أكدت إسرائيل مساء الأربعاء أنها سجنت لأسباب أمنية شخصا يحمل جنسيتين، أجنبية وإسرائيلية، انتحر وهو قيد الاعتقال، من دون أن تكشف مع ذلك هويته ولا التهم الموجهة ضده. وكان الغموض الذي يلف ظروف انتحار مواطن أسترالي تم وصفه بعميل للموساد كان معتقلا بشكل سري في إسرائيل بحسب قناة تلفزيونية أسترالية، أثار جدلا إعلاميا وسياسيا كبيرا الأربعاء. وبحسب شبكة التليفزيون الأسترالية "ايه بي سي"، فإن الأمر يتعلق بيهودي أسترالي في الرابعة والثلاثين من العمر يدعى بن زيغيير جنده الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلية) وعثر عليه مشنوقا في زنزانة داخل سجن ايالون قرب الرملة جنوب تل أبيب، في ديسمبر 2010. وقالت وزارة العدل في بيان إن "مصلحة السجون في إسرائيل اعتقلت سجينا كان مواطنا إسرائيليا لكنه يحمل أيضا جنسية أجنبية". وأضافت "لأسباب أمنية، تم اعتقال الشخص بهوية مزورة رغم أنه تم إبلاغ عائلته فورا باعتقاله". وأوضحت الوزارة أن السجين المذكور عثر عليه ميتا في زنزانته قبل عامين، وخلص تحقيق قضائي إلى أنه انتحر. وتابع البيان "بعد تحقيق طويل، تبين قبل ستة أسابيع ان الأمر انتحار"، لافتا إلى أن الشخص سجن بموجب مذكرة صادرة من محكمة. وختم البيان أن "أعلى السلطات في وزارة العدل اطلعت على الآليات المتصلة بالسجين وتم احترام حقوقه الفردية التزاما بالقانون". وكانت الرقابة الإسرائيلية منعت الثلاثاء من نقل معلومات حول هذه القضية كشفتها قناة ايه بي سي التليفزيونية الأسترالية. وقام ثلاثة نواب من المعارضة الثلاثاء بكسر الصمت المفروض حول هذه القضية مستفيدين من حصانتهم البرلمانية وعقدوا جلسة مساءلة لوزير العدل ياكوف نيمان. وتحت ضغوط متزايدة من وسائل الإعلام سمحت الرقابة الإسرائيلية الأربعاء بنقل معلومات للمرة الأولى عن قناة "ايه بي سي" التليفزيونية الأسترالية حول مواطن أسترالي شنق نفسه بعد احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي في إسرائيل. وقال مسئول في الرقابة لوكالة فرانس برس "تستطيع وسائل الإعلام استخدام ما تم نشره في الخارج ولكن الحظر على أساس أسباب الاحتجاز لا يزال ساري المفعول". وتمكنت وسائل الإعلام بذلك من الحديث عن خبر أوردته القناة الأسترالية أن المواطن الأسترالي (34 عاما) ويدعى بن زيغيير الذي جنده جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد شنق نفسه في زنزانة بسجن قرب تل أبيب رغم أجهزة الرقابة المتطورة في ديسمبر 2010. وبحسب التليفزيون فإن "السجين اكس" وصل إلى إسرائيل باسم بن الون. وعاش زيغيير عشر سنوات في إسرائيل قبل اعتقاله. وفي العادة لتجاوز الرقابة المفروضة على قضايا الاستخبارات أو العمليات العسكرية أو الاغتيالات في الخارج تقوم وسائل الإعلام الإسرائيلية باستخدام وسائل الإعلام الغربية ولكنها منعت من ذلك حتى صباح الأربعاء. وقال وزير العدل في جلسة المساءلة في الكنيست إن ليس في وسعه الرد على جميع هذه الأسئلة لأن "وزارة العدل ليست مسئولة عن السجون التي تخضع لوزارة الأمن الداخلي". وتدارك "لكن كل ذلك يستحق الدرس". من ناحيته سيقوم وزير الأمن الداخلي يتسحاق اهرونوفيتش بالإجابة على الأسئلة الشفهية حول هذا الموضوع بعد ظهر الأربعاء في الكنيست. أما وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان فندد في حديث للإذاعة بالنواب الثلاثة الذين تناولوا هذه القضية وقال "مرة أخرى لم يتردد أعضاء كنيست في التضامن مع العدو والاستفادة من حصانتهم البرلمانية لخرق الرقابة". وردا على سؤال حول القضية أكد ليبرمان أنه "لا يعرف شيئا". وأمر وزير الخارجية الأسترالي بوب كار بإعادة النظر في القضية مؤكدا أنه لن يتردد في طلب توضيحات من السلطات الإسرائيلية "حول ما حدث". وقال إن عائلة بن زيغيير لم تتصل بوزارته ولم يكن هناك "أي طلب بالمساعدة من القنصلية في الفترة التي تم فيها احتجازه". ورأى عدد من المعلقين الإسرائيليين أن ممارسات الرقابة في زمن الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية مثل "فيسبوك" و"تويتر" تم تجاوزها تماما وعلق مذيع في الإذاعة العامة قائلا "نحن لسنا في الوقت الذي تفرض فيه الرقابة صمتا تاما". وأكد يوسي ميلمان وهو معلق على قضايا الاستخبارات في موقع "والا" الإخباري أنه "يتوجب على الرقابة والجيش والحكومة أن تدرك أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين ولم يعد بالإمكان الحفاظ على سرية كل شيء. ولو كان لدينا إذن بنشر المعلومات حول هذا الاسترالي قبل عامين لاعتبرت القضية بالفعل مغلقة ومدفونة". وكان موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الإلكتروني نشر في يونيو 2010، أن "شخصا مجهول الهوية" مسجون وسط سرية تامة في جناح بسجن إيالون في الرملة القريبة من تل أبيب. واضاف الموقع انه لم يتم إبلاغ أحد بالتهم الموجهة إلى السجين الذي لم يكن يحق له استقبال أحد أو الاتصال بالسجناء الآخرين. لكن المقال اختفى فجأة بعد ساعة واحدة من نشره.