خطة تشريعية جديدة لحكومة الانقلاب : سحب 17 مشروع قانون من "النواب" وتقديم 11 أهمهم "الصندوق السيادي" والإجراءات الجنائية    وبدأت المجاعة.. حكومة السيسي تستقبل بعثة "صندوق النقد" بوقف آلالاف من بطاقات التموين    حرب غزة في يومها ال363 | الاحتلال يزعم اغتيال 3 قادة في حماس للمرة الرابعة !!    حزب الله يعلن مقتل 17 ضابطا وجنديا إسرائيليا بمعارك الخميس    أضخم قصف على ضاحية بيروت بعد مقتل "نصر الله " وحديث عن استهداف هاشم صفي الدين    تفاصيل مشاركة الأهلي في اجتماع «فيفا» التنسيقي لمباراة العين في بطولة «إنتركونتيننتال»    "سيتى كلوب" تتعاقد مع البطل الأولمبي أحمد الجندى مديرا لتطوير برنامج النخبة الرياضية    السيسي: السلام العادل حل وحيد لضمان التعايش الآمن والمستدام بين شعوب المنطقة    قندوسي: سأعود للأهلي وموقفي من الانتقال ل الزمالك.. وكل ما أُثير عن بلعيد غير صحيح    سجل لأول مرة في الدوري الأوروبي.. مرموش يقود فرانكفورت للفوز على بشكتاش بثلاثية    محمد رمضان: هدفنا سرعة حسم الصفقات.. وتوليت المهمة في توقيت صعب    متحدثة "يونيسيف": 300 ألف طفل لبناني دون مأوى بسبب الحرب    تحرك عاجل من الخارجية المصرية بشأن مقتل مصريين في المكسيك    حقيقة استقالة نصر أبو الحسن من رئاسة الإسماعيلي    فتح المتاحف والمسارح القومية مجانا احتفالا بنصر أكتوبر    رئيس وزراء العراق: التصعيد في لبنان وغزة يهدد بانزلاق المنطقة في حرب شاملة    الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل ضابط برتبة نقيب في معارك جنوب لبنان    توتنهام يواصل عروضه القوية ويهزم فرينكفاروزي المجري    6 مصابين بينهم طفلان في حادث سيارة أعلى "أسيوط الغربي"    تطورات أحوال الطقس في مصر.. قائمة بدرجات الحرارة    رئيس «الإنجيلية» ومحافظ الغربية يشهدان احتفال المستشفى الأمريكي بمرور 125عامًا على تأسيسه    إيرادات الأربعاء.. "X مراتي" الثاني و"عنب" في المركز الثالث    6 أعمال ينتظرها طه دسوقي الفترة القادمة    أسرتي تحت القصف.. 20 صورة ترصد أفضل لحظات وسام أبوعلي مع عائلته والأهلي    ريادة في تطوير العقارات.. هايد بارك تحقق نمو استثنائي في المبيعات لعام 2024    اجتماع موسع لقيادات مديرية الصحة في الإسكندرية    ضبط 17 مخبزا مخالفا في حملة على المخابز في كفر الدوار    المؤتمر: مبادرات الدولة المصرية بملف الإسكان تستهدف تحقيق رؤية مصر 2030    إيمان العاصي تكشف عن مفاجأة في الحلقات القادمة من مسلسل برغم القانون    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    مدير كلية الدفاع الجوي: خريج الكلية قادر على التعامل مع أحدث الصواريخ والردارات الموجودة في مصر    قافلة طبية لأهالي «القايات» في المنيا.. والكشف على 520 مواطنًا    عضو المجلس العسكري الأسبق: مصر لديها فرسان استعادوا سيناء في الميدان والمحاكم - (حوار)    أمين عام الناتو يزور أوكرانيا ويقول إنها أصبحت أقرب لعضوية الحلف    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    تكريم أوائل الطلاب بالشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات بأسوان    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    افتتاح المؤتمر الدولي السابع والعشرون لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    رئيس الوزراء ورئيس ولاية بافاريا الألمانية يترأسان جلسة مباحثات مُوسّعة لبحث التعاون المشترك    محافظ كفر الشيخ يشدد على تحسين مستوى الخدمات والمرافق المقدمة للمواطنين    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    ألفاظ نابية أمام الطالبات.. القصة الكاملة لأزمة دكتور حقوق المنوفية؟    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز سبل التعاون مع الوكالة الفرنسية للدعم الفنى    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    نحاس ودهب وعُملات قديمة.. ضبط 5 متهمين في واقعة سرقة ورشة معادن بالقاهرة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور مدحت نافع يكتب ل بوابة الأهرام .. وزارة المالية على فوهة البركان
نشر في بوابة الأهرام يوم 07 - 10 - 2015

حقيقة لا أحسد وزير المالية المصرى على منصبه، وزير المالية فى مصر مطالب بتنويع الإيرادات وتنميتها دون فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية ودون إعادة هيكلة النظام الضريبى بشكل عام، هو مطالب أيضاً بخفض النفقات وترشيدها دون المساس بالأجور المتضخمة فى الجهاز الإدارى للدولة ودون الاقتراب من رواتب من لا يضيفون قيمة للاقتصاد المصرى.
هو مطالب بتخفيض عجز الموازنة بعد تجريده من أدوات زيادة الإيرادات أو خفض المصروفات، وهو مجبر على تمويل العجز دون التوسّع فى الاقتراض الداخلى الذى اقتربت نسبته من 100٪ من الناتج المحلى الإجمالى.
وزير المالية مطالب بوضع السياسة المالية مع الإنصات إلى كل الآراء وتلبية مطالب الجميع من المتخصصين ومن غيرهم! مطالب بمرضاة العامة ومحاباة الخاصة.
الوزير متهم بالغلظة واللين، بالإفراط والتفريط متهم بكل نقيصة ونقيضها! متهم بالتأخر فى إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين حتى وإن كان التأخير بأوامر أعلى! هو متهم بمحاباة الأغنياء وموكول إلى سيوفهم فى معركته لفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية.
وزير المالية يحاول أن يقدّم موازنة عام 2015/2016 فى صورة برامج، يحاول أن يقدّم مزيداً من عدالة التوزيع فى حدود ما فرض عليه من قيود، يحاول استيفاء نسب الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى التى قام الشارع بوضعها فى نصوص دستورية سامحه الله على ما اقترف! لكن الغالبية يرونها موازنة باهتة ليست ثورية رغم أنهم لا يحتملون تبعات الخطوات الثورية.
إن إعداد الموازنة العامة لهو أمر غاية فى التعقيد، يتطلّب الكثير من تنسيق السياسات الاقتصادية فضلاً عن الجهود المحاسبية والفنية الدقيقة التى تنوء بكثير من المتخصصين ناهيك عن غيرهم. ولقد تعرضت الموازنة التى اعتمدها رئيس الجمهورية منذ أسابيع لكثير من الانتقادات، لكن قليلاً من المحللين أولوها نظرة موضوعية وتقييماً منصفاً سواء لظروف إعدادها أو لتفاصيل برامجها وبنودها، وهو ما نحاول أن نحمله إلى القارئ الكريم فى شئ من التبسيط.
الموازنة العامة هى "بيان تقديري يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة، والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة؛ فالموازنة تعتبر بمثابة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة" ولطالما طالب المتخصصون بتحول الموازنة العامة المصرية من موازنة بنود إلى موازنة برامج تضع نصب أعيننا برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة وترصد في سبيل ذلك التمويل اللازم ، وهو ما لم يحدث بشكل كامل بعد، لكننى أزعم أن أسلوب عرض موازنة عام 2015/2016 وبيانها المالي يعد أحد أفضل ما تم إعداده منذ سنوات ويسلط الضوء على برامج تحقق التنمية المستدامة وتستهدف عدالة توزيع الموارد والثروات، وبشكل عام هناك تحسّن واضح فى استهداف البعد الاجتماعى والعدالة في الموازنة الجديدة.
رسم البيان المالى الملامح العامة للسياسات الاقتصادية ثم تبعها بأهداف كمية قصيرة ومتوسطة الأجل تتعلق باستهداف معدل نمو فى الناتج المحلى الإجمالى لا يقل عن 5% وتخفيض معدل البطالة بنقطة مئوية عن العام الحالى..لكن أبرز ما تطرق إليه البيان المالى هو استهداف البرامج الاجتماعية وتنويعها فضلاً عن كبح بند الأجور والمرتبات التى تأكل ربع الموازنة بغير إنتاجية ملحوظة. كما اهتمت الموازنة أيضاً بمسألة الفاقد الذى طالما نادينا بالتعامل معه وفقاً لآلية معلنة لأنه يوفر عائداً سريعاً وهناك فاقد فى مختلف مكونات الاقتصاد المصرى انتبهت موازنة 2015/2016 إلى بعضه.
ومن ذلك تحقيق زيادة في الإيرادات العامة عن طريق توفيق أوضاع أراضى الاستصلاح، وتفعيل قانون للمناجم والمحاجر يحقق عائداً يصل إلى 10 مليارات جنيه سنوياً، وكذلك تلقى فوائض وأرباح الهيئات المختلفة والبنوك العامة لتدخل الموازنة عوضاً عن احتجاز الجانب الأكبر منها كما كان معتاداً.
الإصلاح الضريبى أيضاً كان من أبرز ما أشار إليه البيان المالى وخاصة ما يتعلق بتوحيد الحد الأقصى للضريبة على الدخل عند 22.5% بزيادة ما يحصل من المناطق الاقتصادية ارتفاعاً من 10٪ وأيضاً استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة كذلك استهدفت وزارة المالية فض الاشتباك المالى بين كثير من الجهات والذى عادة ما كانت صناديق التأمينات والمعاشات طرفاً فيه. التراجع الطفيف فى بعض من بنود المصروفات سواء فى القيم المطلقة أو بعد استبعاد أثر التضخم يجب أن ينظر إليه فى سياق عام تدعو ملابساته إلى خطط تقشفية قاسية وليست اليونان منا ببعيد وبالتالي فليس من الإنصاف أن ينتقد هذا التراجع باعتباره نكوص عن أهداف زيادة معدلات النمو لأننا نطمح إلى تحقيق نمو اقتصادي غير مدفوع بالاستهلاك كالعادة.
أغفلت بعض الانتقادات حقيقة أن تأجيل تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية الذى تأجل عامان لم ينطبق على الضرائب على كوبونات الأسهم بواقع 5% ولذا فالزيادة المتوقعة فى حصيلة ضرائب الأرباح الرأسمالية لها ما يبررها. مما سبق، هناك إذن ما يبرر الطفرة المتوقعة فى الإيرادات العامة والتى تصل إلى 24٪ مما يتسبب في خفض عجز الموازنة من 10.8٪ إلى 8.9٪ دون مساس باحتياجات المواطنين وخاصة محدودى الدخل.
هناك تناقض واضح فى الانتقادات الموجهة للموازنة العامة الجديدة، فهى موازنة شديدة الطموح وفى نفس الوقت تنتقد لأنها لا ترقى فى أهدافها إلى مستوى التحديات. الأهداف الطموح التى وضعتها الموازنة العامة الجديدة تضع عبئاً كبيراً على وزارة المالية وعلى الجهات المختلفة المخاطبة بالموازنة والتى ينبغي لها أن تبدى نية التعاون مع المالية لإنجاح خططها وليس التشفي في طموح الموازنة والتربص بها لإفشالها!!.
الأهداف التى وصفت بانعدام الواقعية لم تشذ توقعاتها عن التقارير الدولية، خاصة ما ورد من توقعات فى مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولى والذى أقر بأن الخطط متوسطة وطويلة الأجل للسياسة المالية لمصر قابلة للتحقيق مع بعض الإصلاحات الهيكلية فى الدعم والنظام الضريبى وهو ما تم بالفعل ومازال جانب منه قيد الاختبار فى الحساب الختامى للموازنة العامة الجديدة.
مع ذلك لا تخلو الموازنة الجديدة من عيوب، فهناك تراجع فى دور المشاركة الاجتماعية فى وضع الموازنة على الرغم من محاولة برنامج "موازنة المواطن" فى تبسيط الكثير من المفردات للوصول إلى المواطن العادى، لكن التواصل يتطلب استماع واضعي الموازنة إلى آراء المتخصصين خاصة فى غيبة البرلمان، بيد أن اتهام وزارة المالية بعدم الشفافية المتعمّد هو أمر لا يخلو من المبالغة والتصيّد.
تضخم الأجور والذى كان أحد أهم أسباب أزمة اليونان وأول البنود المستهدفة بخطط التقشّف هو أيضاً من أبرز عيوب الموازنات المصرية السابقة والذى طالما ناله النقد باعتبار بند الأجور يأكل وحده ربع الموازنة العامة، وقد اهتمت موازنة عام 2015/2016 بالعمل على الحد من تضخّم الأجور واستفادت من قانون الخدمة المدنية فى ترشيد الإنفاق على هذا البند، ويحسب للسياسة المالية قدرتها على سرعة استيعاب المتغيرات التشريعية وحرصها على التكامل مع أهداف وزارة التخطيط فى إطار عمل المجموعة الاقتصادية التى عانينا من انفراد واضعى السياسة النقدية فيها بقرارات غير متسقة مع سائر السياسات. مع ذلك مازلنا ننتظر ترشيد بند الأجور والامتيازات بسياسات عامة ذكية تراعي الموائمة بين احتياجات المواطن البسيط وتضخم الجهاز البيروقراطي المصري بصورة خطيرة وغير منتجة.
أما فيما يتعلق بالدعم، كنت أتوقع مزيداً من الاهتمام بنوعيته المقدّمة إلى قطاع التعليم وضرورة ارتباطه بتحسن المحتوى، ومزيداً من الإنفاق على قطاع الصحة وترجمة هذا فى صورة أهداف قابلة للقياس تضم مختلف مقومات التنمية البشرية، ولتكن تقارير التنمية البشرية الصادرة عن المؤسسات الدولية المعتبرة مؤشراً لجدوى الإنفاق على قطاعى التعليم والصحة لحين صدور مؤشرات مستقلة عالية الجودة عن مؤسسات المجتمع المدنى في مصر.
وزارة المالية تعاني من كثير من أمراض الدولة المصرية، وقد رأينا ذلك جلياً في الوقفات الاحتجاجية لموظفي مصلحة الضرائب اعتراضاً على قانون الخدمة المدنية الجديد، لكنها بالطبع تتعرّض لحملة قاسية لا تناسب جهودها الحالية ولا حجم التحديات التى تنفرد بمواجهتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.