رأى الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" أن ترسيخ قيم التسامح والتعايش وتعظيم القواسم المشتركة هو سبيل الشعوب العربية والإسلامية لنجاح الديمقراطيات الوليدة في منطقة الشرق الأوسط. واعتبر الكاتب في مقال له أوردته على صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد، أن التدخل الأمريكي في دول الشرق الأوسط، مهما اختلفت أسبابه، يظل تدخلا بمعنى الكلمة ولن يسهم بكل أخطائه في تحقيق أي إنجاز يذكر بدون وجود نضال حقيقي من قبل شعوب المنطقة. وأضاف فريدمان "فالحروب التي شنتها واشنطن على بعض الدول، بفضل مبرراتها الواهية، لم تنجح في إعادة الأمن والاستقرار إلى هذه الدول، فالحرب على ليبيا وصفت بأنها كانت ناجحة، فيما وصفت في العراق بأنها سيئة، وفي أفغانستان كانت ضرورية، والبوسنة شهدت حربا أخلاقية، ومن ثم فالتدخل في سوريا سيكون له أسبابه الواهية أيضا والتي لن تنجح". ولفت فريدمان إلى أن التدخل الأمريكي دائما ما يحدث في البلدان ذات المذاهب المتعددة، معظمهم من المسلمين أو العرب، والتي حكمت لعقود من الزمن بالنظم الديكتاتورية المستبدة والقبضة الحديدية ومن ثم تم الإطاحة بتلك النظم إما عن طرق قوى داخلية أو خارجية. وتابع فريدمان قوله "وقد ارتكبت الإدارات الأمريكية السابقة أخطاء عدة في البوسنة والعراق وأفغانستان، وسعت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتجنب مثل هذه الأخطاء في تدخلها في ليبيا وذلك من خلال توجيه ضربة جوية بدون إجراء تدخل على الأرض". وأردف يقول "إلا أن هذا الأمر ارتد عليها وقت مقتل السفير الأمريكي لدى ليبيا كريس ستيفنز في سبتمبر الماضي، وذلك نتيجة لعدم وجود قوات أمريكية في الأراضي الليبية لتحد من انتشار المليشيات المسلحة والجماعات الجهادية في البلاد".. لذا، فإنه وفي حال تم توجيه ضربة جوية للاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، فإنه من المرجح أن نكرر السيناريو الليبي مرة أخرى، حسبما رجح فريدمان. ورأى فريدمان أنه وكي يتم ترسيخ الديمقراطيات ذات المذاهب المتعددة في سوريا، فإن أوباما يحتاج إلى الانتصار في معركتين: الأولى ضد التحالف الذي يشمل الأسد، العلويين، إيران وجماعة حزب الله اللبنانية، ثم التوجه للقضاء على الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة. وأوضح الكاتب الأمريكي أنه ومع ذلك لن ينجح أيضا، فالمشكلة في سائر أنحاء الشرق الأوسط تكمن في الكره المتغلغل في قلوب البعض والذي ينبغي القضاء عليه لكي لا تؤول الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه. وأكد فريدمان أنه من الضروري أن تناضل الشعوب في العالم العربي والإسلامي، من أجل ترسيخ معاني التسامح فيما بينهم، وإلا فإن مساعي واشنطن مهما كانت لن تؤتي ثمارها، مستشهدا بأن نجاح التجربة الديمقراطية في جنوب أفريقيا إبان فترة التسعنيات، لم يكن بسبب أمريكا، بل بسبب نجاح القيادة المحلية في احتواء شعبها ومدى التسامح الذي ترسخ بداخلهم.