تخفيضات 25%.. إقبال على شوادر «حياة كريمة» لبيع اللحوم بالإسماعيلية    رئيس «المصرية لصناعة الرخام»: أنشأنا 17 مجمعا صناعيا بتكلفة 10 مليارات جينه    كراسة شروط حجز شقق رشيد الجديدة.. 93 مترا وتقسيط حتى 7 سنوات    ارتفاع القيمة السوقية للبورصة 14 مليار جنيه ختام تداولات اليوم    الولايات المتحدة تدعم حلفاءها بالأسلحة والصواريخ بمليارات الدولارات    3 أزمات بين كولر وإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر    رئيس الوزراء يبحث مع أشرف صبحي مقترحات زيادة مساهمة الرياضة في الناتج المحلي    العظمى تسجل 32 وأمطار خفيفة.. درجات الحرارة وحالة الطقس غدًا الثلاثاء على أغلب أنحاء الجمهورية    غدًا انطلاق فعاليات الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    محافظ المنوفية يفتتح المركز التكنولوجي ل«التموين» في شبين الكوم    أعداد الشهداء في ارتفاع مستمر بقطاع غزة.. فيديو    إنطلاق فعاليات مبادرة «بداية» للأنشطة الطلابية بكليات جامعة الزقازيق    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    إنبي يُطالب الزمالك ب 150 ألف دولار بعد تحقيق لقب السوبر الإفريقي    وكيل شعبة الكهرباء يحذر: 5 أجهزة في بيتك الأكثر استهلاكا    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    الدعم النقدي.. موقف الحوار الوطني النهائي وأول تعليق من النواب (خاص)    «زوج يساوم زوجته» في أغرب دعوي خلع ترويها طبيبة أمام محكمة الأسرة (تفاصيل)    وزير التعليم يتابع انتظام الدراسة خلال جولة ب6 مدارس بحدائق القبة    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    "بداية جديدة لبناء الإنسان".. قصور الثقافة بشمال سيناء تُطلق عدة فعاليات    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    وزير المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح الاقتصادي    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسم يسري يفضح تناقض واهتراء "المؤسسة الرسمية" ويرسمها "خرابة كبيرة" تكسوها "البهرجة"

نظر العديد من الناس إلي الفنون المعاصرة، باعتبارها فنونًا مجردة منفصلة عن الواقع ولا تعبر عنه، لكن الفنان البصري، باسم يسري يمنحنا في أعماله نموذجًا علي الكيفية التي يمكن أن تتفاعل بها الفنون المعاصرة مع الواقع بحيث تعبر عنه وتفكك محتوياته، وتغير نظرتنا إليه.
يتجلي هذا النموذج في معرضه الأخير "المؤسسة الرسمية"، الذي عرض بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك مؤخراً، ويفضح تناقض واهتراء تلك المؤسسة.
يتناول المعرض فكرة المؤسسة الرسمية بمعناها الواسع، في علاقتها وتجاورها مع الحياة اليومية العادية للناس، بدءاً من إشارات المرور التي ترمز لسلطة الدولة الانضباطية ووسائل النقل العام والمدارس، وصولاً إلي "أكبر" المؤسسات الرسمية، وأكثرها "عراقة وقدماً".
وهي أوصاف توضع بين علامات تنصيص في هذا السياق، كاشفاً عن اهتراء وفراغ تلك المؤسسة، وروتينية موظفيها المشدودين بقيود العبودية البيروقراطية لتلك المؤسسة الرسمية، التي تحمل بداخلها جملة من النفاق والتناقضات، وذلك باستخدام مجموعة من الكراكيب التي تعكس حال تلك المؤسسة، باهترائها وتفككها، وفوضاها العارمة التي تجمع كل متناقضات مجتمع، بدا وكأنه علي حافة الجنون.
يتكون المعرض من أربعة حوائط رسم عليها جميعها باسم يسري معرضه، بتسلسل معين، مستخدماً الحبر "الشيني" المميز لأعماله.
في مواجهة مدخل المعرض يقبع موظف نائم خلف مكتب ضخم، ملئ بالمستندات، صنعه باسم من مجموعة كراكيب خشبية، ويحلم الموظف بالنوم بينما يغط في النوم فعلياً، ويعلو الموظف صورة كاريكاتورية للزعيم/الرئيس وتغطي جسده في الصورة، قطعة ملابس داخلية، بينما يقف تحت المكتب حيوان "يتبرز".
يضم المعرض خلاصة تجارب باسم يسري مع المؤسسة الرسمية في السنة الأخيرة، التي اضطر فيها لتحمل معاناة استخراج أوراق رسمية خاصة بجواز السفر من مجمع التحرير، وجملة من المعاملات الأخري في ماسبيرو وقسم العجوزة وقاعات الفن التشكيلي التابعة لوزارة الثقافة.
يري باسم يسري أن المؤسسة الرسمية هي عبارة عن "خرابة كبيرة"، فهي شبه منهارة من الداخل، مهما بدا عليها من بهرجة وعراقة وعظمة من الخارج، فمن الداخل هي مهترئة إلي أقصي حد بدءاً من كراسيها المتهالكة، وانتهاءاً بنفاقها.
يعمل باسم يسري علي صياغة إطار فني، يضع المشاهد داخل، لا أمامه مستفيداً من كل مساحة فراغ تقابله وهو يصنع عمله، وفي معرضه الأخير، يضع يسري زوار المعرض في قلب المؤسسة الرسمية المصرية، فهو يخلق سياقاً مكانياً يكون المتلقي فيه جزءاً أساسياً من العمل نفسه ليدخل في حالة حوار معه، فمتلقي معرض باسم يكون مع العمل وفي قلبه، وكما يقول باسم فإنه يحرص دوماً علي أن يجعل للمتلقي مكاناً داخل العمل، فلم يعد الإطار التقليدي الذي تعرض من خلاله الفنون كافياً له.
بدأ باسم يسري بداية أكاديمية في كلية الفنون الجميلة، هناك تعلم كيف يجب أن يرسم ويلون بطريقة منضطبة داخل إطار، لكن سرعان ما أصبح إطار اللوحة خانقاً بالنسبة لباسم لا يمكنه التنفس من خلاله فبدأ في التمرد عليه.
وحثه علي الخروج منه وكسره، فبدأ بالسخرية من اللوحة نفسها بأن يضع رسوماً كاريكاتورية علي رأس الموديل الذي رسمه وعلي حواف إطار اللوحة وكأنما يريد الخروج منها.
لكن النقطة الفاصلة بالنسبة لها جاءت حين قام بأول عمل فيديو، فغير هذا من تفكيره فيما يتعلق بالفن تماماً، فأصبح هدفه خلق سياق في المكان الذي يعرض فيها بالكامل.
تحمل المؤسسة الرسمية داخلها نفاقاً أخلاقياً وعبارات خالية من مضمونها، فما تقوم عليه المؤسسة من قيم ومبادئ معلنة، لا يكون سوي خواءاً في الداخل، ويمثل باسم يسري ذلك بعبارة "أذكر الله" المكتوبة تحت الإطار الذي كان يجب أن تكون بداخله، وكأن باسم يسري يقول لنا إن تلك الأطر والبراويز التي غالباً ما تحمل آيات قرآنية أو مواعظ أخلاقية تكون في الأغلب فارغة من معناها.
يصنف باسم نفسه كفنان معاصر لأنه يعيش في هذا العصر وقادر علي فهم روحه، دون تجاهل التطورات الحديثة في العلوم والتكنولوجيا، ولأنه مشغول بقضايا معاصرة يعبر عنها بطريقته الخاصة جداً في التعبير عن أفكاره وفلسفته الجمالية.
لا يُعرف باسم يسري الفن المعاصرعلي أنه الفن الذي يستخدم وسائط معاصرة مستفيدة من الوسائل التكنولوجية الحديثة، ولكن الأمر يتعلق بالمضمون الذي تقدمه تلك الوسائط أيضاً، فهو يستعمل في معرضه وسائط قديمة مثل الخشب ومجموعة من الكراكيب وفرشاة وحبر، لكن تلك الوسائط القديمة استطاعت خلق طريقة جديدة لاستخدامها ونقد الوضعية الحديثة للمؤسسة الرسمية.
للفنون المعاصرة سياقها الغربي الذي نشأت فيه، لكن باسم يسري لا يري في ذلك عائقاً، فبنفس الأريحية التي نستخدم بها وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة المصنعة بالكامل في الغرب، يمكننا التعامل مع ذلك النمط من الفنون ولكن النقطة الحاسمة بالنسبة له، هي شخصية الفنان وكيفية استخدامه للوسيط الجديد، هل سيطمس الوسيط شخصية الفنان أم يفرض الفنان شخصيته علي تلك الوسائط ويشكلها بإبداعه الخاص.
بعد يوم من انتهاء فترة العرض بمركز الجزيرة للفنون، لم يعد المعرض الذي اتخذ من حوائط قاعة الحسين فوزي مكاناً له، ذا وجود، إذ إن إدارة المعرض ستقوم بدهان الحوائط من جديد، لكن زوال عمل باسم الفني لا يقلقه كثيراً، فقيمة العمل الفني لم تعد تكمن في كونه خالداً، فالتكنولوجيا الحديثة أتاحت له فرصة توثيق معرضه بالفيديو والفوتوغرافيا.
لم يتأقلم باسم بسهولة في البداية مع فكرة أن عمله الفني لن يصبح موجوداً بعد انتهاء فترة العرض لكنه بات يري الأمر عادياً تماماً، طالما أنه موجود في ذاكرة المتلقين ومحفوظ ومسجل رقمياً.
يضع باسم يسري نفسه في حالة دائمة من البحث عن وسائل وأفكار جديدة للتعبير عن نفسه وعن رؤيته، وهذا هو الأهم بالنسبة له، فلب القصة يكمن في التجربة نفسها وليس في العمل الفني كشيء مادي، فالعبرة في الفكرة وهي لا تموت أبداً.
ما بين السقوط الحر للأشخاص، مناشر الغسيل وإشارات المرور، موظفين كسالي وآخرون نائمون، ما بين تجاور الشيوخ ومرتديات البكيني، ولاعبي الكرة الصغار، الأناس الضخام والأصغر منهم حجماً، ماسبيرو وسلطة الرقابة الانضباطية تتأرجح المؤسسة الرسمية كما يتأرجح الناس داخلها.
# #
# #
# #
# #
# #
# # .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.