952‏ بقيادة الرذيس جمال عبد الناصر‏,‏ وتم حل الجماعة للمرة الثانية‏,‏ وأهم من ذلك حوكم عدد من قادتها البارزين‏,‏ وعلي رأسهم سيد قطب رحمه الله بتهمة إعداد انقلاب سياسي علي الحكم وتم تنفيذ عقوبات الإعدام علي بعضهم‏.‏
وحين جاء الرئيس السادات للحكم فتح الأبواب لقادة الجماعة الذين كانوا قد هاجروا من مصر‏,‏ وعادوا وباشروا نشاطهم وأصدروا مجلة الدعوة مرة ثانية‏.‏
ثم ما لبثوا أن تصارعوا مرة أخري مع الرئيس السادات‏.‏
وفي عهد الرئيس مبارك دخلوا مع النظام أيضا في صراعات متعددة‏.‏
وتفسير هذه الصراعات المتعددة في مراحل تاريخية شتي ومع نظم سياسية مصرية لها توجهات مختلفة تمام الاختلاف‏,‏ يتمثل في أن مشروع جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها هو مشروع انقلابي يهدف إلي استعادة الخلافة الاسلامية التي سقطت‏,‏ من خلال الانقلاب علي الدول المدنية باعتبارها نظما علمانية تطبق التشريع الوضعي وليس الشريعة الاسلامية‏.‏
والإخوان المسلمون الذين يتحالفون اليوم مع أحزاب سياسية ليبرالية تتمثل استراتيجيتهم في إقامة الدولة الدينية‏,‏ كما عبر عن ذلك مشروعهم لإنشاء حزب سياسي‏,‏ والذي وزعوه علي مجموعة من المثقفين المصريين منذ سنوات‏.‏
وقد جاءت في المشروع نص صريح بضرورة إنشاء مجلس أعلي للفقهاء تعرض عليه قرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها في غيبة البرلمان‏,‏ وكذلك قرارات المجالس النيابية لإقرارها‏.‏
ومعني ذلك اعتراف صريح من الجماعة بأن مشروعهم السياسي يقوم علي أساس إقامة دولة دينية مصر‏!‏ يشرف علي إدارتها مجموعة من الفقهاء‏.‏ أي ببساطة تطبيق مبدأ ولاية الفقيه علي الطريقة السنية‏!‏
ويبقي السؤال كيف يمكن لأحزاب سياسية ديموقراطية أن تتحالف مع جماعة تدعو لتأسيس دولة دينية علي أنقاض الدولة المدنية المصرية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.