إسرائيل كدولة هي ظاهرة استعمارية خالصة, هي مجموعة من الغزاة الأجانب قاموا باغتصاب أرض لا علاقة لهم بها, دينيا, أو تاريخيا, أو عرقيا.. هكذا يتحدث الراحل العظيم الدكتور جمال حمدان في كتابه: استراتيجية الاستعمار والتحرير. يقول حمدان: عودة اليهود إلي فلسطين بالاغتصاب هي غزو, وعدوان غرباء, لا عودة أبناء قدامي.. أي استعمار بالمعني العلمي الصارم.. وبالتالي فإن إسرائيل تمثل جسما غريبا ودخيلا مفروضا علي الوجود العربي.. لا يمكن امتصاصها.. وحتي الآن لا يمكن لفظها.. وبين عدم القدرة علي الامتصاص وعدم القدرة علي اللفظ, فإن إسرائيل تبقي عنصر اضطراب وتهييج ومضاعفات سياسية. فهي بؤرة حرب كامنة, ومفجر صدام استعماري تحريري مسلح. ويواصل حمدان: إسرائيل استعمار طائفي بحت, دولة دينية صرفة, فهي تقوم علي تجميع اليهود, واليهود فقط, في جيتو سياسي واحد, ومن ثم فأساسها التعصب الديني, وهو شذوذ عن الفلسفة السياسية الحديثة التي لا تعترف بالدولة الدينية.. إنها تعيد إلي الحياة حفريات العصور الوسطي والقديمة, ومنطق العصور القبلية المتحجرة, وهي تفرض حربا دينية, وتبعث بذلك شبهة حروب صليبية جديدة, في شكل حروب صهيونية. إسرائيل استعمار عنصري مطلق.. إن فرض اليهود لأنفسهم كأمة مزعومة, في دولة مصطنعة, يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساسا, وذلك بكل ما تعنيه العنصرية من استعلاء وتعصب واضطهاد ودموية. إسرائيل قطعة من الاستعمار الأوروبي, مستعمرة غربية في قلب الوطن العربي, ومثل مزاعم الاستعمار الأوروبي, لم تتورع إسرائيل عن أن تدعي رسالة الحضارة والتطور, فزعمت نفسها واحة التقدم في صحراء الرجعية العربية وجزيرة التقدم الصناعي في بحر التخلف الشرقي.. الخ. ونستكمل....