عرف التطوير طريقه إلى قلب القاهرة الحديثة، في عهد محمد علي باشا، إلا أن النهضة العمرانية الحقيقية، بدأت بها بشكل جدي ومدروس ومخطط له، في عهد الخديو إسماعيل، والذى كان يحلم بتحويلها لقطعة من باريس. ففي أحد زياراته لباريس، لحضور المعرض العالمي، طلب الخديوي إسماعيل من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي «هاوسمان» الذي قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية. وفي مقابلة التكليف بين الخديوي إسماعيل وهاوسمان، طلب الأول من الثانى أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه، وحول هاوسمان القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك "باريس الشرق". وفي 2009، أطلقت وزارة الثقافة المصرية المشروع الثقافي المشترك مع إسبانيا لتطوير القاهرة الخديوية أو قاهرة الخديو إسماعيل، ويتم تنفيذ المشروع بالاستفادة من تجربة إسبانيا في الحفاظ على الأبنية التاريخية، وذلك للحفاظ على المباني ذات الطابع المميز وسط العاصمة المصرية، والتي تشكل مثلثا رأسه ميدان التحرير وقاعدته ميدانا الأوبرا ورمسيس وما يتفرع منهما من شوارع. وتم بالفعل تجديد واجهات العديد من العمارات التاريخية، بتلك المنطقة، ولكن أحداث العنف التى صاحبت مظاهرات ميدان التحرير، أثرت على تلك المنطقة التاريخية، الأمر الذى دفع حكومة محلب، لتشكيل لجنة يرأسها محافظ القاهرة، لمشروع تطوير القاهرة الخديوية، على مراحل، تبدأ الأولى فى المسافة، ما بين شارع عماد الدين وميدان أحمد عرابي ثم شارع قصر النيل في المسافة ما بين طلعت حرب إلى ميدان محمد فريد ثم منطقة عابدين، على أن يستمر العمل تباعاً حتى الانتهاء من المنطقة بالكامل. ومن جانبه، أعلن جلال سعيد محافظ القاهرة، اليوم أن العاصمة على موعد اليوم للاحتفال بانطلاق باكورة مشروعها لإعادة إحياء منطقة وسط البلد وتطوير القاهرة الخديوية بحضور رئيس الوزراء، وعدد من السادة الوزراء وذلك بافتتاح أعمال المرحلة الأولى من تطوير القاهرة الخديوية من موقع شارع الألفى وميدان عرابى كخطوة استرشادية لتطوير المنطقة بالكامل والواقعة بين ميادين التحرير ورمسيس والأوبرا. وشمل التطوير، أعمال الصيانة الإنشائية والمعمارية وإعادة طلاء ومعالجة واجهات العقارات والمبانى الأثرية المتميزة وتجديد كافة المرافق التحتية ورفع الإعلانات من على جدرانها مع توحيد واجهات المحلات بشكل تنسيقى متميز يتماشى مع روح الشارع وخلق أماكن لزوار المقاهي والمحلات. كما رفع كفاءة وتجديد أعمال الرصف والتبليط والتشجير والأرصفة وأعمدة الإنارة والإضاءة والتخطيط الأرضى وإعادة تنظيم الحركة المرورية بعد إجراء بعض التعديلات بمشاركة ودعم وتمويل جهود الدولة والمجتمع المدنى ممثل فى اتحاد البنوك وبالتنسيق مع الجهاز القومى للتنسيق الحضاري والهيئة العامة للتخطيط العمرانى. وأكد المحافظ، أن افتتاح هذه الخطوة يأتى ضمن خطة المحافظة التنفيذية التى أطلقتها منذ نهاية العام الماضى لتطوير منطقة قلب العاصمة وإعادة إحيائها وتحويل القاهرة الخديوية إلى مقصد سياحي عالمي رفيع المستوى للأنشطة والتاريخ والثقافة المعيشية، يعيد للعاصمة المصرية رونقها التاريخي والحضاري، مشيرًا إلى أن انتهاء أعمال التطوير، شملت حوالى 20 عقارًا متميزًا عمرانيًا، وأن القاهرة الخديوية تضم حوالى 500 عقار أثرى ذى طابع معمارى متميز تعد ثروة معمارية يجب الحفاظ عليها. وتم تقسيم مراحل العمل بمشروع تطوير القاهرة الخديوية إلى ثلاثة محاور محددة كخطوة استرشادية تضم ثلاث قطاعات. يتضمن القطاع الأول، شارع مخصص للمشاة وهو شارع الألفي وميدان عرابي، والقطاع الثاني متمثل في المنطقة التى تضم ميداني طلعت حرب ومحمد فريد وشوارع قصر النيل وطلعت حرب برفع كفاءة الشارع والأرصفة وإعادة واجهات العمارات والمحلات. أما القطاع الثالث يتمثل في، شارع التحرير وميدان عابدين، مع إعادة تأهيل ورفع كفاءة كبارى قصر النيل والجلاء وصيانة ومعالجة دورية للتماثيل بمنتصف الميادين، بالإضافة إلى واجهة النيل من ماسبيرو وحتى جاردن سيتى. وأضاف المحافظ، أن وسط المدينة كنز معماري لابد من الحفاظ عليه وإعادته إلى رونقه القديم، وبدأت المحافظة جهودها بتنفيذ مجموعة من الإجراءات التنفيذية الموازية لعملية التطوير بوسط المدينة بنقل الباعة الجائلين بمحيط المنطقة كاملة وآخرها ميدان رمسيس. كما تم افتتاح جراج التحرير، وأعقبها منع الانتظار تدريجيًا في عدد من الشوارع، منها امتداد شارعي طلعت الحرب وقصر النيل على الجانبين وشارع 26 يوليو والقصر العينى والجمهورية وعبد الخالق ثروت والبستان وصبرى أبو علم وصولاً لمنع الانتظار نهائيًا بمثلث القاهرة الخديوية بالتنسيق مع المرور، مع توفير الأماكن البديلة من خلال الجراجات المتعددة الطوابق كجراجات التحرير والبستان والعتبة والأوبرا. وتم أيضًا توفير بدائل للسيارات الخاصة متمثلة في منظومة نقل عام متطور وحديث يليق بالمواطن القاهرى بما يحقق عودة الانضباط والسيولة المرورية المرجوة بمنطقة وسط البلد ومحيطها. وأشاد المحافظ، بتعاون سكان المنطقة وأصحاب المحلات وترحيبهم بأعمال التطوير وقد راعت المحافظة تعريفهم بالمشروع ومشاركتهم بآرائهم فى أعمال التطوير، مؤكدًا على ترحيب أصحاب المحلات بتخصيص المساحات اللازمة لهم أمام محلاتهم بنظام حق انتفاع شهرى والالتزام بها مع عدم التعدى على حق المشاة فى الأماكن المخصصة لهم. كما بدأت المحافظة تزامنًا مع تطوير وسط العاصمة، فى إعادة تأهيل كبارى الجلاء وقصر النيل. يذكر أن مربع القاهرة الخديوية، قد شهد أحداث عنف إبان ثورة 25 يناير، فنهبت بعض المحال فيها، وشوهت العديد من العمارات التاريخية، فضلاً عن حرق العديد من المبانى بها، ومن بينها المجمع العلمى. علمًا بأن حدود القاهرة الخديوية، تبدأ من كوبري قصر النيل، حتي منطقة العتبة، بما فيهامن دار للأوبرا ومبني للبريد، ومقر لهيئة المطافئ، إلى جانب ما يتفرع منها من شوارع وطرق.