أرفف خاوية وقطعة وحيدة أو اثنان علي الأكثر من كل سلعة هي حالة محال عمر أفندي العريقة, بعد إصدار الحكم النهائي ببطلان بيع90% من أسهم الشركة لرجل الأعمال السعودي جميل القنبيط وبطلان تخصيصه وإعادته للدولة في أغسطس الماضي. منذ صدور الحكم وتنفيذه لم يتم ضخ أية بضائع جديدة للمحال يقول أحد العاملين بفرع ميدان روكسي. يقف وسط أرفف خاوية ويحث كل زبائنه علي الشراء لأنها فرصة لن تتكرر فمن يعلم متي تأتي البضائع الجديدة وبأي سعر ستباع. يقول الموظف إن الحكم بعودة عمر أفندي للدولة كان حدثا جيدا لكن إذا استطاعت الدولة الاستفادة من المحال كما كان يستفيد منها المستثمرون. لا يختلف حال فرع روكسي المكون من عدة طوابق كثيرا عن فرع شارع شريف الممتد بعرض إحدي العمائر القديمة, والذي كان مقسما بين قسم للبضائع المصرية يقف فيه قدامي الموظفين وقسم آخر للبضائع المستوردة يديره شباب أكثر تدريبا وأناقة, فالبضائع الموجودة محدودة ولا تتجدد ولا أحد يعلم موعد ضخ أموال جديدة تحيي شركة عمر أفندي. الأصول الثابتة لمحال عمر أفندي وحدها تمثل ثروة كان لابد أن تستعيدها الدولة بعد أن بيعت بثمن بخس يقول الباحث الاقتصادي رضا عيسي, مضيفا أن وجود عمر أفندي فرصة لتعزيز دور القطاع العام في ضبط الأسواق ومحاربة غلاء الأسعار. يستعين الباحث عيسي بكل محاولات وزارة التموين في ضبط الأسعار بقرارات علي الورق وتسعيرات وهمية لا يمكن تطبيقها في السوق كدليل علي فشل القرارات الإدارية وحدها في ضبط السوق, ويتساءل: لماذا لا تتعامل الدولة مع عمر أفندي بنفس الطريقة التي يتم إدارات الهايبر ماركت التي تؤجر أرففها للموردين مثلا. يقول عيسي: كانوا زمان يقولون إن الدولة تاجر فاشل, لكن وعلي مدار سنوات طويلة أشعل فيها القطاع الخاص الأسعار ولم يحل أزمات البطالة أو انخفاض معدلات التنمية اكتشفنا أن القطاع الخاص أيضا فاشل. ويستدل عيسي بعدد من الأرقام في تقارير منتدي دافوس العالمي التي تؤكد فشل القطاع الخاص فشلا ذريعا مثل مستوي قدرة رجال الأعمال في تدريب العمالة والتي وصل فيها ترتيب مصر إلي130 بين دول العالم. ويضيف أن حجة أن الدولة تاجر فاشل قد تقودنا في بيع قطاع الشرطة والاستغناء عن كافة القطاعات العامة. ويري عيسي أن عودة عمر أفندي للدولة مرة أخري فرصة لإعادة الاعتبار للتنافس الإيجابي في السوق المصرية بين شركات ملكية عامة وخاصة وتعاونية, ويؤكد أنه تم إعدام شركات القطاع العام والتعاوني في عهد مبارك لصالح من سماهم بحزب الفساد والذي لم يثبت كفاءة في أي شيء. ويستعيد عيسي بالإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في أيام الأزمة المالية حيث قامت بشراء أسهم شركة جنيرال موتورز إنقاذا للوضع ويقول: لم يقل أحد أن هذا تأميم, نريد أن تقوم الدولة بإجراءات مشابهة لإنقاذ المستهلك من السرقة والنهب. ويري عيسي أن إلقاء اللوم علي العمال والموظفين مرفوض إذ أن الإدارة سواء كانت خاصة أو عامة لم تقم بتقديم التدريب الملائم أو الدعم أو حتي تستخدم أساليب الإدارة المحترفة لتعود وتلقي اللوم علي العمال. وكانت المحكمة قد استندت في حكمها إلي أن من ضمن الضوابط التي وضعتها اللجنة الوزارية للخصخصة في1 يناير2001 وجوب أن يكون تقييم الشركة علي أساس القيمة الحقيقية, وأن يقتصر البيع علي غير الأراضي ولكن الثابت أن التقييم جري بطريقة القيمة الحالية للتدفقات النقدية, وهو ما ترتب عليه البيع بسعر بخس وما يظهر ثمة إهدار للملكية العامة التي يدخل في نطاقها أسهم90%, حيث إن التقييم الذي أعدته اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للتجارة رقم136 لسنة2005 انتهت فيه إلي أن قيمة أصول الشركة مليارا و289 مليون و221 ألف جنيه, ومع ذلك تم بيع الأسهم ب589 مليونا و410 آلاف جنيه فقط, وهو ما يعدم عملية البيع. رابط دائم :