ليس جديدا على الشعبين المصري والتركي، أن تتأزم العلاقات بين البلدين، وأن يصل الأمر إلى حد طرد مصر لسفير أنقرةبالقاهرة، حيث بدأ التدهور الدبلوماسي بين الدولتين، عقب ثورة 1952 التي قام بها ضباط من الجيش، للتخلص من الحكم الملكي، وساندهم الشعب في ذلك، ووقتها خرج سفير تركيا عن حد اللياقة، وقال إن مجموعة من الشباب الطائش انقلبوا علي الملك. لم يجد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بعد هذه العبارات التي تطاول بها سفير تركيا على قادة الجيش، إلا أن يتخذ قرارا بطرده من الأراضي المصرية. عادت بعدها العلاقات بين البلدين رويدا رويدا، لكنها عاودت التدهور مجددا عام 1961، عندما رفضت تركيا الوحدة المصرية السورية وأقرت الانفصال، بعد أن كانت الجمهورية العربية المتحدة، وباركت تركيا هذا الانفصال. وفي التسعينيات، عادت العلاقات الدبلوماسية مجددا، بشكل واضح، وساهم في ذلك، الدور الحيوي الذي لعبته مصر في تهدئة الأوضاع بين تركيا وسوريا في نزاعهما حول المياه والحدود والأكراد. وعقب انتهاء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتولى المجلس العسكري زماما الأمور، عادت الأمور إلى التقارب مجددا، بعد زيارة قام بها الرئيس التركي عبدالله جول، إلى القاهرة، عرض خلالها إمكانية دعم التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين القاهرةوأنقرة. وعقب جلوس الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، على كرسي رئاسة البلاد، ازدادت قوة العلاقات بين القاهرةوأنقرة، لكن مع سقوط الإخوان بعد ثورة 30 يونيو، دخلت العلاقات مرحلة التدهور مجددا، بعد تعمد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وصف الثورة بأنها "انقلاب عسكري". ورغم اعتراضات عدة، من جانب الخارجية المصرية على تصريحات أردوغان، فإنه تمادى في التطاول على رموز الشعب المصري، وكان من بينهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان السياسي بين الدولتين. لم تقف الخارجية المصرية أمام سقطات أردوغان كثيرا، وقررت اليوم تكرار سيناريو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي قاد الجيش للثورة على الملك وسانده الشعب، وجاء اليوم ليرحل السفير التركي، بعد ثورة شعب ساندها الجيش، وقيل له: "أنت شخص غير مرغوب فيك".. وفعلا رحل إلى حين يأذن الشعب بعودته.