خرجت حشود كبيرة من المصريين من المعسكرين المتعارضين اللذين يتصارعان على مستقبل البلاد إلى الشوارع اليوم الجمعة الأمر الذي عمق مشاعر الريبة والعداء بينهما حيث يزعم الإسلاميون أن الشرعية سلاحهم الوحيد بينما يطالب معارضوهم الجيش بمحاربة الإرهاب. ويستحضر أنصار وخصوم الرئيس المعزول محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين معركة بين الخير والشر ويتبادل الجانبان الاتهامات اللاذعة بالخيانة في خطاب يوحي بأن مصر أكبر الدول العربية سكانا تواجه صراعا طويلا. وقال شريف زيدان وهو يرفع مصحفه الصغير في احتجاج ينظمه عشرات الآلاف من أنصار مرسي "يقولون علينا إرهابيين لكن الشرعية في جانبنا، إنها سلاحنا الوحيد". ويرى أنصار جماعة الاخوان المسلمين أن الجيش قام بانقلاب عسكري عندما عزل في الثالث من يوليو تموز أول رئيس منتخب بشكل حر وعين حكومة جديدة. وعلى النقيض من ذلك حلقت الطائرات الهليكوبتر الحربية على ارتفاعات منخفضة فوق ميدان التحرير في استعراض للدعم للحشود المعارضة لمرسي التي دعاها للخروج الفريق اول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة الذي عزل مرسي بعد عام واحد في الحكم. وتركت دعوة السيسي للاحتجاجات وهي الأولى من نوعها الشارع المصري في أشد حالات انقسامه منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك عام 2011. وتشير العداوة الشديدة إلى احتمال استمرار حالة الضبابية السياسية لفترة طويلة في مصر الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة. وطلب السيسي الرجل الأقوى نفوذا في البلاد من المصريين منحه تفويضا للتصدي لما وصفه بأنه "العنف والارهاب" وهو ما اعتبر تهديدا مبطنا للاخوان المسلمين. ولاقت هذه الدعوة تعاطفا في الميدان حتى بين المتدينين. وقالت سهير زكي (26 عاما) التي كانت ترتدي جلبابا أسود ونقابا "خرجنا لأننا نفوض (السيسي) لمحاربة الإرهاب. السيسي هو درع البلد الذي يحمينا". وترددت الأغاني الوطنية بينما نشط الباعة الجائلون في بيع الاعلام المصرية وصور السيسي على مداخل ميدان التحرير الذي كانت تحرسه مدرعات الجيش وقوات الشرطة التي جاءت في عربات تحمل علم مصر وقد كتبت عليها عبارة "شرطة الشعب". وواصل المحتجون في رابعة العدوية حيث الاعتصام الرئيسي لأنصار مرسي تحديهم على الرغم من أنهم يرون أن دعوة السيسي علامة على اقتراب حملة عسكرية صارمة ضدهم. وقال محمد جمال (26 عاما) الذي وقف يبيع عصابات خضراء اللون كتبت عليها عبارة تدعو السيسي إلى الرحيل "السيسي سيسقط. أصوات الملايين ستسقطه". وتعمل الآلة الإعلامية للجيش معتمدة على الإعلام الرسمي على مدار الساعة على تشديد عزلة الاخوان المسلمين. والقنوات التلفزيونية والصحف الخاصة شديدة العداء للاخوان وتقوم بدورها أيضا في ذلك. وأظهر فيلم تسجيلي عرض على شاشات التلفزيون الحكومي اليوم الجمعة الاحتفالات التي تفجرت في الليلة التي أعلن فيها السيسي عزل مرسي. وقال قارئ التعليق في الفيلم إن هذا هو يوم "الاستقلال من الاحتلال الاخواني". وعلا صوت مذيعة بالتكبير بعد إعلان عزل مرسي المحتجز بمعزل عن العالم الخارجي. وعرضت مشاهد للتدريبات العسكرية على شاشات التلفزيون الحكومي طوال اليوم ومن بينها مشهد للسيسي وهو يعدو على رأس عدد من الجنود. وكتبت على الشاشات عبارة "مصر ضد الإرهاب". وخسرت جماعة الإخوان المسلمين الكثير من قوتها الاعلامية بعد اغلاق قناتها التلفزيونية عقب الاطاحة بمرسي. كما ألقي القبض على عدد من قياداتها. لكن الجماعة ما زالت قادرة على توصيل صوتها مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي ومنصة اعتصامها في رابعة العدوية بشمال شرق القاهرة. وأصدر محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين بيانا قال فيه إن السيسي ارتكب جريمة تفوق هدم الكعبة حجرا حجرا. ويقول الاخوان المسلمون إنهم ملتزمون بالاحتجاج السلمي حتى وإن كان ذلك يعني الموت. ودعا عبد الرحمن البر العضو البارز في الجماعة في خطاب ألقاه أمام أنصار مرسي الجيش إلى رفض أي أمر بفتح النار وهو شيء قال الجيش إنه لن يلجأ إليه إلا في مواجهة الضالعين في العنف والإرهاب. وقال البر إن السيسي يطلب تفويضا لإراقة دماء الأبرياء. وقال في لغة ربما تكررت في ميدان التحرير إن مصر وقعت بين جماعتين إحداهما تسعى إلى الخير والأخرى تسعى إلى الشر.