عقدت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية الصادرة اليوم الأحد، مقارنة بين الوضع الراهن للأزمة السورية والتحركات الغربية الوشيكة للتخلص من الأسلحة الكيماوية التابعة للنظام في دمشق، وبين حال العراق وليبيا عندما واجهتهما سيناريوهات مشابهة قبل أكثر من عقدين. وأعادت الصحيفة- في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني- إلى الأذهان تأكيدات العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بالتخلص من ترسانته الكيماوية في أعقاب تدخل المجتمع الدولي في العراق عام 2003 بزعم امتلاك نظام صدام حسين أسلحة دمار شامل، مشيرة إلى أن هذه التأكيدات ذهبت سدى حيث اكتشف المحققون عقب موت القذافي عام 2011 احتفاظه بمخازن كبيرة تحوي أسلحة كيماوية. وذكرت أن "قصة قيام القذافي بتضليل المجتمع الدولي عادت الآن لتلوح في الأفق وسط الجهود الوليدة الرامية إلى تفعيل خطة لتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها الأسد، الذي يعتبر من أقوى الرجال في المنطقة، ولكنه أبدى- في تحول مذهل- موافقة مبدئية للتخلص من ترسانته استجابة للضغوط الأمريكية والروسية". من جانبهم، أوضح خبراء مراقبة الأسلحة (حسبما نقلت الصحيفة) أن استرجاع تجربة ليبيا وغيرها من الدول التي كانت تمتلك أسلحة كيماوية كالعراق ربما يكون مجديًا في الوقت الذي يرسم فيه دبلوماسيو العالم مسارًا لكشف وتأمين وتدمير الأسلحة الكيماوية السورية، فيما يخشى البعض من وجود "تحديات فريدة" أمام عمليات التخلص من الترسانة السورية، لأسباب تعود جزئيًا لحقيقة أن المفتشين الدوليين سوف يعملون في منطقة حرب. بدوره، قال داريل كيمبل، مدير جمعية مراقبة الأسلحة، وهى منظمة لا تهدف إلى الربح ومقرها واشنطن إنه "بالنسبة إلى سوريا، فإنك تتعامل مع دولة لم تعلن سوى مؤخرًا عن امتلاكها ترسانة أسلحة كيماوية، ولم تبد أي نية للتخلص من هذه الترسانة قبل أن تتعرض لمخاطر الضربة العسكرية؛ هذا فضلاً عن استمرار الحرب الأهلية الدائرة هناك". ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إن مهمة القضاء على الأسلحة الخطيرة كغاز السارين أو غاز الأعصاب "في.أكس" ستكون متعبة للغاية حتى في ظل أفضل الظروف؛ فالولايات المتحدة، التي وافقت قبل 20 عامًا على التخلص من ترسانتها إبان الحرب الباردة، لم تنته بعد من مهمتها رغم إنفاق مليارات الدولارات، كذلك روسيا قضت سنوات تجاوزت الموعد المحدد للتخلص من هذه الأسلحة. ومع ذلك، أشار خبراء الأسلحة (حسبما نقلت الصحيفة) إلى النجاحات التي حققوها في العراق بعد حرب الخليج عام 1991 وحتى الغزو الأمريكي عام 2003، وذلك رغم تنامي مشاعر العداء المحلي واتساع رقعة الفوضى- في عمليات ربما كانت مقدمة للأحداث الدائرة حاليًا في سوريا. وبخلاف سوريا، أوضحت الصحيفة أن المهمة في ليبيا قبل أعوام كانت احترافية وتمت بتأن وكانت مناسبة تمامًا لإدارتها من قبل البيروقراطيين الدوليين، وفقًا لباحثين وخبراء أسلحة، مشيرة إلى أن تخلي القذافي عن برنامجه لامتلاك أسلحة دمار شامل كان نتيجة الجهود الدبلوماسية التي استمرت أشهرًا ضده. واختتمت (واشنطن بوست) تقريرها قائلة إن تجربة ليبيا، مع ذلك، فضحت نقطة ضعف رئيسية؛ حيث كان المفتشون يتمتعون بسلطات وطرق محدودة لتحري أي خداع ولم يكن لديهم أدوات قانونية لمحاسبة الدول غير الممتثلة.