انتقل الخلاف السياسي بشأن انتخابات مجلس النواب من مسألة المشاركة فيها من عدمها، إلى التوقيت الزمني لإجرائها.. حيث كان تأجيل الانتخابات أحد شروط جبهة الإنقاذ الأربعة التي قدمت في اللقاء الثلاثي الذي جمع سعد الكتاتني رئيس الحرية والعدالة بالبرادعي رئيس حزب الدستور ومنسق عام جبهة الإنقاذ، والسيد البدوي رئيس حزب الوفد، من أجل الموافقة على حوار وطني ينهي حالة الاحتقان السياسي. ثم أتى حكم الدستورية العليا برفض قانون الانتخابات ليقدم مشروعية سياسية لهذا التأجيل، بل ويقدم أيضاً مسوغات يمكن الاستناد إليها لتبرير أي تأجيل محتمل. إلا أن حزب الحرية والعدالة، خالف التوقعات التي سادت بإمكانية حدوث ذلك، بإعلانه الالتزام بمواد الدستور التي حددت فترة 60 يومياً بعد الموافقة عليه، كحد أقصى لقيام رئيس الجمهورية بالدعوة للانتخابات، على أن تعقد خلال فترة 90 يوماً من توقيت تلك الدعوة. وبهذا استباق الحزب توقيت 22 فبراير نهاية تلك الفترة، الذي ينتظره الجميع لحسم الجدل بشأن تلك الانتخابات، وإعلانه أن الانتخابات ستجرى بموعدها المحدد. وهي دعوة أكدها عصام العريان زعيم الأغلبية بمجلس الشورى والقيادي بالحزب عبر حسابه على "فيسبوك" بقوله: ستلتزم الهيئة البرلمانية بقرار وحكم المحكمة، وأن الانتخابات ستجرى بإذن الله في موعدها المقرر دستوريا، ولن يتسبب مجلس الشورى بتأجيلها لأن حكم المحكمة ملزم ولن نخرج عنه بحال من الأحوال. وأعاد تأكيدها محمود عامر القيادي بالحزب، بتوصيفه دعوة تأجيل الانتخابات بمثابة تعطيل للمسار الديمقراطي ومضيعة للوقت لكون مصر حسب توصيفه بحاجة مُلحة للاستقرار واستكمال بناء مؤسساتها السيادية. ثم أيدها أكثر من حزب إسلامي، مثل البناء والتنمية، والجبهة السلفية، وحزب مصر القوية. حيث أكد المتحدث الإعلامي باسم حزب مصر القوية محمد المهندس على ضرورة الالتزام بإجراء الانتخابات بموعدها المقرر، لتجنب أزمة دستورية بسبب هذا التأجيل. واقترح المهندس حلا وسطا للخروج من هذا المأزق، تقوم عبره اللجنة العليا للانتخابات بمد فترة إجراءات تلك الانتخابات ما بين 3 4 أشهر لكي تلبي مطالب المعارضة بتأجيلها. إلا أن تلك الدعوة واجهت معارضة قوية من جانب تيار المعارضة السياسية. إذ دعا أيمن نور رئيس حزب غد الثورة لتأجيل الانتخابات لمدة 6 أشهر لكون التوقيت الحالي غير موات بالمرة لإجرائها، لأن هناك حاجة لاستعدادات الأحزاب لهذا الاستحقاق الكبير. وأيد هذا التأجيل عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر في لقائه مع نور. ونوه نور إلى أن حزبه من المحتمل أن يتحالف مع مجموعة ال 15 لخوض تلك الانتخابات. فيما اعتبر محمد محيى، ممثل الحزب بمجلس الشورى، أنه وفقا لنصوص الدستور يجب على الرئيس دعوة الناخبين وفتح باب الترشيح للانتخابات خلال 60 يوما منذ دخول الدستور حيز التطبيق، بعد 25 ديسمبر الماضي، حتى وإن لم يصدر مجلس الشورى قانون الانتخابات بعد تعديلات الدستورية بنهاية تلك المدة. وأوضح أن إعلان الرئيس فتح باب الترشيح وتحديد موعد الانتخابات لا يعنى أنها ستجرى باليوم التالي، إذ يمكن أن تجرى خلال ثلاثة أو أربعة شهور. إلا ماجد سامي الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية خالفه الرأي بالقول إن مجلس الشورى سوف يستغرق وقتاً ليس بالقصير لإجراء التعديلات التي طالبت بها المحكمة الدستورية على قانوني الانتخابات والعزل السياسي، ما يفتح الباب أمام تأجيل الانتخابات من الناحية العملية، بسبب التدقيق الواجب في نصوص هذين القانونين حتى لا يتم رفضهما مرة أخرى. من جانبه، رفض حزب الوفد التعجيل بإجراء الانتخابات قبل حدوث وفاق سياسي، بحيث يكون توقيتها محصلة للحوار السياسي بين الرئاسة والمعارضة. عبر عن تلك الرغبة عبد العزيز النحاس السكرتير العام المساعد، بقوله: إن الظروف الحالية لا تسمح بعقد انتخابات طبيعية بسبب حدة الأزمة الاقتصادية، وحالة الاحتقان السياسي، والأهم افتقاد الأمن بالشارع، ما يمثل بيئة غير مواتية للانتخابات. وجهة نظر أيدها عبد الله المغازى، المتحدث باسم الحزب الوفد، مؤكداً على أن مؤسسة الرئاسة ترغب في استباق الأحداث. فالمعلومات تتسرب من مصادر رئاسية بقرب فتح باب الترشح تعكس رغبة الإخوان بتطبيق مشروع التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة بالكامل، إلا أنه نوه إلى أن الأمر سيكون متروكا للجنة العليا للانتخابات، ودعا لعدم الإسراع بإجراء الانتخابات وإلا ستقوم المعارضة بالانسحاب منها. دعوة انضم إليها حزب مصر بزعامة عمرو خالد، حيث طالب خالد عبد العزيز أمين عام الحزب، بهذا التأجيل حتى تستقر الأوضاع العامة داخل، وتديرها حكومة وطنية تحظي بتوافق جميع القوى السياسية، تساعد على عبور مصر لمنطقة الأمان الاقتصادي والاجتماعي. كما رفض عبد المجيد عضو اللجنة السياسية بجبهة الإنقاذ الوطني فكرة تقديس المواعيد، اعتبر أن الانتخابات البرلمانية ليس لها مواعيد ملزمة، وما تم الإعلان عنه من توقيتات زمنية ما هي إلا مواعيد تنظيمية فقط، وليست حتمية أو ملزمة، محذراً من استعجال تلك الانتخابات في تلك الأوضاع الراهنة. ولذا يمكن أن تكون الانتخابات التي يعول عليها في إحداث تهدئة سياسية كبيرة بالمشهد المصري، عاملا مضاعفا على زيادة الاحتقان السياسي.