في هذه الفترة التي تنطلق فيها الدولة المصرية لتدعيم هيكلها الإداري في جميع المجالات لإمكان مواجهة تنفيذ الخطط والبرامج القومية والمحلية.. فإنه يجدر الاهتمام بإعداد وصقل القيادات الإدارية القادرة علي تحمل عبء الانطلاق نحو تجويد العمل, وهذا أمر لايتحقق إلا إذا اختارت هذه النوعية من قيادات العمل دورات تدريبية متتالية ومتراكمة في مجال نشاطها العام, وذلك بالاطلاع علي مختلف القوانين التي تضبط وتنظم هذا التوجه البرامجي, وكل ذلك لن يتحقق إلا ن خلال دعم هذه القيادات بكل هذه الذخيرة والتي يهدف المشروع الإداري من خلالها اكساب كوادر المحليات درجة من الصقل تتدرج مع مسيرتهم الوظيفية وتوفر لكل مستويات العمل الإداري قدرات تعينهم علي تنفيذ الواجبات بدرجة واعدة لايشوبها الارتجال أو العشوائية, بل وتحضهم بجرعات واعية تثير أمامهم طريق تجويد العمل, وكل هذه المعاني إنما تصب في نهايتها في نهر العطاء الذي يوفر للمواطن فرصة الحصول علي الخدمة الإدارية بطريق ميسر وواضح. ويضرب الفساد في مقتل يوم ان تتضح العلاقة الوطنية والقانونية بين الفرد والمؤسسة الإدارية بوضوح تام وشفافية هادفة. وتحقق معاهد التدريب المحلية للمحافظات فرصة حصول المتدرب علي برامج الدورات التدريبية داخل المحافظة, وهو أمر جديد ان يحقق للمتدرب فرصة حصوله علي الدورة التدريبية دخل محافظته بدلا من الانتقال إلي معهد التدريب المركزي بالقاهرة والذي يشعر فيه المتدرب بغربة شديدة ويعاني خلالها عناء المشقة التي تواجهه في الإقامة والإعاشة ووسائل الانتقالات. والمعاهد الإقليمية داخل المحافظات ستعطي فرصة كاملة لوزارات الخدمات أن تحقق برامج تدريب العاملين بها, كما يقارب المعهد بين المتدرب والقائمين علي شئون التدريب من قيادات العمل الاداري ويحقق تكامل الاندماج بين المستوي الشخصي والوظيفي, ويوجد روح التواصل بين مستويات القائمين علي شأن التدريب في مواجهة العناصر المستهدفة من برامج التدريب. وقد يكون في إنشاء المعاهد الإقليمية المحلية فرصة طيبة لاستثمار اعتمادات التدريب كاملة بدلا من استنزافها أو بعضها في البرامج المركزية, وإنشاء المعاهد الإقليمية علي المدي القريب والبعيد سيعاظم من الاعتمادات المدرجة لتنفيذ البرامج, ويعطي الفرصة كاملة لمجالس إدارات المعاهد علي المستوي المحلي أن تتجه إلي تجويد مادة التدريب ويكفل تحقيقها بصورة مباشرة ومنطقية. وستصبح لبرامج المعاهد المحلية دورها في تنظيم وتأصيل الحق في الترقيات إلي الوظائف العليا حيث سيعتد كثيرا عند الاختيار علي كل من نال درجات أعلي في التدريب معتمدة تعطيه حق الجدارة والاعتبار. كما ستساهم المعاهد الاقليمية للتنمية المحلية بدورها في صقل وإعداد قادة التدريب الاداري, وتشيع بين وزارات الخدمات روح المنافسة, وتدفع الكثيرين إلي بذل الجهود للحصول علي شرف الانضمام إلي أسرة التدريب بالمعهد. وفي عالم اليوم والذي آمنت فيه الدول الحديثة بأهمية تدريب الكوادر في المحليات.. فقد أصبح الأمر جديرا بالاهتمام حتي يتحقق للمحليات في ثوبها الجديد مواكبة هذا الزخم الاداري وذلك بتثبيت مواقع التدريب علي مستوي المحليات, وفي هذا الاتجاه تتأكد فلسفة( اللامركزية) وهي التي ستكون كلمة السر في تفعيل قانون المحليات المنتظر والذي أكده الدستور الجديد, وما أحري أن تلقن المعاهد المحلية في ثوبها الجديد أسرار هذه الفلسفة لأبنائها من المتدربين والخريجين. وقد يكون من المناسب مع عدم الإخلال بالخطوات الجادة التي تستغرق عملية اعتماد المعاهد الإقليمية للمحليات بالمحافظات أن تكون هذه فترة زمنية محدودة تنطلق بعدها دورات التدريب بالمعاهد لتحقيق الأهداف العامة الواعدة وهي التي ستسمح لسفينة المحليات أن تبحر في محيطات العمل الاداري بقيادات واعية بعد أن صقلها الإعداد بقدرات تستطيع بها أن تواجه عواصف الارتجال وتقضي علي جبال الروتين الذي يضح منه الجميع.