هل الإمساك بالمايكروفون والتوجه نحو ملايين المشاهدين يولد تلك الحالة من النرجسية والزهو بالنفس وتعظيم الذات، التى تتملك معظم مذيعى ومذيعات الفضائيات المصرية وهم يرتدون أقنعة الخبراء فى علوم الدنيا والدين القادرين على ملء ساعات الإرسال التليفزيونى بكل ما يحسبونه علمًا وتقعرًا في شئون الحياة ودينامياتها؟ لا يمكن تخيل تعدد وقائع الخروج عن النص والتجاوز والاختراق للرسالة الإعلامية التى ارتكبها مذيعو الفضائيات، فقد خرجت مذيعة لتتهم السيدة المصرية بأنها (بدينة ولا تهتم بجمالها)، وتكاد زميلة لها تتسبب فى أزمة دبلوماسية مع بلد شقيق اتهمت شعبه بأنه الأعلى فى إصابات الإيدز وجريمة الدعارة، وتمسك زميلة لهما بفضائية أخرى فى خناق أحد السفراء الأفارقة على الهواء وتغلق الهاتف فى وجهه متوهمة شجاعة زائفة، وأخيرا خرج علينا المذيع صاحب الرصيد الوافر فى إثارة الجدل ليكيل بالاتهامات لأهلنا بالريف والصعيد بكلمات لا تخلو من إيحاءات عنصرية مقيتة. لا يستحق هؤلاء المتجاوزون لميثاق الشرف الإعلامى ولآداب المهنة ولأبجديات احترام المشاهد أن يكونوا مرآة للإعلام المصرى الذى يمثل ريادة حقيقية بلا تزلف، ولن تنال منه إساءة بعض أعضائه للكيان. فقد وقع البعض فى مصيدة النفاق والتلون فظنوا أن طريقتهم فى تسطيح القضايا والصراخ والعويل ستنجيهم من المساءلة، فخابت ظنونهم. تخيل المتجاوزون أنه لا سقف لطريقتهم الزاعقة فى طرح القضايا، ويبدو أنهم تناسوا أن الجمهور المتلقى يحميه مجلس وهيئتان إعلاميتان من شطحات من حسبوا أنهم امتلكوا الشاشة والمايكروفون والمشاهد والمستمع وكل من يقع فى مدى نيرانهم!. لعل الفرصة مواتية للتخلص من وجوه سأمها المشاهد وفقدت مصداقيتها لانطفاء جاذبيتها أو تكشف تلونها بأقنعة تبدلها حسب اتجاه الريح، فهناك وجوه جديدة أكثر ثقافة وعلما وإدراكا لأدوات الحداثة والتطور تحتاج إلى الفرصة بعيدا عن الوساطة والمجاملات، لكن ينبغى عليها أن تتعلم أولا آداب المهنة وحقوق المشاهد تجنبا للسقوط فى آفة الزلات على الهواء جهلا وغرورا!.