اقترن اسم سوق ليبيا التجاري بمطروح ببدء عودة العلاقات المصرية- الليبية في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، حيث بدأ عشوائياً وانتهي بشكل مأساوي، وبين البداية والنهاية سلسلة متصلة من حلقات الإهمال والقرارات العشوائية غير المدروسة. - تاريخ نشأة وبداية السوق: بدأ السوق بتجمع تلقائي وعشوائي من قبل بعض تجار الشنطة والعمالة العائدة من ليبيا المحملة بالهدايا والبضائع المستوردة, في أحد الشوارع الجانبية المطلة علي كورنيش مرسي مطروح وهو شارع الإعلام. وما لبث هذا التجمع العشوائي أن تحول إلي سوق تجاري به مئات الأكشاك والباكيات علي جانبي الشارع الضيق والذي لا يزيد طوله عن 250 متر وعرضه 8 متر, ولقد لقى هذا السوق إقبالاً جماهيرياً كبيراً بسبب وقوعه بالقرب من منطقة الشواطئ والفنادق بوسط مدينة مرسي مطروح. وبالرغم من ضيق الشارع بلغ عدد الوحدات التجارية به حوالي مائتي كشك وباكية, كانوا يبيعون الملابس والأجهزة الكهربائية، ومستحضرات التجميل والمفروشات والهدايا، والمنتجات البيئية التي تتميز بها محافظة مطروح. - البضائع والمنتجات التي تميز بها سوق ليبيا: تميز سوق ليبيا ببضائع البنطلونات الجينز الرجالي والحريمي، وملابس نوم السيدات، ومستحضرات التجميل والأجهزة الكهربائية، والتفاح والسجائر، والمواد الغذائية المستوردة من تركيا ودول شرق أسيا كانت أهم ما يميز هذا السوق الذي عرف شعبياً بسوق ليبيا. وبالرغم من تقارب أسعاره وتشابها وتطابقها أحياناً مع أسعار السلع في المحلات التجارية في أي مكان آخر في أسواق مصر، إلا أن الجماهير كانت تقبل علي الشراء من سوق ليبيا استدعاءً لذكريات الماضي، حيث كانت تشتهر بالبضائع الواردة من ليبيا سواء القادمة بطرق شرعية أو مهربة برخص سعرها مع جودتها العالية, واعتبر سوق ليبيا عند نشأته تجديداً لسوق التهريب الذي كان من أشهر الأسواق التي تبيع البضائع المستورة، والمهربة في منتصف الستينيات وطوال السبعينيات من القرن الماضي. استمر سوق ليبيا العشوائي دون أي تدخل من أي جهة رقابية لتقنين أوضاعه بسبب فساد الإدارة المحلية التي كانت تغض الطرف عن استشراء وتمدد هذه السوق العشوائي الذي استمر علي هذا الحال قرابة خمس سنوات وبرغم عدم وضعهم المقنن كانت المحافظة تحصل من كل تاجر علي 75 جنيها رسوم مقابل استغلال أرضية شهرياً. - نقل السوق إلي مكانه الجديد: ولم تنتبه المحافظة لمشكلة السوق إلا عندما بدأ التفكير في استغلال شارع الإعلام الذي عرف فيما بعد بشارع سوق ليبيا لربط قلب المدينة بشارع الكورنيش, وهنا صدر قرار الفريق زاهر عبد الرحمن محافظ مطروح بنقل السوق في شهر مايو من العام 1995، ولأن قرار النقل لم يحدد مكانا بديلا لنقل السوق فقد أبدى التجار حالة من الاحتجاج، وأمام حالة الاحتجاج العارمة فقد تدخلت المحافظة لمساعدة التجار لتوفير مكانا بديلا، وقبلت عرضا من أحد المستثمرين لتخصيص مساحة من الأرض يملكها في أقصى غرب المدينة لإقامة السوق. وتم بناء السوق الجديد بمنطقة الروضة بشكل عشوائي دون تخطيط مدروس، وبدأ التجار يكدسون بضائعهم، ويمارسون نشاطهم دون الانتباه لعدم توافر عناصر الأمن والسلامة اللازمة لحماية أرواحهم، وممتلكتهم من أي خطر ولاسيما أخطار الحريق, وخاصة أن السوق يجاور محطة وقود، وموقع للقوات المسلحة، بالإضافة إلي أن كل ما في السوق من بضائع، ومنتجات قابلة للاشتعال الشديدة، وأخطرها العطور ومستحضرات التجميل والعطارة. وتتنوع المنتجات المعروضة بالسوق القادمة من دول المغرب العربي "المغرب وتونس والجزائر"، ومن أبرزها المصنوعات الجلدية، والمشغولات اليدوية والمواد الغذائية المعلبة، والمحفوظة والعطور والأعشاب الطبية والعطارة مما زاد من شهرة السوق وزاد من إقبال المستهلكين عليه. بالرغم من ضيق شوارع سوق ليبيا فإنه كان يشهد حالات اكتظاظ شديد بالرواد، والمشترين والزائرين بخاصة في مواسم الصيف، والأعياد ودخول المدارس حتى أصبح مقصداً تجارياً وسياحياً لكل رواد مرسي مطروح الذين يفدون إليها للسياحة والاصطياف من جميع أنحاء مصر والدول العربية والأوروبية, وأمام هذه الأهمية التي تبلورت للسوق بدء يحظي باهتمام الفريق محمد عبد الحميد الشحات محافظ مطروح الأسبق، والذي وضع مجموعة تصورات للارتقاء بمستوي السوق وتوفير عناصر الأمن والسلامة ومنها التخطيط لوضع مظلة عملاقة لتغطية السوق مزودة بشبكة إنذار ضد الحريق مع شبكة إطفاء مركزي. - مشروع تطوير السوق الذي توقف: وتوقف تنفيذ المشروع بسبب إقالة الفريق الشحات من منصبه وتوالي ثلاثة محافظين من بعده لم يدخل السوق في دائرة اهتمام أي منهم. - رجال أعمال وتعويضات غير مستحقة: وشهد سوق ليبيا مولد ونشأة عدد كبير من كبار التجار ورجال الأعمال الذين بدأوا نشاطهم في السوق كباعة جائلين، أو أصحاب أكشاك تحولت إلي محلات فيما بعد, وبالرغم من تطور هؤلاء التجار من تجار شنطة، وباعة جائلين إلي رجال أعمال ومستثمرين ومصدرين ومستوردين، فإن السوق استمر وبقي علي حالته البدائية والعشوائية حتى انتهت به الحال إلي هذه النهاية المأساوية. ومع حالة التعاطف الجماهيري مع مأساة السوق المحترق، والمطالبة بإعادة إعماره وتشغيله كمعلم من أهم معالم محافظة مطروح خرجت أصوات تطالب رجال الأعمال، وكبار التجار من أبناء السوق لتحديث وتطوير مكان تجارتهم بشكل يتناسب وحجم تجارتهم التي تجاوزت 40 مليون جنيه سنوياً حسب التقديرات الأولية للغرفة التجارية بمطروح وأن تقوم المحافظة بدورها علي تنفيذ شروط الأمن والسلامة.