المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حققت فوزا كبيرا بالحصول على ولاية ثالثة من أربع سنوات في الانتخابات التشريعية التي جرت اليوم الأحد هي "المرأة الأقوى في العالم"، وأيضا من الزعماء الأوروبيين الأكثر عرضة للانتقاد. وميركل (59 عاما) المحبوبة جدا من الالمان والمحافظة المتحدرة من جمهورية المانيا الديموقراطية (المانياالشرقية سابقا) حققت اليوم نصرا إذ إن حزبها الذي تركزت حملته على شخصيتها سجل أفضل نتيجة في تاريخه منذ إعادة توحيد البلاد عام 1990. وميركل التي يطلق عليها "المستشارة الحديدية" لدفاعها المستميت عن سياسات التقشف تلقب أيضا ب"موتي" (الأم) لأنها تبعث الاطمئنان لدى شعبها وسط العاصفة الاوروبية. لكن في شوارع لشبونة ومدريد الناقمتين على سياستها، ظهرت صور لها بشاربين أشبه بشاربي هتلر، وكذلك شعارات من نوع "ميركل النازية، اخرجي". واتهمها المتظاهرون في أثينا بأنها تريد تركيع اليونان لسلب مواردها بشكل افضل. لكن ميركل التي صنفتها مجلة فوربس "المرأة الأقوى في العالم" للمرة السابعة خلال ثماني سنوات من الحكم، تؤكد أن برلين لا تسعى إلى أي هيمنة على الاتحاد الأوروبي، غير أنها تؤكد في المقابل أن الوضع ما كان وصل إلى ما هو عليه اليوم لو أن الجميع شد الحزام كما فعل الاقتصاد الأول في المنطقة. وأنجيلا دوروثيا ميركل المولودة كاسنر (59 عاما) معجبة جدا بكاثرين العظمى الأميرة الألمانية التي أصبحت إمبراطورة روسيا، كانت ماهرة في اللغة الروسية والرياضيات وتحلم بأن تصبح بطلة تزلج على الجليد. وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في ألمانيا والأولى التي تحكم دولة أوروبية كبرى منذ عهد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت ثاتشر، وأول رئيسة حكومة متحدرة من ألمانياالشرقية سابقا. وبعد ثماني سنوات على وصولها إلى سدة الحكم بفضل تحالف بين محافظي حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي تتزعمه والحزب الاشتراكي الديموقراطي، لا يبدو أن هذه الفترة الطويلة في السلطة نالت من طاقتها. فقد اكتسبت لقب "ملكة الليل" بسبب قدرتها على الصمود خلال القمم الأوروبية في بروكسل وكذلك شغفها بالأوبرا. ومنذ 2009 تقود ميركل تحالفا مع الحزب الديمقراطي الحر وهي تتمتع في المانيا بشعبية لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية مع أكثر من 60% من المؤيدين لها. ويقول الإخصائي في الشؤون السياسية أوسكار نيدرماير "أصبحت تمثل صورة والدة الأمة. إنها تجسد الإنسان العادي، وتدافع عن المصالح الألمانية" في الأزمة. ويضيف "كل ذلك يجعلها تبدو هادئة وواقعية وهذا يروق للناس". أما خصومها فيتهمونها بأنها تدير شئون البلاد يوما بيوم من دون رؤية سياسية. وميركل تقول انها براجماتية وانها لا تخشى تغيير مواقفها تغييرا جذريا كما فعلت بشأن الطاقة النووية. ففي 2010 قررت تمديد فترة تشغيل المحطات النووية. لكن بعد اشهر وعلى اثر كارثة فوكوشيما اليابانية في مارس 2011 أعلنت التخلي عن النووي بحلول 2022. ويقول جيرد لانجوث كاتب سيرتها "إنها مثل ابو الهول أي إنسانة كتومة تعلمت من خلال عيشتها في ظل نظام جمهورية المانيا الديموقراطية كيف تخفي ما تفكر به. وهي ترغب الآن في أن تبدو بصورة أكثر إنسانية". ولدت ميركل في هامبورج (شمال) ونشأت في جمهورية المانيا الديمقراطية حيث استقر والدها القس التبشيري في ظل الشيوعية. درست الفيزياء وانخرطت في المعترك السياسي عند سقوط جدار برلين وقالت إنها في تلك اللحظة لم تعلم بالأمر لأنها كانت مساء التاسع من نوفمبر 1989 تأخذ حماما بخاريا. وأصبحت مساعدة المتحدث باسم أول وآخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. بدأت مسيرتها السياسية في 1990 إلى جانب المستشار السابق هلموت كول الذي اكتشف قدراتها وكان يلقبها ب"الفتاة الصغيرة" وأسند إليها "مستشار إعادة التوحيد" منصبين كبيرين في وزارتي الأوضاع النسائية ثم البيئة. واستفادت من فضائح تمويل خفي طالت الاتحاد الديمقراطي المسيحي لكي ترأس الحزب مكان معلمها هلموت كول في العام ألفين.