في ذلك الجو الممطر والبرد القارس، اضطرت نيفين عبدالنبي أن تتحسس طريقها، وتقطع مسافة الساعتين لتصل إلى مركز شباب بهتيم.. نيفين حتي الآن ممسكة بخيوط الأمل للتخلص من لقب معاقة عاطلة رغم إنها تجاوزت ال36 عاما. توجهت نيفين من مسكنها بالنهضة لتذهب إلي ملتقي التوظيف الذي كان يبعد عن بيتها الكثير أملا في الحصول علي وظيفة ، كانت أختها هي العين التي تري بها في الطريق لأن نيفين فقدت بصرها منذ كانت في المرحلة الإعدادية . كانت مؤسسة الغد المشرق لرعاية وحماية حقوق ذوى الإعاقة قد عقدت الملتقى الأول لتوظيف ذوى الإعاقة بالتعاون مع مركز المستقبل للصناعات الصغيرة ومؤسسة "ويانا" لرعاية ذوى الإعاقة بقصر ثقافة بهتيم بشبرا الخيمة ، حيث يلتقى ذوى الإعاقة وأسرهم بالمتخصصين فى الصناعات الصغيرة مثل صناعة التحف والبراويز والتماثيل الفرعونية. في ملتقى التوظيف اجتمعت آلام المعاقين وحاولوا التعبير عنها جميعا، فالمصانع والشركات ترفض توظيفهم ولايجدون أماكن حتى فى نسبة ال5 %المخصصة للمعاقين طبقا للقانون. جدير بالذكر أن عدد المعاقين في مصر يقدر بحوالي 10 ملايين تقريبا وفقا لاحصائيات منظمة الصحة العالمية . وكان النائب عيد سالم موسي قد تقدم بطلب إحاطة في 28 ديسمبر الماضي يفيد عدم التزام الشركات الخاصة والشركات الاستثمارية بتعيين النسبة القانونية وقدرها 5 % من المعاقين عند الإعلان عن فرص عمل بهذه الشركات . بالفعل كانت هذه المرة الثانية أو الثالثة، على التقريب، التى يحضر سمير محمد ملتقيات توظيف المعاقين حسبما قال. رغم أن سمير محمد لديه شهادة تأهيل مهني منذ عام 1990 الإ أنه حتي الآن لم يستطع الحصول علي وظيفة تناسبه كمعاق ساقته الظروف إلى أن يسير بساق واحدة وتبتر ساقه اليسري . ومازال ينتظر وظيفة الحكومة. "نسبة ال 5 % معاقين في الوظائف الحكومية مجرد حبر علي ورق" هكذا صرخ في وجهنا سميرمحمد ، معلنا أنه يبلغ من العمر 36 عاما، ولم ترسل له القوي العاملة من أجل الوظيفة. اضطر أن يعمل سمير في أخر الأمر كوافير رجالي متحديا إعاقته ولأن هذه المهنة تحتاج إلى الوقوف كثيرا تأثرت ساقه اليمني السليمة، مما اضطره للاستغناء عن عمله ويعود ثانية ليقف في طابور المنتظرين للوظائف الحكومية وفقا لحصتهم فيها ال5 % . لم يكن الوضع مختلفا بالنسبة لأم هاشم التي قررت أن تأتي لتبحث عن وظيفة لابنتها نورهان الطفلة التي لم تتجاوز سن الثانية عشر بعد والمصابة بإعاقة ذهنية. حكت أم هاشم والدموع تفر من عينيها أنها مضطرة لذلك لانهم لم يقبلوا ابنتها في المدرسة الفكرية وحرموها من التعليم لأنها تعاني من الإعاقة الذهنية ولأنها تريد تحسين دخل الأسرة لأن دواء نورهان يتكلف شهريا 700 جنيه . "لايوجد أي شركة أو مصنع يرضي بعمل المعاق لديه، والحكومة لاترضي بالمعاقين " هكذا حدثنا أحمد عبدالعزيز المصاب بإعاقة في رجله والذي حضر ملتقى التوظيف كتحصيل حاصل، لأنه يسمع الكلام نفسه في كل مرة ولايري تنفيذ ، احمد يبلغ من العمر 24 عامًا وحاصل علي دبلوم صنايع، وليس لديه أمل في الحصول على وظيفة . علي الناحية الأخري كان يجلس رجل يمسك عصا بيضاء، ويجلس في صمت مهيب، عرفنا حين تحسس الطريق أنه كفيف. كان أحمد أبو بكر أحسن حظا من غيره لأنه استطاع أن يعمل في سن مبكرة نسبيا عن الباقي كساعي في إحدي شركات توزيع الموبايلات، أحمد يعمل منذ 3 سنوات مضت واستطاع الحصول علي وظيفته وهو في الثانية والثلاثين من عمره وتخرج من كلية الأداب قسم لغة عربية وظل طوال سنوات حياته بعد التخرج يحاول أن يصبح مدرس لغة عربية، ويقدم في وزارة التربية والتعليم ولكنه حتي الآن لم ينجح. قرر أحمد التخلي عن حلمه القديم والمجئ إلي ملتقى التوظيف لتحسين وضعه الوظيفي والمادي فهو يتقاضي 300 جنيه شهريا، وكفَّ عن حلم العمل كمدرس لغة عربية .