أصدر مجلس الدولة بيانًا صحفيًا بخصوص تصريحات المستشار أحمد الزند، وزير العدل، بشأن ما أبداه قسم التشريع بمجلس الدولة من بشأن التعديلات الواردة على قانون الإجراءات الجنائية. وقال المجلس، في بيانه، إن المجلس الخاص بمجلس الدولة اطلع على تصريحات المستشار أحمد الزند، وزير العدل، في حواره الخاص مع الإعلامي أحمد موسى فى برنامج "على مسئوليتي "، على قناة صدى البلد، مساء يوم الأربعاء الموافق 27 يناير 2016، وذلك في معرض التعليق على ما أبداه قسم التشريع بمجلس الدولة من ملاحظات بشأن التعديلات الواردة على قانون الإجراءات الجنائية، لجعل أمر الاستماع للشهود جوازيًا لمحكمة الموضوع. وأضاف البيان أن تلك التصريحات صادفت انزعاجًا شديدًا لدى أعضاء مجلس الدولة بحسبانها تمثل تدخلاً صارخاً فى أعمال إحدى الجهات القضائية، وتُنبئ بذاتها عن عدم الإحاطة بما وُسد له من استقلال وتعيين دقيق لاختصاصاته، طبقاً لما نصت عليه المادة (190) من الدستور، لذا ارتأى المجلس ضرورة التدخل باستعمال حق الرد وذلك بإيضاح الحقائق القانونية الآتية: - أولاً: أن المادة (190) من الدستور تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدراية، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية"، ومؤدى ذلك أن قسم التشريع لا يُجرى "مراجعة الصياغة" وحدها وإنما يمتد اختصاصه لإجراء مراجعة مشروعات القوانين على ضوء أحكام الدستور والقوانين، ذات الصلة كمرحلة أولى تسبق المرحلة المتممة لعملية المراجعة، وهى ضبط الصياغة التشريعية. ثانيًا: أنه إذا كان من المُسلَّم به أن الغاية من التشريع أو الباعث عليه مما يستقل به المشرع، إلا أن سلطة المشرع التقديرية فى هذا الشأن تحددها المقتضيات الدستورية، فلا يسارع بإعداد مشروع قانون لم يقم بشأنه موازنة دقيقة بين أحكامه والمبادئ المستقر عليها دستوريًا، خاصة إذا اتصل الأمر بمجال متطلبات المحاكمة العادلة والمنصفة. كما لا يسوغ التعجيل باستصدار نص قانوني تحيط به شبهات جدية بعدم الدستورية إذا كان بالإمكان تجنب تلك الشبهات برد النصوص محل المراجعة إلى دائرة الشرعية الدستورية وهى ضمانة مستحدثة اختص الدستور مجلس الدولة بتحقيقها، فيمد يد العون للسلطة القائمة على إعداد مشروعات القوانين و إقرارها، فإن أخذت بما خلصت إليه مراجعته اعتصمت بأحكام الدستور، وإن هى أغفلت ملاحظاته غدًا التشريع مزعزعاً فى استقراره ومنبئاً عن رغبة من أعده فى تجاوز أحكام الدستور وإهدار ضماناته، ومن ثم فلا يبقى أمام الرأي العام سوى استدعاء المسئولية السياسية لتبرير هذا التجاوز. ثالثًا: وبشأن ما تضمنته تصريحات المستشار وزير العدل من تعليق على ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع قانون بتعديل قانون الإجراءات الجنائية بشأن سماع الشهود، فإنه فضلاً عن أن تلك التصريحات تنطوي على تدخل غير مبرر في أعمال إحدى الجهات القضائية، بما ينال من استقلالها المصون دستورياً - رغم من أنها صدرت ممن يفترض أنه الأحرص على صيانة استقلال الجهات والهيئات القضائية - فإنه مما لا شك فيه أن هذه التصريحات أغفلت الواقع الثابت بمكاتبات قسم التشريع، الذي رفض بوجه قاطع مخالفة أحكام الدستور بعدم تمكين المتهم من الاستماع للشهود الذين يرى في شهادتهم منجاة له من الإدانة، ولا يغير من هذا المبدأ قولاً بأن هذا الأمر يخضع لتقدير محكمة الموضوع، ذلك أن التعديلات المشار إليها جعلت التقدير في هذا الشأن بلا معقب عليه من محكمة الطعن، فيتحصن تقدير محكمة الموضوع في هذا الشأن من أي نقض، وهو ما يتنافى مع كافة المبادئ المستقرة قضائيًا ودستوريًا فى شأن المحاكمة الجنائية المنصفة. وأخيرًا ينوه مجلس الدولة إلى أن استدعاء حقه في الرد ما كان إلا وضعًا للأمور في نصابها، وحتى لا يتخذ من جهود قسم التشريع وقراراته المستمدة من صحيح تفسير أحكام الدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية تكأة لدفع المسئولية السياسية أو إيهام الرأي العام بآراء تتجاهل المبادئ المستقرة في شأن مبادئ العدالة والمحاكمة المنصفة.