جاءت الإضطرابات الأخيرة بجنوب السودان لتكشف المزيد من القبح في الوجه الغربي عامة والأمريكي بصفة خاصة, إذ قاتل الغرب علي مدار عقود ليقيم دولة صناعية قسمت بها جنوب السودان الشقيقة, مستغلا بعض الظلم الذي وقع علي أبناء الجنوب, لكي يأتي بحكومة موالية له, هذه الحكومة استهدمت نفس النهج الذي أسفر عن الاضطرابات الحالية, لتعود واشنطن من جديد لتشعل مزيدا من التوتر بإرسال قوات تقول وسائل إعلام غربية أن واشنطن تستخدمها للتدخل في شئون الدول الإفريقية لمزيد من نهب ثرواتها. حيث ذكر مركز جلوبال ريسرش الكندي أن الولايات المتحدة انتهجت سياسة التدخل في النزاعات الدولية عقب حرب فيتنام بشكل غير مباشر بعد أن واجهت هزيمة عسكرية مذلة علي يد القوات الفيتنامية وبدأت في ممارسة الأساليب السرية لإثارة الانقلابات وتغيير الأنظمة. والتي كانت تتم من خلال تدمير أنظمة الدولة العسكرية والشرطة والإطاحة بالأنظمة التي تروج لسياسات وطنية مستقلة وتهدد الوجود الإسرائيلي وكان من أهم نتائج هذا الفراغ السياسي تعزيز القوة الإقليمية لإسرائيل موضحا أن واشنطن تقوم أولا بتحديد أولويات اختياراتها و تنويع أدواتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والبحث عن طرق جديدة للتدخل لتجنب الحروب المكلفة علي المدي الطويل مثل التدخل باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والشفافية وحماية مواطنيها وسفاراتها في المناطق الساخنة وهناك ما لا يقل عن أحد عشر صراعا رئيسيا أو ثانويا تنخرط فيهم أمريكا. وأشار المركز إلي أن واشنطن تري في القارة السمراء كنزا استراتيجيا هاما فهي تنتج نحو98% من الألماس الصناعي و93% من ألماس الزينة كما أن إنتاج أفريقيا من الذهب يبلغ80% من الإنتاج العالمي بالإضافة إلي أنها تمد العالم باليورانيوم العنصر الرئيسي لتصنيع القنبلة الذرية وعليه فإن إسرائيل وأمريكا متهافتة علي دارفور من أجل اليورانيوم والمعادن الموجودة فيها كما أن الثروة البترولية فيها تبلغ25% من الإنتاج العالمي, وتقوم واشنطن وتل أبيب بالعمل معا من خلال المؤسسات والمنظمات الخيرية وبأيد خفية علي تقديم دعمها للحركات المختلفة بالقارة والتي تهدد أمنها وسلامتها ومن أهم الخطوات التي تؤكد علي التعاون الأمريكي الإسرائيلي لاختراق القارة إرسال إسرائيل أحد وأهم خبرائها الاقتصاديين وهو ايلياهو لوتنسكي إلي جنوب السودان من أجل تقدير الاحتياطي البترولي فيها. ومن جانبها, رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن واشنطن قامت في السنوات الأخيرة بالتوغل في القارة السمراء حيث نشرت العديد من القواعد في جميع أنحاء القارة في عهد الرئيس أوباما وتتألف من عمليات مخابراتية, وإنشاء سجون سرية, وهجمات بطائرات هليكوبتر وطائرات بدون طيار, ولديها قوة للتدخل السريع في العمليات الخاصة في جمهورية إفريقيا الوسطي وجنوب السودان, وجمهورية الكونغو الديمقراطية وخلال الأربع سنوات الماضية, أنفقت مئات الملايين من الدولارات لتسليح وتدريب قوات غرب إفريقيا لتكون بمثابة وكلاء لهم في القارة وقد أنفقت واشنطن من2010 إلي2012 نحو836 مليون دولار متمثلة في الدعم اللوجستي والعسكري للقوات الإفريقية. وقد استمرت الولايات المتحدة في تمويل الجيوش الإفريقية من خلال ما يعرف بمنظمة أفريكوم وعقب انهيار مالي في عام2012, قامت وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمنح المنظمة ما يقرب من52 مليون دولار في حين منحها البنتاجون نحو46 مليون دولار ومن أهم النقاط الحيوية للولايات المتحدة في دول القرن الإفريقي في خليج ماندا وجاريسا ومومباسا في كينيا وكمبالا وعنتيبي في أوغندا, وبانجي في جمهورية أفريقيا الوسطي ونزارا في جنوب السودان ودير داوا في إثيوبيا. وكشفت مجلة بوليسي ميك أن وزارة الدفاع الأمريكية تدير سلسلة من الحملات الجوية من المطارات والقواعد في مختلف أنحاء القارة بما في ذلك مطار أربا مينش في إثيوبيا ونيامي في النيجر وجزر سيشل في المحيط الهندي, وتدير بعثة مراقبة للطائرات من عنتيبي في أوغندا, والموقع البالغ الأهمية في واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو, مؤكدة أن الجيش الأمريكي يستخدم سيدار سنجور ليوبولد المطار الدولي في السنغال للتزود بالوقود وهناك صفقة مماثلة لاستخدام مطار بولي الدولي في إثيوبيا حيث أن الجيش الأمريكي لديه الآن اتفاقات لاستخدام المطارات الدولية في إفريقيا في29 مركزا, حيث قال بيرني سيبه المحلل في جامعة برمنجهام في بريطانيا أنه يتم التلاعب بشكل فاضح من قبل إدارة أوباما لتحقيق المصالح المحلية والسيطرة علي دول إفريقيا. وأوضحت المجلة أنه نتيجة للتدخل الأمريكي تتدهور الأوضاع إلي الأسوأ بسبب السيطرة والاختراق عبر استخدام العنف السياسي والقوة العسكرية والذي أدي إلي حمل الجماعات الإفريقية للسلاح ومنها جماعة بوكو حرام في نيجيريا من أجل احداث تغيير سياسي بعينه, حيث أن هذا التدخل أفرز حروبا أهلية وإقليمية وأعمال عنف مسلح في العديد من بلدان الإفريقية كما أن تدخلها يعمل علي صياغة المنطقة من الناحية الجيو إستراتيجية وإلي تقسيمها والذي أدي إلي زعزعة المنطقة أمنيا وسياسيا واقتصاديا وجعلتها منطقة تكثر فيها النزاعات والصراعات المحلية والإقليمية والدولية وهناك نحو65 ألفا من حوادث العنف السياسي في إفريقيا والتي شهدت زيادة حادة ابتداء من عام.2010 رابط دائم :