تبقي مشكلة الباعة الجائلين صداعا مزمنا في رأس الشارع المصري عجزت الحكومات المتعاقبةعلي وصف دواء له حتي ولو بشكل مؤقت.. الكل اكتفي بالوعود والتصريحات الملونة حتي باتت المشكلة كالسرطان الذي ضرب كل شوارع وميادين وأرصفة العاصمة التي باتت مسخا مشوها ومتجرا مفتوحا يضم آلاف الباعة الجائلين الذىن يعيش معظمهم تحت خط الفقر. وتفاقمت ظاهرة الباعة الجائلين بصورة صارخة خلال وعقب ثورة يناير مستغلة حالة الانفلات الأمني وغياب السيطرة علي الشارع وانضم إلي هذه السوق الآلاف الذين وجدوا فيها ضالتهم في ظل تراجع الاقتصاد وصعوبة المعيشة وباتت مصدر رزقهم الوحيد لكسب لقمة عيش حلال، تقيهم ذل السؤال. وقد تابعت بوابة الأهرام اليوم السبت إحدى الحملات الأمنية لرفع إشغالات الطرق، التى تعوق حركة سير المواطنين سواء للمارة أو لقائدى المركبات بأكثر المناطق الحيوية بالعاصمة فى حى الأزبكية، وبالتحديد عند صيدلية الأسعاف المواجهة لدار القضاء العالى بمنطقة وسط البلد، والتى قام بها حى الأزبكية بمعاونة كل من شرطة المرافق وقسم الأزبكية بهدف إعادة الهدوء لهذه المنطقة الحيوية ووضع حد لفوضي الباعة الجائلين الذين فرضوا وجودهم علي كل شبر بطول وعرض هذه المنطقة من رمسيس إلي شارع الجلاء. وفي البداية قال اللواء عاطف عبد المنعم رئيس حى الأزبكية فى تصريح ل" بوابة الأهرام " عقب انتهاء الحملة أن الحى مستمر فى حملة رفع الإشغالات الموجودة فى ميدان الإسعاف لأن الوضع أصبح لا يحتمل بسبب الخيام التى أقامها الباعة الجائلون والانتشار المكثف لهم بالمنطقة الذي أعاق حركة المارة على الرصيف كما حجبت الخيام واجهة صيدلية الإسعاف والبنك المجاور لها وأعاقت الحركة أمام مداخل محطة المترو.وباستمرار الحملات الأمنية بمساعدات شرطة المرافق وقسم الأزبكية استطاعت الحملة رفع معظم الإشغالات بمنطقة الإسعاف وإخلائها من الباعة الجائلين. وأكد ضرورة وجود خدمات بمنطقة الإسعاف على مدار 24 ساعة وبشكل دائم حتى لا يعود الباعة لإشغال الطريق مرة أخرى. وأوضح أن الحى وفر لهم أماكن بديلة بالفعل فى ميدان رمسيس حيث يوجد إقبال من المواطنين على هذه المنطقة وهى لا تبعد عن مكانهم الحالى 30 مترا. وقال إنه تم حصر عدد الباعة الجائلين المتواجدين فى حى الأزبكية بالتعاون مع بعض كبار الباعة، وذلك بالنسبة لمناطق رمسيس والإسعاف و26 يوليو والفجالة وبلغ عددهم حوالى 900 بائع متجول إلا أنه يوجد بعض الدخلاء من الباعة عليهم وهم الذين يعملون على زيادة أعداد الباعة، وأضاف: عبد المنعم أنه بالتعاون مع الباعة القدماء سوف يتم السيطرة على الباعة الجدد منهم. وتابع قائلا: لو أن الباعة القدماء التزموا بأماكنهم ولم يسمحوا لأحد من الجدد عليهم أن يأتى فى أماكنهم لحلت هذه الأزمة منذ زمن. وأكد أن حملة رفع الإشغالات مستمرة لمدة أسبوع لأن المنطقة متكدسة بالباعة الجائلين ولابد من فرض سيطرة أمنية على المنطقة لأنه بعد انصراف الحملة يعود الباعة لأماكنهم مرة أخرى. لكن المثير علي الجهة المقابلة أن الباعة الجائلين متمسكون بالبقاء ورافضون للرحيل وكأن الشارع أصبح حقا مشروعا لهم وضربوا بكل الحلول عرض الحائط. وقد أجرينا حوارا مع أحمد حسين نقيب الباعة الجائلين حيث قال تعقيبا على كلام اللواء عاطف عبد المنعم رئيس حى الأزبكية إن النقابة أقامت مشروع نماذج حضارية وبالفعل تم تطبيقها فى ميدان رمسيس وعدد البائعين الذين تسلموا النموذج 1031 بائعا وبالاتفاق مع نائب محافظ القاهرة. وتابع كلامه قائلا: إن الاتفاق تم على أن الباعة سوف يتم تسكينهم فى هذه الأكشاك على أن يتم استخراج رخصة مدتها سنة لكل بائع حتى يشعر البائع بقيمته من قبل الدولة وأنها اعترفت به بعد قيام ثورتين، ولكن الذى تم من الاتفاق غير كافٍ بالنسبة للبائعين. وأضاف حسين أن النقابة تم إنشاؤها فى 26/9/2012 وقال إن عدد أعداد أعضاء النقابة وصل 47200 وتحدث عن دور النقابة بأنها لابد أن توفر معاشات لأعضائها لأنهم لا يوجد لهم مصدر دخل آخر وأن تقنن أوضاع الباعة الجائلين لأن منهم من يتواجد فى الشارع من 30 سنة. وأضاف أنه بعد إقامة مشروع النماذج فى رمسيس لم يتم تسليم الرخص لأصحاب الأكشاك بل تم تسليمهم ورقة مدونا عليه هذه النمرة لمكان محدود بدون أى مقابل وبصفة مؤقتة لتقنين الأوضاع وضوابط تحقق الصالح العام لا يعتدى بها كعقد أو رخصة مع الالتزام بإخلاء المكان إن رغبة الحى ذلك فى أى وقت وتوفير مكان بديل. وقال أيضا أنه يجب على الدولة توفير الأماكن اللازمة لهم وتقنين أوضاع الباعة الجائلين وناشد الجهات المسئولة بذلك وأن لا بد من الاعتراف بالباعة الجائلين لأنهم هم من ساعدوا فى حماية مؤسسات الدولة المتواجدة بوسط البلد من الإرهاب ولا يجب على الأجهزة المعنية تركهم هكذا حين يحتجونها. وبين هذا وذاك يبقي السؤال تري هل تستعيد مصر وجهها الحضاري ويعود للشارع المصري رونقه وبهاؤه مع تلبية مطالب الباعة الجائلين باعتبارهم من أبناء الوطن لهم فيه حق وعليهم فيه واجب, أم أن لعبة القط والفأر ستتواصل تأتي الشرطة فيرحل الباعة وترحل الشرطة فيأتون ويبقي الشارع المصري وحده يئن ويدفع الثمن وتبقي القنبلة الموقوتة تبحث عمن ينزع فتيلها.