ذكرت سامية محرز استاذة الأدب المقارن وعضو لجنة تحكيم جائزة الكاتب العالمي نجيب محفوظ أن أطلس الرواية الأوروبية1800 1900 لفرانكو ميروتي كان مصدر الهام كبيرا وكان وراء قيامها بتقديم كتابها الأطلس الأدبي للقاهرة. وأضافت أن المكان والجغرافيا ليسا مجرد اطار ومحتوي وليسا مجرد صندوق يحدث في إطاره التاريخ الثقافي وانما هو قوة نشطة تعد منطلقا للعمل الأدبي ويمهد له ويعمل ويمارس دوره في تشكيله ويرسم أعماقه ويربط بين الجغرافيا والأدب بشكل ضمني ثم يرسم ابعاده وحدوده كخريطة دقيقة بأن تجعل رؤيتنا له تسمح بتحديد بعض العلاقات ذات الدلالة والتي تنأي بجانبها عنا حتي الآن. وقالت محرز أنه بالرغم من الاختلافات بين عمل ميروتي وكتابها إلا أن ما قدمه ميروتي حول أطلس الرواية الأوروبية يظل علي الأقل دليلا علي ما يجمع بيننا بشأن الجغرافيا الأدبية والتي وضعها كطريق وكوسيلة لقراءة العمل الروائي وأضافت أن الجغرافيا الأدبية تمارس التغيير في قراءة الفضاء الذي تتشكل فيه الرواية بالرغم من أن أطلس ميروتي جمع بين الفضاء والجغرافيا في أعمال وأدب باريس لبلزاك وانجلترا لأوستين ولندن لتشارلز ديكنز وبين الأدب في جغرافيا( المكتبات وتوزيع العمل الأدبي عبر الفضاء وبين الاخرين وقالت محرز أن كتابها يربط القاهرة كفضاء في العمل الأدبي وأنه مثل عمل ميروتي يدرك ويفهم الجغرافيا الأدبية كوسيلة لطرح أسئلة جديدة والبحث عن اجابات جديدة لتلك الأسئلة. وأوضحت انه في الحقيقة أن الجغرافيا الأدبية تقدم أدوات تحليلية والتي تحلل النص بوسيلة غير عادية وتركز علي أبعاده كما فعل ميروتي وحيث ان القضية الحقيقية للتاريخ الأدبي هي المجتمع والبلاغة وتفاعلهما. وقالت ان العلاقة بين الأدب والجغرافيا والكتاب والروائيين والفضاء رصدها الأديب والروائي جمال الغيطاني ووصفته بأنه واحد من أهم وأكبر أدباء مصر ومهندس العمارة الأدبية للقاهرة حيث قال الغيطاني أن الكتابة مرتبطة بشكل أساسي بالمكان المحدد بها وبالتاريخ وماضي هذا المكان والتركيز علي العصر الذي حدثت فيه تلك الكتابات ومسار هذا العصر وان العلاقة بين الفضاء والمكان والتاريخ راسخة وأن المكان يتضمن الزمان لأنه يذكرنا بأحداث معينة في وقت محدد. وقالت محرز أنه لهذه الأسباب فإن العلاقة بين الروائيين والكتاب والمكان ذات أهمية بالغة لأن المكان يحوي الزمان والتاريخ والمجتمع والعلاقات الانسانية. ووصف رونالد بارسيز المدينة كخطاب وأن هذا الخطاب في حقيقته لغة وأن المدينة تتحدث لسكانها وأنا نتحدث مع مدينتنا التي نعيش فيها ومن ثم فالمدينة ليست فقط خطابا ولغة بل أنها تتحدث لسكانها والمدينة ليست فقط مكانا ماديا حيث يعيد الروائيون انتاجه ولكن المدينة كمبني قائم يواصل سكانها اعادة ابداعه وفي هذه الحالة يتوافق الكتاب والأدباء مع الخبرات الشخصية التي يواجهونها وفي هذا تبرز المدينة كطرف فاعل في وكالة حقيقية والتي تعمل علي صياغة وتشكيل القوة والسلطة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعملياتها الرمزية. وفي هذا الصدد يأتي الروائيون ليعكسوا واقع المدينة في أعمالهم وليقوموا بدور مهندسي التاريخ في اعمال تعيد تشكيل ووضع خريطة جديدة للمدينة بالرغم من تقديم الكتاب نفس معالم المدينة التي يعرفها الجميع لكن يظل المعيار هو زمن ومكان تقديم تلك المعالم. وقال محرز انه مع سيطرة الاتجاه الواقعي علي الأدب العربي بشكل عام والأدب المصري بشكل خاص فإن القاهرة كمدينة تاريخية أو كعاصمة كزومبوليتانية عالمية مكان حقيقي ورئيسي لأعمال أدبية وروايات القرن العشرين وأنه خلال القرن الأخير كانت القاهرة نموذجا سريعا للتوسع المادي يتعدي معالمها التاريخية الاسلامية. وقالت محرز في كتابها الصادر عن الجامعة الأمريكيةبالقاهرة ان الأطلس الأدبي للقاهرة هو عمل أدبي غير مسبوق يعيد تشكيل القاهرة من رؤية الفرنسي اندريه ريمون بشأن اختيار الاعمال الأدبية التي تقدم طبوغرافيا أدبية للتاريخ السياسي والحضاري والثقافي الاجتماعي لمدينة القاهرة خلال القرن العشرين والتي تمثل أجيالا عديدة في أعمال كتبت بالعربية وبالانجليزية والفرنسية ليست ككتابات سياحية بل أعمال روائية وادبية من جانب أدباء قطنوا فيها مثل ثلاثية الكاتب العالمي نجيب محفوظ التي علق عليها جمال الغيطاني أن نجيب محفوظ مزج بشكل واع الاماكن الحقيقية في منطقة الجمالية بشوارع موجودة فقط في خياله ومن ثم أصبحت الثلاثية مزجا بين الحقيقي والخيالي ومن ثم كانت خريطة جديدة خيالية تتكون من عناصر حقيقية قد تختلط علينا وأعطي نجيب محفوظ لنفسه الحرية في مزج الحقيقي بالخيالي في مدينة يعاد تشكيلها بما تتناسب وبما تخدم شخصيات الرواية ويتركز الفصل الأول علي القاهرة الاسلامية وتمثلها عيسي بن هشام للمويلحي وطفولة الحارة لنجيب محفوظ ورواية خيري شلبي عن القاهرة الفاطمية. وخان الخليلي لنجيب محفوظ وحمام الملاطيلي لاسماعيل ولي الدين ورؤوس قد اينعت لمحمود الورداني وقنديل أم هاشم ليحي حقي ومصر الجديدة لمي التلمساني وأيام المنيرة لمحمد جلال قطعة من أوروبا لرضوي عاشور والزمالك لشفيقة الحمامصي وزقاق المدق لمحفوظ وسارق الفرح لخيري شلبي وشرف لصنع الله ابراهيم وابتسامات القديسين لابراهيم فرغلي المقعد الأخير في قاعة ايوارث لمي خالد والحي السابع لنعيم صبري ولصوص علي المعاش لحمدي ابوجليل. ويركز الفصل الثاني علي الأعمال والروايات التي ترصد المعالم الرئيسية للقاهرة مثل تاكسي لخالد الخميسي وعشاق فاشلون لايهاب عبدالحميد والباذنجة الزرقاء لميرال الطحاوي ويوم قتل الزعيم لنجيب محفوظ ويرصد الفصل الثالث الأماكن الخاصة التي عكسها أدباء وروائيون في أعمالهم مثل قصر الشوق لنجيب محفوظ وعمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني وذات لصنع الله ابراهيم وجريمة في برج السعادة لمحمد توفيق ويرصد الفصل الرابع الشوارع التي شهدت أحداثا سياسية وتاريخية لاتنسي ويتعمق الفصل الخامس في أعماق القاهرة والعوالم السفلي لها ويركز الفصل السادس علي ثقافة الادمان والعلاقة بين الأدب والمخدرات.