أتت ردود الأفعال السياسية متباينة ما بين مؤيد ومعارض إزاء دعوة الرئاسة للمصالحة الوطنية، فيما أحجمت القوى الإسلامية عن التفاعل مع تلك المبادرة سواء بالرفض من جانب غالبية أحزابها، أو بالامتناع عن الرد عليها لوجود مبادرة خاصة بها كما فعل حزب النور والدعوة السلفية. فمن جانبه، أيد تلك المبادرة الدكتور أحمد البرعي نائب رئيس حزب الدستور، والمتحدث الرسمي باسم جبهة الإنقاذ، أعتبرها من أولى أولويات المرحلة الانتقالية الحالية، وقال: أن مصر تواجه حاليًا العديد من المشاكل المزمنة الموروثة من النظامين السابقين في الاقتصاد والأمن، إلا أن الأولوية الآن يجب أن تكون للمصالحة الوطنية التي اعتبرها جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، يجب على الجميع أن يعمل عليها. وحسب رؤيته للمصالحة الوطنية، قال البرعي إنها يجب أن تستند على العديد من المقومات الأساسية: أولها، عدم الإقصاء السياسي لأي قوى داخل المشهد السياسي بما فيها الإخوان، وأعتبر أن الإقصاء السياسي الذي عانت منه القوى الليبرالية خلال العام الماضي وترك أصحاب الكفاءات والاعتماد على المؤيدين والأهل والعسيرة لا يجب أن يدفع القوى الليبرالية التي تتصدر المشهد الآن من إقصاء الآخرين تكرار نفس المشهد. وثانيها، الاعتماد على الحوار السياسي كآلية لتحقيق المصالحة الوطنية بما يتضمنه هذا من نبذ العنف كوسيلة للتفاهم بين القوى السياسية. وثالثها، الدعوة الواضحة للفصل ما بين الدعوة الدينية والعمل السياسي في الفضاء العام، وعدم الخلط بينهما. ورابعها، الإسراع بتشكيل اللجنة المنوط بها تحقيق تلك المصالحة لكي تبدأ عملها بسرعة من أجل إزالة أسباب الاحتقان المجتمعي ووقف إراقة دماء المصريين في هذا الشهر الكريم. واعتبر البرعي تلك اللجنة من أهم اللجان التي يجب حشد الدعم السياسي والمجتمعي من أجل إنجاح عملها بوصفه ضرورة من ضروريات الأمن القومي، فبدون تلك المصالحة لن تكون هناك سياسية أو أمن أو اقتصاد، وأبدي استعداد الحزب والجبهة المشاركة ودعم عمل تلك جهود الرئاسة والأزهر بهذا السياق. وأيد تلك النظرة، عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر اعتبرها كانت مطلبا من حزبه، حيث قال: قبل الإعلان عن المبادرة، كان قد طالب الرئيس ضرورة الاجتماع مع القوى السياسية من مختلف التيارات ودعوتها لتشكيل لجنة الوطنية بأسرع وقت ممكن، وشدد موسى على أن تحقيق سلامة الوطن الداخلية يتطلب تفعيل هذه اللجنة وطالب بأن تكون رئاسة تلك اللجنة من قبل رئيس الدولة شخصيًا. كما رجب حرب الوفد بالمبادرة، وقال أحمد عودة مساعد رئيس حزب الوفد، إنه لابد أن يحدث توافق سياسي بين جميع القوى والتيارات السياسية للخروج من حدة الأزمة التي تعانيها مصر والتي اعتبرها من أحرج الفترات التي تمر بها، وطالب عودة بعدم إقصاء أي فصيل سياسي من تلك المصالحة، مطالبًا جماعة الإخوان المسلمين بالاعتراف بالأمر الواقع والرجوع إلى جادة الصواب حسب توصيفه، فليس من مصلحتهم حسب قوله هدم كيان الدولة. كما أن مصلحتهم تقتضي المشاركة من جديد في المشهد السياسي، لنبدأ معنا مرحلة جديدة بعيدة عن العنف الإقصاء السياسي. واعتبرها عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي، أنها أتت في وقتها لرأب الصدع السياسي والمجتمعي وعودة الوفاق الوطني. وشدد شكر على ضرورة ألا يكون هناك إقصاء سياسي لأي تيار معين، وفي نفس الوقت رافضًا أن يلجأ أي تيار سياسي للعنف لتغليب وجهة نظره السياسية. فيما اشتراط التيار الشعبي قبوله للمبادرة بالإجماع السياسي عليها من جانب القوى الوطنية والثورية، كما أشارت لذلك هبة ياسين المتحدثة باسم التيار. كما رجب حزب مصر القوية بأي مجهود سياسي يستهدف إزالة حالة الاحتقان وتحقيق المصالحة الوطنية للخروج من الأزمة الراهنة، بشكل يؤمن عدم الإقصاء السياسي أو تهميش أي تيار سياسي. وطالب محمد عثمان عضو المكتب السياسي للحزب بضرورة التحقيق الجاد في الحوادث التي حدثت خلال الفترة الماضية لتحديد من المسئولية عنها ضمن سياق مبادرة الحوار الوطني. وكان حزب التجمع، الوحيد الذي رفض المبادرة، حيث أكد المتحدث الإعلامي باسم الحزب نبيل زكي ذلك بقوله: لا مصالحة مع دعاة العنف والإرهاب. وأضاف زكي: أن الذين يتحدثون اليوم عن مصالحة وطنية واحتضان الإخوان يجب عليهم أن يقولوا ما ما هي الأسس التي ستقوم عليها تلك المصالحة المأمولة، متسائلا: هل نحن بصدد التصالح مع حزب سياسي أو مجموعة من الإرهابيين ترتكب أعمال عنف وجرائم قتل وترويع المواطنين حسب زعمه. ودعا زكي لضرورة الاستفادة من التجارب السابقة، بقوله: إن الأحزاب التي تدعي أنها ذات مرجعية دينية تكفر معارضيها وتحض على إثارة الفتن الطائفية وتمزيق النسيج الوطني الواحد، ليس لها مكان في تلك المصالحة. فيما أيدت بإجماع القوى الثورية تلك المبادرة لكون الوطن في أمّس الحاجة إليها الآن. حيث قالت مي وهبه عضو اللجنة المركزية لحركة تمرد إن شباب الحركة وجهه رسالة إلى شباب جماعة الإخوان المسلمين، أكدوا فيها: إننا لم نكن يوماً دعاة لعنف ولم نتخلى يوماً عن الثورة التي أصبحت حلمنا الوحيد، ولم نساوم يوماً على نقطة دماء سقطت خلال ثورتنا سواء في عهد نظام مبارك أو نظام المجلس العسكري السابق أو في عهد نظام الإخوان. وأكدت وهبة أننا دعنا شباب الإخوان أن نقوم معًا لأخذ مصر للإمام ونحقق حلم كل من عانوا من أهلها وحرموا من حقهم بحياة كريمة على مدار سنين، وحق من استشهدوا.. وحق من فقدوا أجزاء من أجسادهم.. حق من عاشوا أيام غير محسوبة من حياتهم بالمعتقلات. وأن الحركة مع المصالحة وعود شباب الإخوان إلى صفوف شعبهم وألا ينقادوا وراء دعوات عنف و إرهاب و إقصاء طالما قادهم إليها قادتهم. وجهة نظر أكد عليها محمد عطية عضو التكتل السياسي لقوى الثورية بقوله: يجب علي الإخوان الرضوخ للمطالب الشعبية, وعلي الإدارة الأمريكية أن تكف عن محاولة زرع الفتنة في مصر وتأجيج الفتنة الطائفية والمذهبية. وربط بين نجاح وموافقة التكتل على دعوة المصالحة الوطنية بشرط أن يخرج منها كل من أجرم وحرض ومارس العنف بالفترة السابقة, وأن تعود جماعة الإخوان المسلمين, كجماعة دعوية بشكل حقيقي كما هو مصرح لها. ورحب أيضًا بتلك المبادرة خالد المصري متحدث باسم المكتب الإعلامي باسم حركة شباب 6 أبريل قائلا: إن الحركة نصحت الإخوان منذ أكثر من 8 شهور، بالتوقف عن العناد والغرور وأنها حذرتهم من استمرار تلك الممارسات وغرورهم سوف يؤدي لقيام ثورة عليهم ولم يستمعوا لنا، وأنه الآن يحذر قيادات الإخوان أن استمرار العناد مع الشعب المصري واستخدام العنف وتجاهل الإرادة الشعبية يوم 30 يونيو، سوف تؤدي لعزل جماعة الإخوان ورفض المجتمع لهم. مؤكدًا أن استخدام مؤيدي الرئيس للعنف يزيد الفجوة ويقلل من إمكانية المضي بالمصالحة الوطنية، مشددًا على ضرورة تحريم إراقة الدم المصري، وأنه من حق مؤيدي الرئيس الاعتصام ولكن بشكل سلمي. فيما قال عصام الشريف متحدث باسم الجبهة الحرة للتغير السلمي، أنه يجب علي أنصار الجماعة, الالتزام بالهدوء وبدء عملية سياسية من جديد وفق قواعد تتفق عليها مع التوجه الجديد لبناء مصر الجديدة خلال الفترة القادمة, وقال:إذا لجأوا إلي العنف سوف يفقدون أحزابهم السياسية ولن يكون لهم مكان في الخريطة السياسية الجديدة. وان يتبنوا المصالحة الوطنية مع القوى السياسية، فسوف يؤمنون تواجد سياسي أكبر.