ما بين مريض يبحث عن بصيص أمل في الشفاء وتاجر يسلك كل الطرق إلي الربح السريع.. تجاوزت إعلانات الأدوية في الفضائيات والانترنت جميع الخطوط الحمراء.. وبينما يجعل الإعلان الفضائي في نوفاليكو الشفاء العاجل من الدوالي.. ونوبين قاهر الألم.. وايزي كويت الإرادة السحرية للاقلاع عن التدخين.. وشاي د. بنج طريق التخسيس والرشاقة.. وشايني لوك كلمة الوداع الأخيرة لتساقط الشعر.. نجد تحذيرات الأطباء والصيادلة بأن تلك الأدوية الفضائية بها سم قاتل في حين يشير صناع الدواء إلي أنها سبيل للربح بلا ضمير وينتقد البرلمان غياب تشريع رادع لها. أما وزارة الصحة فتراها غير آمنة ولا تطابق اشتراطات الصحة والسلامة ولم تفلح حملاتها المضادة في وقف ذلك البث وفشلت حملات الإعلام الصحي الرسمي المضاد في وقف البث الدوائي الفضائي المسموم. ووصف الدكتور عز الدين الدنشاري أستاذ الأدوية بجامعة القاهرة تلك الإعلانات بأنها تروج لأشياء لا أساس علميا لها وأن أصحابها يتلاعبون بآمال المرضي في الشفاء وصولا إلي أكبر قدر من الأموال وقال ما يحدث جريمة ينبغي معاقبة مرتكبيها بالسجن وليس الغرامة ومصادرة المنتج فورا من السوق. وكشف الدنشاري أن بعض تلك الأدوية التي يعلن عنها للتخسيس ثبت بعد تحليلها أنها عبارة عن كبسولات نشا ويتحمل منتجها قيمة العلبة والروشتة الداخلية مقابل بيعه بمئات الجنيهات. ويلاحظ الدكتور شوقي الحداد وكيل نقابة الأطباء أن معظم أدوية الفضائيات تقف وراءها قنوات دينية مثل الكوثر والناس وأنها تعتمد علي كثير من حالات اقناع المرضي علي رجل دين وقال في بعض الأحيان يقترن الإعلان بآيات قرآنية. ولفت إلي ضرورة أن تكون بوزارة الصحة لجنة لإجازة الدواء وشدد علي أن دور النقابة في مواجهة ذلك الخطر لا يتحرك إلا في حالة تورط أطباء فيه مشيرا إلي أنه في تلك الحالة يتم تقديم الأطباء للتحقيق أمام لجنة آداب المهنة. أما الدكتور محمود عبدالمقصود أمين عام نقابة الصيادلة فيري أن ما يحدث يصنف بأنه جريمة إلا أنه لاجسم لها وأشار إلي أن المنتجين يلجأون إلي محاولة تقليد بعض الأدوية خاصة المنشطات الجنسية بصورة دقيقة تجعل الشركة الأصلية المنتجة للدواء تعجز عن كشف التزوير وقال هذا التزوير يسبب ضررا نفسيا ومرضيا وماديا للمرضي إلا أنه برأ نقابته ووزارة الصحة من تلك الإعلانات وأكد أن مافيا من التجار والأطباء والصيادلة يقفون وراءها. واستبعد د. محسن شلبي رئيس إحدي شركات الدواء وصول القانون أو الحكومة أو جهاز حماية المستهلك إلي مافيا إعلانات الأدوية بالفضائيات وأرجع ذلك إلي أن90% من تلك القنوات مملوكة لغير المصريين علي حد قوله إلا أنه أعطي لوزارة الصحة سلاح العقاب الرادع في إلغاء تسجيل الدواء الذي يتم الإعلان عنه ولحماية المستهلك حق إلغاء التوكيل وما يترتب علي ذلك من إجراءات لحماية المرضي من النصب الدوائي الفضائي وضرب مثلا بقرار وزاري لوزير الصحة الأسبق د. إسماعيل سلام يعطي حق إلغاء التسجيل لأي دواء يتم الإعلان عنه في وسائل الإعلام دون تصريح ومصادرة الكميات المنتجة. وقال معظم أدوية الفضائيات تدخل مصر مهربة أو يتم تصنيفها من مواد خام مجهولة المصدر وتكون بعيدة عن الرقابة أو آليات مطابقتها لمواصفات الحفاظ علي الصحة, وطالب نقابة الأطباء بالتدخل وبرر ذلك بأن كثيرا من تلك الأدوية تكون مصحوبة بعبارة75% من الأطباء ينصحون بالاستخدام. أشار د. نادر المليجي عضو مجلس الشوري إلي أن وزارة الصحة مطالبة بالتدخل الفوري والحاسم ولفت إلي أن غالبية تلك الإعلانات تنتهي بعبارة بتصريح من وزارة الصحة ولأنه لا يوجد قانون رادع فلابد أن تتحرك الوزارة لإلغاء تصريحها وعمل خط ساخن لتلقي شكاوي المواطنين. ودعا د. محمد العماري وكيل لجنة الصحة بمجلس الشعب إلي تشريع جديد يقنن عقوبات مشددة لوقف ذلك الخطر بالحبس والغرامة والمصادرة وأن تتدخل الجهات الإعلامية بفرض ميثاق للشرف الإعلامي في هذا الصدد لخطورة الموقف ودلل علي ذلك بدواء يتم الإعلان عنه لعلاج فيروس سي الكبدي وثبت أنه يؤدي لسرطان الكبد بفحص مفتش تموين عولج به مشيرا إلي أن ما يحدث مع مرضي الكبد يتكرر مع حالات العقم والبدانة والنحافة. وترجع الدكتورة سامية الجندي العميد السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر ما يحدث من اقبال علي تلك الأكاذيب إلي سلوك الموا طنين الذين يرغبون في الشفاء السريع أو التخلص من البدانة في أسبوع ومن تحلم بالرشاقة في10 أيام وهو ما يستغله القائمون علي تلك الفضائيات. أما الدكتور عبدالرحمن شاهين المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة فقال إن وزارته تحذر وتكرر تحذيرها من إعلانات الفضائيات وحركت العديد من القضايا ضد المتلاعبين بآمال المرضي في الشفاء دون جدوي. وقال شاهين:الحل في الإعلام المضاد لأنه الرادع الوحيد من خطورة تلك الأدوية لأنها غير آمنة وآثارها قاتلة, وأشار إلي أن الإعلام المفتوح يستغل متاعب الناس وأمراضهم في بيع الوهم وأن الفضائيات تتحدي كل القوانين والأعراف وتلجأ إلي دمج الدين بأدوية الوهم وتحول موظف الفضائيات إلي طبيب وصيدلي ومنتج دوائي وإن الخطر أن الفضائيات هي التي ترعي توصيل الموت إلي المنازل!.