بندول السياسة الأمريكية هو الذي يحدد السياسات العالمية في المدي القريب والبعيد- سواء اختلفنا أو اتفقنا مع السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط- فهو البلد صاحب أكبر اقتصاد في العالم ويمتلك عملة الاحتياطي العالمي الوحيدة وصاحبة أكبر قوة عسكرية لمدة غير معلومة وصاحبة السبق التكنولوجي الذي يسبق الآخرين بدرجات حتي لو بدت معالم منافسة من قوي صاعدة بقوة مثل الصين. وقبل عامين, أصدر مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي تقريرا لاستشراف مستقبل العالم في عام2025 دون أن يقدم تفسيرات معمقة حول ما يمكن أن ي وتقول المقدمة إن الورقة جاءت في ضوء طلب من مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي لإجراء تحليل لمشروع تقرير الاتجاهات العالمية2025 حيث طالبت بالإجابة علي أسئلة محددة تخص الآثار المترتبة علي سياسة الولاياتالمتحدة, سواء الآجل منها, أو الفوري. وتركز هذه الورقة علي تلك القضايا في المدي الطويل بما في ذلك مقترح السياسات في ظل غياب مساع جادة لبحث شكل العالم عام.2025 يأخذ هذا التحليل تقرير وثيقة الاستخبارات الوطنية الأمريكية كنقطة انطلاق, وهو يركز علي القضايا التي سوف تشد انتباه العالم في2025 عبر وضع السياسات الحالية أمام عدد من الخيارات الأخري. علي سبيل المثال, بعض السياسات قد تكون مناسبة لعام2025 وهي أيضا صالحة اليوم, ومنها رؤية لعالم متعدد الأقطاب في عام2025 والأطراف الفاعلة عبر الحدود الوطنية التي يتوقع أن تنمو أكثر من اليوم بكثير, كما تنطوي الرؤية المستقبلية علي تحديد أسلوب القيادة الممكن للولايات المتحدة اتباعه بشكل واضح في وجود دول كبري أخري اعتمادا علي صياغة' نهج المصالح الخاصة'. ويبدو أن هذا هو أسلوب القيادة العالمية الأفضل الآن, خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية. كما يحدد التقرير الجديد الرؤية إزاء الصين في2025, التي واصلت النمو الاقتصادي وصارت تستحوذ علي حصة متزايدة في التجارة الدولية ويدعو التحليل الولاياتالمتحدة, سواء الآن أو في المستقبل, إلي اتباع سياسة من شأنها أن تستوعب صعود الصين لتوجيهها نحو' ارتباطات بناءة' مع كل من الولاياتالمتحدة والمؤسسات الدولية. والدافع وراء تحليل المستقبل هو تعقيدات المشاكل الحالية علي نحو خطير في محاولة لإعادة تكوين الصورة من جديد لخدمة المستقبل. علي سبيل المثال, في أفغانستان وباكستان لا توجد خيارات جذابة طرحها مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي, في الدراسة السابقة, وتري دراسة' راند أن توقعات الحاضر والمستقبل مبنية علي خطأ حيث التوقعات تركز علي النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات الخصوبة, وانخفاض شريحة الشبان العاطلين عن العمل التي تصيب الأقطار الفقيرة. ومن القضايا التي يركز عليها العالم في المدي الطويل, من حيث ضرورة التحرك بشكل مختلف الآن. ففي قضية تغير المناخ والطاقة هناك غياب حقيقي للرؤية المستقبلية, والسياسة الحالية لا تفيد كثيرا. فالوصول إلي تخفيض هائل لانبعاثات الغازات بغرض وقف ارتفاع حرارة الأرض أحرز تقدما بالفعل لكنه لا يكفي حيث صعبت الأزمة الاقتصادية من الوصول إلي اتفاق علي إطار تنظيمي دولي مع رفع أسعار النفط, والفوائد غير المحددة من تقليل الانبعاثات ويشهد علي ذلك رفض الكونجرس الأمريكي التوقيع علي بروتوكول' كيوتو' في ديسمبر عام1997, وهذا يعني أن الولاياتالمتحدة سوف تحتاج إلي التركيز كثيرا علي التكيف وعلي الحد من الانبعاثات في اختلاف كبير عن السياسات الحالية. كما أن ظاهرة التغير المناخي تنذر بتغير في النظام الاجتماعي والسياسي. علي سبيل المثال, الهجرات الجماعية بعيدا عن المناطق الساحلية المعرضة للخطر إلي مناطق ربما غير مهيأة لاستقبالهم. التعامل مع هذا سيتطلب توسيع نطاق التعاون الدولي لتخفيف العبء في المدي القصير, وأبعد من المدي القصير, وتحفيز التغيرات التكنولوجية, إلي جانب وسائل جديدة. الأزمة المالية الأسئلة علي المدي الطويل بشأن الأزمة الاقتصادية هي: ما اذا كانت الولاياتالمتحدة, في ظل المرونة الاقتصادية التي تتمتع بها, سوف تظهر عاجلا أفضل من بلدان أخري خاصة بعد كم التشويه الذي سوف يلحق بقواعد' السوق الحرة' والمثل العليا التي تحكمه, وبالتالي يمكن أن تصبح الحكومات أكثر انخراطا في إدارة اقتصاداتها والقطاع المالي وطبيعة المؤسسات الوطنية والدولية التي ستتعامل مع التغيير الجديد لقواعد اللعبة. ويقول التقرير إن المصالح علي المدي الطويل لا تتطلب سياسات مختلفة, علي نحو فوري, لكن الخطر هو أن' سياسة الأزمة' لن تؤدي إلي تحول سريع في السياسة عندما يحين الوقت للقيام بذلك. وجدول الأعمال الفوري للحكومة الأمريكية تهيمن عليه عملية الإنقاذ الواسعة للقطاع المالي وخطة الإنقاذ, وتصور طرق وقف العجز في الميزانية الامريكية الذي ارتفع إلي نطاق لم يسبق له مثيل, علي الأقل من حيث القيمة الاسمية. ومع ذلك, يقول التقرير إن هناك أزمة فورية تتمثل في حاجة الولاياتالمتحدة إلي نهاية' الطفرة الاستهلاكية الطويلة المدي' ورفع مجموع مدخرات الأسر والشركات والحكومة( ما بين4-6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي), والقيام بذلك في المعركة ضد الركود الذي طال أمده وحالة الانكماش الاقتصادي سيكون اختبارا لمتانة الاقتصاد في الولاياتالمتحدة. ومع ذلك, فإن التحدي الأصعب سيظل سياسيا. وتحقيق الانضباط المالي يتطلب بداية للتفكير في مصادر جديدة للايرادات, مثل فرض ضريبة القيمة المضافة, والإجراءات الخاصة, مثل سلطة المسار السريع للموافقة علي اتفاقات التجارة أو اجراءات لاغلاق قاعدة عسكرية خارجية وكلها ستكون مثار جدل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ثورة التكنولوجيا العسكرية في المدي الطويل ستكون اتجاهات الانتشار النووي وظهور أسلحة دقيقة التوجيه محل نقاش كبير رغم من أن هذه الأسلحة لم تتوافر من قبل. ويقول التقرير إن مرحلة الحرب في العراق كانت ناجحة بشكل مذهل لشبكات وأجهزة الاستشعار وقوة النيران, في حين أن تكنولوجيا ما بعد عام2003 ساهمت في مكافحة التمرد وتمكين أكبر للضربات القاسية علي قادة تنظيم القاعدة وهو ما أعطي الولاياتالمتحدة ميزة. ومع ذلك, هناك خصوم محتملون للولايات المتحدة مثل حزب الله هم مجهزون أفضل من المسلحين في العراق أو أفغانستان لمهاجمة المدرعات والقوات الجوية. ويضيف: شئنا أم أبينا, فإن التهديدات الموجهة من الذخائر الدقيقة التوجيهPGMs يعني أن الولاياتالمتحدة ببساطة لن تكون قادرة علي التحرك والتركيز وتجميع القوات بالطريقة نفسها التي قامت بها في العراق. القضاء علي التهديد النووي يقول التقرير إن مصلحة الولاياتالمتحدة في المسألة علي المدي البعيد هي القضاء علي الأسلحة النووية. ومن شأن عالم خال من الأسلحة النووية في مصلحة أمريكا, لأسباب ليس أقلها أنه تخفيف بعض القيود علي الولاياتالمتحدة التهديد أو استخدام الأسلحة التقليدية الذي يسود. بعد إلغاء وعدم الراحة حلفاء غير النووية, وكثير منها, مثل اليابان, ويشعر بالأمان بالتحديد لأن الولاياتالمتحدة لديها أسلحة نووية, ويمتد ذلك إلي الردع النووي الحلفاء. وعلاوة علي ذلك, لا يمكن أن تختفي المعرفة النووية, لذلك' عالم الصفر النووي' غير قابل للتحقق وحتي لو تحقق بعض الإحكام, سوف تبقي بعض الدول علي عدد قليل من الأسلحة سرا, وفي غضون أسابيع أو شهور ستتمكن من إعادة إنتاج الأسلحة. إن إلغاء النووي هو مسألة رمزية قوية, لكن القرارات من قبل الدول النووية تحركها حسابات الأمن القومي, وليس الرمزية. لذلك, وبطبيعة الحال سيكون مريحا علي المدي القريب أن تتابع واشنطن الخطوات الممكنة فيما يتعلق بحظر الإنتشار النووي. وقد تشمل التزامات التصديق علي الحظر الشامل للتجارب النووية, جنبا إلي جنب مع الصين, في التفاوض علي تخفيضات في الرءوس النووية مع الروس. إعادة صياغة القانون الدولي والمؤسسات العالمية المؤسسات والعمليات الدولية, التي تعكس تكوين سلطة الدولة لأكثر من60 عاما, هي غير ملائمة لسمات المستقبل. كل من القوي الصاعدة والقوي عبر الوطنية ممثلة تمثيلا ناقصا بشكل سيئ. ومع ذلك, يمكن أن تكون الضرورة هي أم الابتكار علي المدي الطويل, والأزمة الاقتصادية يمكن أن تزيد من فرص الإبداع الخاص بوضع ترتيبات متعددة الأطراف( مابين الدول والمؤسسات العالمية), أوالانفتاح من جانب الولاياتالمتحدة حتي علي الأفكار من الخارج: الشاهد علي ذلك ما يحدث من ترتيبات في إطار مجموعة الدول العشرين الكبري أو في تطورات نهج الولاياتالمتحدة في التعامل مع' الأصول' المالية السامة. ويوصي التقرير بالنظر في أسئلة تتعلق بمدي ضرورة تخلي الولاياتالمتحدة عن التدرج في الخطوات الجريئة لإعادة ترسيم المجتمع الدولي أو تبني التغييرات في القانون الدولي التي تعلي من شأن الأفراد وأن تنظر في التصديق علي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية, وليس رفضها, جنبا إلي جنب مع' مسئولية توفير الحماية' وينبغي أن تتدبر استبدال مجموعة السبعة أو الثمانية الكبار مع مجموعة أكبر, إلي حد ما, بما يعكس تحول السلطة والقوي الصاعدة في العالم وينبغي أيضا أن الخروج من هامش الحوار حول اصلاح الاممالمتحدة, ودفع عملية تغيير عضوية مجلس الأمن. كما يوصي التقرير بالنظر في تكوين' عصبة الديمقراطيات', وهي مجموعة أكثر رسمية للمضي قدما في ترسيخ قيم الديمقراطية, بصورة تعاونية وليس علي فوهة البندقية, والنظر في دور منظمة حلف شمال الأطلنطي. ويخلص التقرير المهم إلي أن الأسئلة الحرجة السالف ذكرها لا توجد إجابات واضحة عليها في المدي القصير- لدي صانع القرار الأمريكي- بفعل التراكم الكبير للمشكلات التي تحتاج إلي معالجة فورية بينما المستقبل يحتاج إلي نظرة عالمية مشتركة.. وربما يحدث ذلك لو خفت حدة الأزمة المالية وهدأت المواجهات مع الإرهاب في مناطق عديدة من العالم.