اختتمت اليوم الأربعاء فاعليات مؤتمر تحديات التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية، والذي ينظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وصندوق الأممالمتحدة للديمقراطية ، ومركز العلاقات الدولية والحوار الخارجي بإسبانيا بحضور نخبة كبيرة من المفكرين والسياسيين والقضاة. وأكد المشاركون أهمية فتح حوار جاد بين كل القوى والتيارات والحركات السياسية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، غير أن البعض دعا إلى ضرورة العمل الجاد للتغلب على كل التحديات التى تواجه التحول الديمقراطي في مصر. وحول موقع القوات المسلحة في الدستور الجديد اقترح الدكتور جمال عبدالجواد مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام إنشاء مجلس أعلى للأمن القومي يكون ثلث أعضائه على الأقل من بين العسكريين القياديين في الجيش، بجانب أصحاب المناصب السياسية الرفيعة مثل رئيس الدولة ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس لجنة الدفاع بالمجلس، إضافة إلى وزراء الداخلية والمالية ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. وأوصى عبدالجواد بأن يكون لهذا المجلس المقترح سلطة التصديق على ميزانيات القوات المسلحة وخططها للحفاظ على الأمن القومي، ورأى أن هذا المجلس المقترح سيمثل حلا لإشكالية العلاقة بين المدني والعسكري في نظامنا الديمقراطي الناشىء، ويمكن أن يقوم بدور المؤسسة المخولة بمناقشة شئون الأمن القومي والدفاع والجيش، بعيدا عن الحياة البرلمانية والإعلام الساخط. ومن جانبه، قام عمرو عبدالرحمن الباحث بجامعة اسيكس ببريطانيا بالتعقيب قائلا "إن هناك تخوفا من عدم قدرة القوى السياسية في إنجاز مهام إدارة شئون البلاد، وإنها تدير علاقة مدنية عسكرية تتسم بالمسئولية". وتساءل هل الجيش لديه النوايا لترك نفوذه التي اكتسبها في السياسة؟، وذهب إلى ضرورة وضع ضوابط للعلاقة بين المجلس العسكري والأطراف الآخرى في المنظومة المقترحة بشأن المجلس الأعلى للأمن القومي، خصوصاأن صياغة هذا المجلس المقترح ستكون خلال المرحلة الانتقالية، وهى المرحلة التي تحكم فيها المؤسسة العسكرية. وقال السفير نبيل فهمي سفير مصر الأسبق في واشنطن إن التجربة التركية في وضع إطار للجيش في السياسة مر عبر عدد من المراحل، إلى أن وصلت إلى مرحلة النضوج الذي تعيشه تركيا حاليا. غير أنه تساءل "هل علينا في الحالة المصرية أن نبدأ من النقطة التي بدأها الأتراك أم من النقطة التي انتهوا عندها"؟، ونوه في ذات الوقت بالتجربة البرازيلية في صياغة الدستور والتي لم تغفل تفصيلا في مكونات الدولة، الذي كان أكثر دقة في الفصل في القضايا المجتمعية الشائكة. وأشار عبدالغفار شكر نائب مدير مركز الدراسات العربية والإفريقية والمتحدث باسم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إلى أن جميع الوثائق الوطنية التي أصدرتها القوى والحركات السياسية في مصر، جميعها تتفق على المبادىء الأساسية المتعلقة بمقومات الدولة وهويتها ونظامها الجمهوري الديمقراطي والحقوق والحريات الأساسية غير القابلة للتعديل مطالبة بضرورة أن يكون تشكيل لجنة إعداد الدستور ممثلا لكل التيارات والتوجهات السياسية الأساسية وكل فئات الشعب المصري. ودعا شكر إلى أن يتم توثيق اتفاق يجمع كل القوى السياسية خصوصا الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لطمأنة وتسديد المخاوف من أن يؤدي إجراء الانتخابات البرلمانية أولا إلى منح الإخوان إمكانية كبيرة للتأثير في هذه العملية، بما تحمله من مخاطر الابتعاد عن إقامة دولة ديمقراطية. وفى السياق شدد الدكتور أحمد أبو بركة القيادي بحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين على أنه لا سلطة فوق سلطة الشعب ولا شرعية فوق شرعية الشعب، مؤكدا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة استمد شرعيته من الشعب وليس من الرئيس السابق حسني مبارك. في حين انتقد أبو بركة الخلاف الذي حدث عقب الاستفتاء الذي جرى أخيرا ووصفه بأنه خلاف "غير مشروع"، موضحا أن الخلاف قبل الاستفتاء كان مشروعا. كما أكد أن الوثائق المطروحة من قبل القوى السياسية المصرية لابد لها أن تلزم تلك القوى أمام الشعب لا أن تقيد الشعب في حريته أمامها، مضيفا أن الإسلام وضع أول وثيقة قانونية تعرف مبدأ المواطنة وسيادة الشعب، وأول نظام يفصل بين الدولة والشخص الحاكم. من جانبه حذر الدكتور كمال زاخر المنسق للتيار العلمانى القبطى من إشكالية التعددية الدينية فى مصر، واعتبرها من أهم الإشكاليات المزمنة التى تواجه البلاد، وقال "إنها تمتد إلى ما قبل الدولة الحديثة التى تأسست مع ولاية محمد على (1805-1840) إذ تولدت مع نسق الطوائف الذى عرفته نظم الحكم المختلفة". وتطرق المؤتمر إلى مستقبل التعددية النقابية والنقابات المستقلة، وقال الدكتور سامر سليمان أستاذ الاقتصاد السياسى وعضو اللجنة التأسيسية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى إن الثورة جاءت لتعطى زخما كبيرا لفكرة النقابات المستقلة، وأثنى على الدكتور أحمد البرعى وزير القوى العاملة ومواقفه المؤيدة للتعددية النقابية. وقال "فور تولى الوزير الجديد شرع فى إعداد قانون جديد للحريات النقابية التى تعطى الحق للعمال فى تشكيل نقابات جديدة بعيد عن الاتحاد الرسمى"، وبينما رحب الدكتور سامر بقرب إصدار قانون النقابات المستقلة، انتقد نص هذا القانون على ما اعتبره أنه يشكل تقييدا لإنشاء الاتحادات العمالية العامة على المستوى الوطنى، لكى ينشأ اتحاد عام للعمال يجب أن يضم 20 نقابة لا يقل عدد العمال فيها عن 200 ألف عامل. وأوضح أن مشروع القانون يلزم من يريد تأسيس اتحاد عام عمالى بأن ينشر أسماء أعضاء الاتحاد فى جريدتين واسعتي الانتشار .. غير أن هذا الشرط تعرض لانتقادات عنيفة من جانب قيادات النقابات المستقلة باعتباره شرطا تعجيزيا لا تقدر عليه النقابات العمالية محدودة الموارد.