أكدت أنجيلا ميركل (59 عامًا) ابنة القس التي جاءت من ألمانيا الديمقراطية (الشرقية السابقة)، اليوم الثلاثاء، أحقيتها بحمل لقب "أقوى امرأة في العالم" بانتخابها مستشارة لألمانيا للمرة الثالثة. وحدهما كونراد أديناور، أول مستشار بعد الحرب في ألمانياالغربية، وهيلموت كول، مستشار التوحيد، سبقاها إلى هذه النتيجة. وكانت ميركل منحت في أواخر سبتمبر حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أعلى نتيجة منذ توحيد البلاد في 1990، وأصبحت الثلاثاء أول زعيم لبلد أوروبي كبير تجدد ولايته منذ الأزمة المالية والنقدية التي ضربت الاتحاد الأوروبي. وبعد مفاوضات طويلة، باتت أنجيلا ميركل التي تتعرض للنقد في أوروبا لكنها تتمتع بشعبية كبيرة في بلادها، تترأس لأربع سنوات "تحالفًا كبيرًا" مع المنافسين الاشتراكيين الديمقراطيين على غرار ما حصل خلال ولايتها الأولى (2005-2009). وميركل التي يطلق عليها "المستشارة الحديدية" لدفاعها المستميت عن سياسات التقشف تلقب أيضًا ب"موتي" (الأم) لأنها تبعث الاطمئنان لدى شعبها وسط العاصفة الأوروبية. لكن في شوارع لشبونة ومدريد الناقمتين على سياستها، ظهرت صور لها بشاربين أشبه بشاربي هتلر، وكذلك شعارات من نوع "ميركل النازية، أخرجي". واتهمها المتظاهرون في أثينا بأنها تريد تركيع اليونان لسلب مواردها بشكل أفضل. لكن ميركل التي صنفتها مجلة فوربس "المرأة الأقوى في العالم" للمرة السابعة خلال ثماني سنوات من الحكم، تؤكد أن برلين لا تسعى إلى أي هيمنة على الاتحاد الأوروبي، غير أنها تؤكد في المقابل أن الوضع ما كان وصل إلى ما هو عليه اليوم لو أن الجميع شد الحزام كما فعل الاقتصاد الأول في المنطقة. وأنجيلا دوروثيا ميركل المولودة في كاسنر (59 عاما) معجبة جدًا بكاثرين العظمى الأميرة الألمانية التي أصبحت أمبراطورة روسيا، كانت ماهرة في اللغة الروسية والرياضيات وتحلم بأن تصبح بطلة تزلج على الجليد. وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في ألمانيا والأولى التي تحكم دولة أوروبية كبرى منذ عهد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت ثاتشر، وأول رئيسة حكومة منحدرة من ألمانياالشرقية السابقة. وبعد ثماني سنوات على وصولها إلى سدة الحكم بفضل تحالف بين محافظي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه والحزب الاشتراكي الديمقراطي، لا يبدو أن هذه الفترة الطويلة في السلطة نالت من طاقتها. فقد اكتسبت لقب "ملكة الليل" بسبب قدرتها على الصمود خلال القمم الأوروبية في بروكسل وكذلك شغفها بالأوبرا. ومنذ 2009 تقود ميركل تحالفًا مع الحزب الديمقراطي الحر وهي تتمتع في ألمانيا بشعبية لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية مع أكثر من 60% من المؤيدين لها. ويقول الإخصائي في الشئون السياسية أوسكار نيدرماير "أصبحت تمثل صورة والدة الأمة، إنها تجسد الإنسان العادي وتدافع عن المصالح الألمانية" في الأزمة. ويضيف "كل ذلك يجعلها تبدو هادئة وواقعية وهذا يروق للناس". أما خصومها فيتهمونها بأنها تدير شئون البلاد يومًا بيوم من دون رؤية سياسية. وميركل تقول إنها براجماتية وإنها لا تخشى تغيير مواقفها تغييرًا جذريًا كما فعلت بشأن الطاقة النووية. ففي 2010 قررت تمديد فترة تشغيل المحطات النووية، لكن بعد أشهر وعلى إثر كارثة فوكوشيما اليابانية في مارس 2011 أعلنت التخلي عن النووي بحلول 2022. ويقول جيرد لانجوث كاتب سيرتها "إنها مثل أبو الهول إي إنسانة كتومة تعلمت من خلال عيشها في ظل نظام جمهورية ألمانيا الديمقراطية كيف تخفي ما تفكر به. وهي ترغب الآن في أن تبدو بصورة أكثر إنسانية". ولدت ميركل في هامبورج (شمال) ونشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية حيث استقر والدها القس التبشيري في ظل الشيوعية. درست الفيزياء وانخرطت في المعترك السياسي عند سقوط جدار برلين وقالت إنها في تلك اللحظة لم تعلم بالأمر لأنها كانت مساء التاسع من نوفمبر 1989 تأخذ حمامًا بخاريًا. وأصبحت مساعدة المتحدث باسم أول وآخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. بدأت مسيرتها السياسية في 1990 إلى جانب المستشار السابق هلموت كول الذي اكتشف قدراتها وكان يلقبها ب"الفتاة الصغيرة" وأسند إليها "مستشار إعادة التوحيد" منصبين كبيرين في وزارتي الأوضاع النسائية ثم البيئة. واستفادت من فضائح تمويل خفي طالت الاتحاد الديمقراطي المسيحي لكي ترأس الحزب مكان معلمها هلموت كول في العام ألفين. ورغم كونها بروتستانية ومطلقة فقد فرضت نفسها على رأس حزب كاثوليكي معظم قيادييه من ألمانياالغربية. ومنذ ذلك الحين تمكنت من إزالة جميع خصومها المحتملين من طريقها. وبعدما تزوجت للمرة الثانية من عالم كيمياء معروف غير أنه يبقى في الظل هو يواكيم ساور احتفظت المستشارة، التي لم تنجب، باسم زوجها الأول ميركل. واجهت ميركل على صعيد شخصي انتقادات ساخرة بسبب عدم أناقتها وخصوصًا من قبل المصمم الألماني كارل لاجرفيلد. فهي ترتدي على الدوام سترة وبنطلونًا مع أطقم عدة بألوان مختلفة، كما أنها تلزم التكتم على حياتها الخاصة غير أنه من الممكن مشاهدتها أحيانًا تتبضع في السوبرماركت. والترف الوحيد الذي تسمح به لنفسها حين تكون في عطلة هو قضاء أمسية في مهرجان الموسيقار فاجنر في بايرويت، وبعد ذلك تختفي بضعة أيام في الجبال حيث تقوم بنزهات طويلة.