يحتفل الأهرام اليوم الاثنين، بمرور 135 على تأسيسه في 27 ديسمبر 1875 على يد الأخوين بشارة وسليم تقلا وسط فروق كبيرة بين تواضع البدايات، وعِظم الآفاق التي يمكن أن تصل إليها المؤسسة الصحفية الأشهر في الشرق الأوسط. وخلال احتفال الأهرام بعيد تأسيسه انطلقت اليوم رسميا "بوابة الأهرام"، وهي آخر مواليد المؤسسة في بلاط "صاحبة الجلالة". مؤسسة الأهرام التي بدأت جريدتها الرئيسية بالصدور فى ورقتين، لتصبح أشهر وأهم مطبوعة فى العالم العربى والشرق الأوسط، تتهادى هذه الأيام في الفضاء الرحب الذي أتاحته، ثورة الاتصالات والإنترنت. وتأتى احتفالية الأهرام هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة، لما تشهده من تطور مهنى وتكنولوجى سيصل خلال شهور إلى حد الاستغناء نهائيا عن "الورقة والقلم"، وسيؤدى إلى دخول المؤسسة عالم الفضاء الإلكتروني من أوسع أبوابه. فمنذ شهر يوليو 2009 عندما تولى الدكتور عبد المنعم سعيد إدارة المؤسسة، أعلن أن الوقت قد حان لأن تسير مؤسسة الأهرام على ثلاثة أرجل، منوهًا إلى دخول عالم الإنترنت وإنشاء محطة فضائية بجانب الإصدارات الورقية. بعد مرور عام تقريبًا على إعلان رئيس المؤسسة دارت عجلة التطوير، حيث بدأ فى السادس من أكتوبر 2010 موقع "بوابة الأهرام" الإلكترونية، لنقل الخبر لمستخدمي شبكة الإنترنت لحظة بلحظة، تحت شعار "الخبر الآن" كما بدأت خدمة "الأهرام موبايل" التى ترسل أهم وآخر الأخبار عبر التليفونات المحمولة لحظة حدوثها، وجاري التجهيز لإطلاق محطة تليفزيونية فضائية تحمل اسم "الأهرام". ولم يكن ممكنا أن يتم التطوير بمعزل عن ترقية العنصر البشري القائم بالاتصال عن طريق تقديم دورات تدريبية للمحررين وإكسابهم مهارات التعامل، مع الوسائط الجديدة التي تشكل ركائز الإعلام الحديث. وانخرط مئات من صحفيي الأهرام للحصول على شهادات رخصة قيادة الحاسب الآلي التى تُمكن الصحفيين من التعامل مع أجهزة الحاسب وبرامجها المختلفة، وشبكة الإنترنت فى محاولة جادة لمحو ما يمكن تسميته بالأمية التكنولوجية في المؤسسة. ولم تكن الطفرة التي وصلت إليها الأهرام منقطعة الصلة عن تاريخها الذي يحمل سمات مدرسة صحفية تراكمت خبراتها عبر أجيال وأجيال. صدرت الأهرام كجريدة أسبوعية في أربع صفحات، ثم تطورت إلى يومية، وتُصدر صحيفة الأهرام حاليا ثلاث طبعات يومية محليا، إلى جانب طبعة دولية يومية بعد أن تُنقل صفحاتها بواسطة الأقمار الصناعية، لتطبع في لندن ونيويورك وفرانكفورت، وطبعة عربية في دبي والكويت. وطبعة إلكترونية تتيح لقراء الأهرام متابعتها في أي وقت ومن أي مكان في العالم على شبكة الإنترنت. وتقوم مؤسسة الأهرام بإصدار عديد من الصحف، هي: الأهرام ويكلي "باللغة الإنجليزية" والأهرام إبدو"باللغة الفرنسية" والأهرام المسائى، وتصدر المؤسسة عددا من المجلات هي السياسة الدولية، ولغة العصر، والأهرام العربي، والأهرام الاقتصادي، والشباب، وعلاء الدين، ونصف الدنيا، والبيت. تضم مؤسسة الأهرام مركز الأهرام للإدارة والحاسبات الإليكترونية "أماك"، الذى أنشئ عام 1968 كمركز رائد متخصص في استخدام الحاسبات الإلكترونية، ويعمل كمركز لخدمة المؤسسة بالإضافة لما يزيد على 150 من الجهات الحكومية والشركات العامة والخاصة ومراكز الأبحاث، وتوافرت له خدمة متميزة وكفاءات عالية وأجهزة حديثة متطورة. تضم المؤسسة أيضا مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الذى أنشئ عام 1968 كمركز علمي مستقل، يعمل في إطار مؤسسة الأهرام، وقد تطور المركز عبر الزمن، وخاصة عام 1972، حيث لم يعد يقتصر في أعماله على دراسة الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي والقضية الفلسطينية فقط، وإنما أصبح مجاله يمتد إلى دراسة الموضوعات السياسية والإستراتيجية بصورة متكاملة، مع التركيز على قضايا التطور في النظام الدولي، وأنماط التفاعل بين الدول العربية وبين النظام العالمي الذي تعيش في ظله، أو بينها وبين الإطار الإقليمي المحيط بها، أو بين بعضها البعض، ويخصص المركز حيزًا كبيرًا من نشاط العلمي لدراسة المجتمع المصري من مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية. تضم قائمة من تولوا مسئولية إدارة الأهرام، ورئاسة تحريرها على مدار 135 عاما عددا كبيرا من أعلام الصحافة والأدب من بينهم: سليم وبشارة تقلا ، وخليل مطران، ومحمد حسنين هيكل، وفكرى أباظة، وإحسان عبد القدوس، وعلي أمين وأحمد بهاء الدين.. وحرص الأهرام منذ نشأته على تقديم نخبة من الأدباء والمفكرين لقرائه عبر المقالات من بينهم: أحمد لطفي السيد، ومحمود سامى البارودي، وأحمد شوقي، ومصطفى لطفى المنفلوطى، وطه حسين، وعباس العقاد، ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وزكى نجيب محمود وبنت الشاطئ ويوسف إدريس وثروت أباظة، ولويس عوض، وعبد الرحمن الشرقاوي وأحمد بهجت، وأنيس منصور، وسلامة أحمد سلامة وفهمي هويدي. لم تكن صحيفة الأهرام جامعة لأقلام النخب فقط، لكنها بدأت منذ عام 1982 التواصل مع قرائها عبر باب بريد الأهرام الذي يُعد من أشهر أبواب رسائل القراء مع بريد الجمعة، والذي بدأه وطوره الكاتب الراحل عبد الوهاب مطاوع. ولم يكن ممكنا تحقيق الرؤية الجديدة لقيادة المؤسسة بدون التواصل مع ما يمكن تسميتهم ب"القراء الجدد"، وهم الجيل الذي لم يعاصر النداء التقليدي لباعة الصحف "أهرام، أخبار،جمهورية"، ولم يتكبد عناء البحث عن صحيفة، في أكشاك بيع الجرائد. كان لزاما أن تخطو المؤسسة الصحفية الأولى في الشرق الأوسط بإصداراتها الورقية، نحو عالم الإنترنت العنكبوتي، لتنسج منظومة من التواصل مع قارئ جديد، يريد من الإعلام أن يذهب إليه في بيته، وهو متكئ على كرسيه أمام جهاز الحاسب، دون أن يتكبد عناء البحث عن صحيفة قد لا يجدها، وإن وجدها فربما لا يجد فيها ما يُرضي نهمه للمعرفة والتواصل. كان إطلاق "بوابة الأهرام" كموقع إخباري في سوق لا تعترف إلا بالكفاءات، مغامرة محسوبة، تضع أمامها معيار المهنية والتنافسية، بحثا عن قارئ لا يعترف بالتاريخ في منظومة الإعلام الجديد. واليوم.. قررت الأهرام بمناسبة مرور 135 عامًا على إنشاء المؤسسة أن تخطو رسميًا إلى العالم الافتراضي، حاملة تاريخًا لا يستهان به لدى القارئ التقليدي، ومُتطلعة دون خوف إلى أجيال القراء الجدد.