أزمة أسطول الحرية في البحر المتوسط أكملت عقد الأزمات والحظ العاثر الذي يواجه المشروع الطموح للرئيس باراك أوباما من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط. الرئيس الأمريكي يتأرجح اليوم بين الداخل والخارج حيث يواجه واحدة من أكثر الأزمات إحراجا للبيت الأبيض اليوم وهي مشكلة تسرب الزيت في خليج المكسيك واتساع رقعة البقعة العملاقة بما يهدد الحياة البحرية ويضر بالبشر في الوقت الذي فشلت فيه محاولات القضاء علي البقعة بإغلاق البئر النفطي المملوك لشركة برتش بتروليم. ويقول محللون أمريكيون إن بقعة الزيت يمكن أن تلطخ العام الثاني لحكم أوباما رغم كل الاعتذارات التي قدمها في الآونة الأخيرة. بالمثل الفجوة قائمة في أزمات أخري في مقدمتها الشرق الأوسط الذي تترنح فيه عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين حيث عول الكثيرون علي الرئيس أوباما لكن الانقسام القائم في أركان إدارته حول طريقة التعامل مع الملف يصيب الرئيس بالارتباك ويؤثر في طريقة التعاطي بحسم مع التعنت الإسرائيلي حيث استهلك أوباما وإدارته الوقت في مواجهة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بينما تركت الجوانب الرئيسية لإمكانية نجاح أو فشل المبعوث جورج ميتشل في المفاوضات غير المباشرة التي تبدو غير مبشرة. أزمة اسطول الحرية يمكن أن تصبغ فترة حكم أوباما بعدم القدرة علي الفعل الحاسم واستخدام القوة الأمريكية الناعمة في وضع نهاية للوضع المأساوي للبشر في غزة ودفع إسرائيل الي تنازلات حقيقية فيما يخص التسوية. وبطبيعة الحال, تحول الدبلوماسيون الأمريكيون في الأممالمتحدة الي آلية للدفاع عن إسرائيل في جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي أعقبت الهجوم علي الأسطول والذي راح ضحيته9 نشطاء في المياه الدولية. والوضع في الأممالمتحدة هو من مفارقات الدبلوماسية الأمريكية في عهد أوباما حيث صراع الحمائم والصقور قائم منذ تولي الرئيس الأمريكي السلطة في يناير2009, فنجد السفيرة الأمريكية سوزان رايس موجودة في واشنطن معظم الأوقات وهي تتحرك في موضوعات محددة, خاصة الوضع في السودان وهو مجال تخصصها السابق بينما تترك باقي القضايا إلي نائبها المعروف بتشدده في قضايا الشرق الأوسط إليخاندرو وولف. وفي معظم الأحوال, يعبر وولف عن توجهات تثير علامات التعجب علي الدبلوماسية الأمريكية في المنظمة الدولية مثلما فعل بعد جلسة غزة قبل يومين عندما أكد للصحفيين أن البيان الصادر لا يدين إسرائيل بأي شكل ومعربا عن ثقة واشنطن في قدرة إسرائيل علي إجراء تحقيق مستقل في الحادث. وكان نائب السفيرة الأمريكية يتحدث ردا علي رئيس مجلس الأمن نواف سلام وهو سفير لبنان لدي المنظمة العالمية والذي قال إن البيان هو إدانة صريحة والامم المتحدة هي المنوطة بالتحقيق. وقد كانت خاتمة مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الأسلحة النووية الذي عقد مؤخرا في نيويورك قد ترك اللوبي الموالي لإسرائيل في حالة استنفار بعد ذكر إسرائيل في الوثيقة الختامية ودعوتها إلي الإنضمام للمعاهدة العالمية وهو ما تجلي في بياني الرئيس أوباما ومستشار الأمن القومي جيمس جونز واللذين أكدا الدعم الكامل لإسرائيل وعدم المساس بقدراتها النووية حتي التوصل إلي تسوية سلمية تعيش فيها إسرائيل في سلام. في أزمة أسطول الحرية, أيضا, انقسم معسكر الشرق الأوسط في الداخل الأمريكي ما بين مؤيدين ومعارضين لرفع الحصار عن قطاع غزة وهو ما ظهر في رغبة البعض من المحيطين بالرئيس أوباما في إعادة النظر في الوضع بكامله ولكن مع ضرورة النظر في التطمينات الأمريكية بعد عودة حماس إلي استفزاز إسرائيل مجددا. وكتب عدد من الخبراء والسياسيين السابقين مقالات حول إمكانية الحصول علي تعهدات مكتوبة من حماس لضمان عدم استغلال رفع الحصار في تدعيم قدراته وشن هجمات جديدة بينما الفريق الآخر يري أن إيران تواصل تسليح حركة حماس بطرق شتي وهو ما الإيراني ذاته وهو الملف الذي يمكن أن تجد أمريكا نفسها في حرج من التحرك فيه بسرعة اليوم بعد واقعة البحر المتوسط التي أثارت الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي.