للسياسة أحكام, تنهار أمامها الشعارات والقيم والمبادئ, وتتضاءل بجانبها الأخلاق. وللساسة محطات رئيسية, وقرارات مصيرية تكشف نوايا الدول مهما حاول المسئولون إخفاءها. قراءة سريعة للعلاقات الإسرائيلية التركية, التي بدأت في مارس1949 باعتراف أنقرة وقت أن كانت ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة( بعد إيران) بالكيان الصهيوني المعروف بدولة إسرائيل, وكانت طهران قد سبقتها للاعتراف بها عام1948. ومن وقتها وإسرائيل مورد السلاح الرئيسي لتركيا, ومن وقتها والبلدان يحققان تعاونا مهما علي الصعيد العسكري والسياسي والاستراتيجي, ويتفقان علي الكثير من الاهتمامات والقضايا المتعلقة بالاستقرار في الشرق الاوسط, ولتذهب القيم الي الجحيم! تجاهل المسئولون الأتراك المسلمون منذ أن تحالفوا مع الصهاينة ودعموا وجودهم الحقائق التاريخية الدامغة بأن فلسطين التي احتلتها إسرائيل دولة عربية, وأنها كانت قبل ذلك جزءا من الإمبراطورية العثمانية انتزعتها عصابات شتيرن والأرجون والهاجاناه من أصحابها في أخس مؤامرة دولية علي بلد علي مر التاريخ. تجاهل أحفاد السلطان القانوني حقيقة أن فلسطين دولة إسلامية كانت وقتها تستحق الدعم التركي الذي منحته بكامل إرادتها لليهود. وفي عام1958 وقع دافيد بن جوريون وعدنان مندريس اتفاقية تعاون ضد النفوذ السوفيتي في المنطقة, وارتبطت الدولتان بعلاقات اقتصادية وعسكرية كبيرة, وأصبحت تركيا قبلة للسياحة الأولي للإسرائيليين! وفي1986 عينت الحكومة التركية قائما بالأعمال في تل أبيب ثم رفعت مستوي التمثيل في1991 إلي درجة السفراء, لترتبط بعدها مع الكيان الصهيوني في1996 باتفاقيات تعاون عسكري وقعه عنها رئيس الأركان التركي شفيق بير. شكلت الدولتان مجموعة أبحاث إستراتيجية, وقامتا عام1998 بمناورات بحرية مشتركة منها تدريب عروس البحر, وأخري جوية تحمل أسم اورتشارد, واستضافت أنقرة مستشارين عسكريين إسرائيليين في قواتها المسلحة, واشترت من إسرائيل العديد من الأسلحة وعهدت إليها بتحديث دباباتها وطائراتها. ثم وقعت معه2000 اتفاقية تجارة حرة مازالت سارية حتي اليوم. شهدت تلك العلاقات المتميزة جدا والمشبوهة جدا جدا توترات عقب تمثيلية أردوغان في المنتدي الاقتصادي العالمي بدافوس عام2009 إلا أن عادت لطبيعتها من جديد. هذا جانب من الصورة الحقيقية لتركيا العلمانية عضو حلف شمال الأطلنطي التي تحاول إيهام المسلمين بمشروع إحياء الخلافة الإسلامية, وهي تلهث من سنين طويلة لعضوية الاتحاد الأوروبي والانضواء تحت رايته ولو بترخيص الدعارة. [email protected] رابط دائم :