طالب خبراء اقتصاديون وقانونيون، الحكومة المصرية بضرورة إجراء تعديلات على القانون المنظم للإفلاس في مصر، بحيث يفصل بين حالات التعثر المالي للأشخاص الطبيعيين وبين حالات تعثر الشركات والمشروعات بدلا من التداخل الحالي والذي لا يتناسب مع طبيعة التطور الكبير الذي شهده الاقتصاد المصري خلال العقود الماضية. وقالوا على هامش مشاركتهم في المؤتمر الاقليمي حول تحديث نظم الافلاس في مصر والأردن بالعاصمة الاردنية عمان اليوم والذي ينظمه المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة بمشاركة مسئولين من البنك الدولي والأمم المتحدة وخبراء ومسئولين في البلدين، إن قانون الافلاس المصري تم وضعه عام 1883 حيث كان السائد في ذلك الوقت هو التاجر الفرد وكان وجود الشركات محدودا للغاية. وقال الدكتور سلامة فارس عرب الخبير الاقتصادي ورئيس مجموعة النيل للاستشارات القانونية، إن تطور الاقتصادات وحجم الاعمال للأفراد والشركات والدول يلزم الدولة بإجراء تعديلات جذرية وجوهرية على القوانين المنظمة لعمليات الإفلاس والتركيز بشكل أكبر على حالات إفلاس الشركات والمشروعات التي باتت هي السمة الأبرز لحركة الأنشطة الاقتصادية محليا وإقليميا وعالميا بدلا من الأفراد الذين تراجع دورهم اقتصاديا. وأوضح أن قانون التجارة المصري به 223 مادة معنية بتنظيم عمليات الإفلاس الغالبية العظمى منها تركز على حالات إفلاس الأفراد وأهملت إفلاس ألمشروعات حتى التعديلات التي أجريت على القانون عام 1999 لم تراع ذلك وأهملت التطور الذي طرأ على الاقتصاد. وأكد أن إصلاح نظام الافلاس في مصر لا بقل أهمية عن عمليات الاصلاح الشاملة التي تشهدها بالبلاد، بل يزيد أهمية في وضع آليات مضمونة للخروج الامن للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في مصر، مشيرا إلى أن الجميع يركز على تسهيل إجراءات دخول المستثمرين وفي نفس الوقت يتجاهلون آليات خروجه من المشروعات وهي أكثر أهمية من دخوله. ولفت إلى ضرورة تأهيل القضاة الذين يقومون بالحكم في قضايا الإفلاس وكذلك آليات عمل محكام الافلاس وأمناء التفليسات ومكاتب المحاسبة، بما يضمن التسريع بإجراءات إفلاس الشركات إذا تطلب ذلك، مع ضرورة أن تتضمن عملية إصلاح قانون الافلاس الفرصة لإعادة هيكلة المشروعات ومساعدة المدينين مع الحفظ الكامل لحقوق الدائنين. وطالب بضرورة اختصار إجراءات الصلح الواقي من الافلاس مع ضرورة اعادة برامج توعية التجار ومديري الشركات لضخ ثقافة التخارج من الاستثمار في الوقت المناسب، وتدريس ثقافة الخروج من الاستثمار في الجامعات المصرية. من جانبه قال خالد عطية الخبير القانوني والشريك بمكتب سري الدين للاستشارات إن جميع الدول العربية تهتم بقواعد الدخول الى السوق، لكن قواعد الخروج منه أكثر أهمية منها التخارج الجبري من الاستثمارات وعلى رأسها الافلاس. وأضاف أن هناك عوامل عديدة مهمة يجب أن يراعيها قانون الإفلاس منها الذمة المالية الشخصية لصاحب المشروع والملاءة المالية للمشروع ذاته وكذلك الادارة والملكية مع وضع اليه للمتابعة كل 5 سنوات. وقال المستشار رفعت عبد المجيد النائب الأول لرئيس محكمة النقض ورئيس الدوائر التجارية بمحكمة النقض سابقا إن القانون المصري كان يجب أن يراعي الفوارق بين الاعسار والمقصود به عدم القدرة على السداد مع عدم وجود أصول والإفلاس وهو عدم القدرة على السداد مع وجود أصول للتاجر أو المشروع. وأكد أهمية إعداد القاضي إعدادا جيدا بحيث يكون ملما بكل الجوانب والآثار الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وليس القانونية فقط، ويجب أن يكون القاضي متخصص ولابد من تنظيم عمل وكلاء الدائنين والذين يقومون بعمليات الجرد والعرض على قاضي التفليسة لافتا في الوقت نفسه الى ان القضاة بوضعهم الحالي ليس لديهم قدرة على التقييم الدقيق أو عرض امكانية مساعدة المدين المفلس على تجاوز العثرة الخاصة به. وانتقد عبدالمجيد هيئتي الاستثمار والرقابة المالية في عدم القيام بدورهما في استكشاف المخاطر السابقة على التعثر بخاصة أنهما بحكم سلطاتهما مطلعتان على كافة تفاصيل الشركات وأنشطتها حيث تتولى تلك الجهات منذ بداية المشروع بإعداد القرار الخاص بها وهناك إشراف كامل ومستمر للهيئتين كل فيما يخصه على الشركات وعلى اجتماعات مجالس إداراتها وعمومياتها العادية وغير العادية في مواعيدها وتحضر كل اجتماع لهذه الجمعيات ما يمكنها من أن تفطن إلى احتمالية وجود خطر يواجه تلك الشركات.