تركيا.. معادلة صعبة عسيرة علي الفهم, أو هي حالة مثيرة للتأمل والنقاش. فهي آخر دولة خلافة إسلامية وهي أيضا( رجل أوروبا المريض) الذي تعرض منذ وقت مبكر جدا لمؤامرة أوروبية كبري استغرقت عشرات السنين اقتسمت بموجبها بريطانيا وفرنسا أملاكه في آسيا وأفريقيا بعد أن قطعت أوصاله وحصرته في حدوده الحالية, ومع ذلك أبدت تركيا في وقت لاحق حرصا غير مبرر وسعت سعيا هائلا للانضمام لدول الاتحاد الأوروبي فيما رفضت بعض دول الاتحاد لا سيما فرنسا طلبها وبقوة.. ولم تشفع لها عضويتها المبكرة جدا في حلف شمال الأطلنطي الذي انضمت إليه في العام1952 بعد ثلاث سنوات فقط من تأسيسه في قبولها في الاتحاد الأوروبي رغم اضطلاعها بدور مهم وحيوي في حماية دوله من الخطر السوفيتي خلال الحرب الباردة, والآن تشكل خط الدفاع الأول عن دول الحلف والاتحاد معا للدفاع عنهما أمام ما يعرف بالخطر الإيراني. تركيا العثمانية التي انتزعت فلسطين العربية منها منتصف القرن العشرين في أخس مؤامرة عرفها العالم لتأسيس الكيان الصهيوني المعروف بدولة الاحتلال الإسرائيلية ربطتها بإسرائيل علاقات صداقة قوية وحميمة بلغت حدا من القرب جعلها قبلة الإسرائيليين السياحية الأولي ووصلت إلي أن تركيا اعتبرتها حليفا عسكريا مقربا تجري لديه عمليات صيانة وتحديث طائراتها ودباباتها وتجري معها التدريبات والمناورات العسكرية بشكل دوري!! ورغم ما اعتور تلك العلاقة من توتر بعد اعتداء إسرائيل علي أسطول الحرية الذي انطلق من الموانيء التركية في المياه الدولية لإجهاض محاولته كسر الحصارالإسرائيلي علي غزة, ورغم أن الدولة العبرية التي لم تقم أي وزن للعلاقة الخاصة التي تربطها بأنقرة ولم تعتذر لها حتي الآن عن تلك الاعتداءات التي راح ضحيتها تسعة مواطنين أتراك.. يتردد في وسائل الإعلام التركية والإيرانية حديث عن أن منظومة صواريخ باتريوت التي وافقت ألمانيا علي تزويد تركيا بها للتصدي لأي هجوم سوري محتمل في ظل توتر الأوضاع بين الجارتين المسلمتين تهدف لحماية إسرائيل من أي هجوم صاروخي إيراني محتمل علي إسرائيل وهو الكلام نفسه الذي تردد عندما نشرت الولاياتالمتحدة راداراتها المتطورة في شرق تركيا لرصد صواريخ طهران المحتملة قبل وصولها لإسرائيل! تركيا ذات التوجه الإسلامي, المنضوية في حلف شمال الأطلنطي منذ ستة عقود, والمنتمية لأوروبا بحكم الموقع الجغرافي, والمرتبطة بعلاقات حميمة بإسرائيل وإن شابها بعض التوتر, والتي تسعي الآن لتوطيد علاقاتها بالمنطقة العربية لتحقيق مصالح اقتصادية.. ما هو انتماؤها الحقيقي بالضبط؟