مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حدوتة» الثغرة.. دعاية صهيونية ومكايدة إخوانية!
نشر في بوابة الأهرام يوم 29 - 01 - 2021

(فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال وبطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. ومسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات.. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات).
مستحيل أن نُلدغ مرتين من الصهاينة.. وعليه!
وافقنا على الاجتماعات العسكرية.. فى الكيلو 101 من ليلة 28 أكتوبر.. لبحث الموضوعات المترتبة على قرارات وقف النار.. وهى القرار 338 الصادر يوم 22 أكتوبر 1973 ولم تلتزم به إسرائيل.. والقرار 339 الصادر يوم 23 أكتوبر ولم تلتزم به إسرائيل والقرار 340 الصادر يوم 25 أكتوبر والذى ينص على إرسال قوة طوارئ دولية من الأمم المتحدة.. وهو القرار الذى وافقت عليه إسرائيل ورحبت به.. لأسباب!.
نحن وافقنا على كل ما أصدره مجلس الأمن وقامت به الأمم المتحدة.. ونحن نعلم جيدًا أن كل هذه الأمور تقودنا إلى لا شىء.. وأن السبيل الوحيد الذى يضمن تحقيق كل شىء.. ألا تتوقف لحظة حرب الاستنزاف ضد قوات العدو المحاصرة فى الثغرة!. نعلم جيدًا.. أن الذى ينهى هذه الحرب بل ينهى القضية الفلسطينية.. تنفيذ العملية شامل وتصفية الثغرة!. هذا ما نعلمه وندركه ونثق به وجاهزون له!.
وفى المقابل.. الذى لم تكن أمريكا تعرفه حتى هذه اللحظات.. أن الروح المعنوية للقوات المصرية التى تحاصر الثغرة فى السماء!. ليه؟.
لأن هذه القوات.. وأنا مقاتل من مقاتليها.. موجودة على أرض المعركة.. ونحن من يحاصر العدو.. ونحن من جعلنا حياته جحيمًا بالعمليات الهجومية عليه.. ليلاً ونهارًا.. وفى كل مكان!.
نحن من يعلم يقينًا الوضع بالغ السوء الذى وضعوا أنفسهم فيه!. ونحن من أنهينا كل الاستعدادات والإجراءات والترتيبات وأعطينا التمام بأننا جاهزون فى أى لحظة لتنفيذ العملية شامل.. وكل ما نحتاجه فقط إصدار القرار!. نحن من يعلم يقينًا.. أن العملية شامل القادمة.. لن تكون إسرائيل بعدها قائمة.. لأنه لن يخرج واحد من جنودها على قدميه من الثغرة!.
نحن على يقين من هذا وقوات العدو المحاصرة فى الثغرة يقينها ذلك!. والله.. هذه هى الحقيقة!. والله.. بكينا عندما أصدرت القيادة المصرية أوامرها للقوات فى الشرق والغرب فى يناير 1974 بوقف إطلاق النار نهائيًا.. وهو القرار الذى تبعه قرار الفصل بين القوات الصادر فى 18 يناير!.
ملاحظة: القوات المسلحة الموجودة فى شرق القناة والقوات المسلحة الموجودة غرب القناة وتحاصر الثغرة.. لا علاقة لها بأى محادثات ومفاوضات ولا بالكيلو 101 ولا الكيلو ألف!. القوات كل تركيزها تنفيذ المهام العسكرية المكلفة بها.. لإجبار هذا العدو على الرحيل من الأراضى التى يحتلها!.
بداية من هذه الفترة.. أصبح هناك اتجاهان متوازيان نسير فيهما.. أحدهما.. محادثات «بالكلام» فى الكيلو 101.. والآخر بالسلاح لاستنزاف العدو!.
ملاحظة: القيادة العسكرية المصرية.. تعلم يقينًا حجم الورطة التى أوقع العدو نفسه فيها فى الثغرة!.
القيادة المصرية فى أقل وقت.. أعادت تنظيم القوات غرب القناة.. وفاجأت العدو بقوات الثغرة.. الموجودة بها مدرعات ومشاة ومدفعية وصاعقة ومظلات.. والعدو اكتشف من لحظة بدء حرب الاستنزاف عليه.. أن هذه القوات ليست عددًا والسلام.. إنما كفاءة قتالية وضحت معالمها من الاشتباكات التى لا تتوقف والخسائر المتوالية التى تلحقها بالعدو!.
القيادة المصرية.. عبقريتها تجلت فى الضغط على العدو ليلاً ونهارًا بالعمليات العسكرية.. فى الوقت الذى فيه مباحثات وقعدات ومفاوضات عند الكيلو 101 قائمة!.
الضغط العسكرى المصرى الهائل المستمر على العدو.. وقلة حيلة القوات المحاصرة فى الثغرة من العدو.. رسالة فهمها واستوعبها كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. وأدرك أن لعبة المفاوضات التى لا تنتهى بشىء.. لن تجدى هذه المرة.. ولابد من التحرك قبل أن يفعلها المصريون.. وينفذوا العملية شامل لتصفية الثغرة!.
بالمناسبة.. محادثات الكيلو 101 تم الاتفاق عليها يوم 27 وعقد أول اجتماع فى الثانية إلا ربعا فجر يوم 28 وانتهى فى الرابعة صباحًا.. مصر اشترطت من البداية نقطتين أساسيتين.. الأولى أن الغرض من الاجتماعات مناقشة الجوانب العسكرية المتعلقة بتنفيذ قرارى مجلس الأمن 338 و339 الصادرين فى 22 و23 أكتوبر.. والنقطة الثانية.. تتم الاجتماعات تحت إشراف قوات الطوارئ الدولية وتحت علم الأمم المتحدة.
من 28 أكتوبر حتى 29 نوفمبر عقد 17 اجتماعًا.. انتهت جميعها إلى اللاشىء الذى نعلم مسبقًا أننا سنصل إليه!. القيادة المصرية واعية لهذه النقطة من زمان.. من الأيام والشهور والسنوات التى تلت هزيمة 1967 وخلالها مصر.. سلكت اتجاهين متوازيين فى آن واحد!. الأول: الموافقة على أى مبادرة تطرحها أى دولة لأجل إحلال السلام مقابل الأرض!. وافقنا على كل ما أصدرته الأمم المتحدة ومجلس الأمن بداية من القرار الأشهر لمجلس الأمن 242 الصادر عام 1967.. مرورًا بكل المبادرات وآخرها مبادرة وزير الخارجية الأمريكى روجرز!. وافقنا على أى محاولة لإحلال السلام مقابل الأرض.. وإسرائيل رفضت كل المحاولات وكل المبادرات وكل الوساطات.. عن قناعة تامة ويقين لا يقبل أى شك.. أن الحدود التى وصلت إليها بعد يونيو 1967.. هى الحدود الآمنة التى يستحيل الاقتراب منها.. وفى وجودها هى فى أمان وسلام.. فلماذا تتركها وأى سلام هذا ستأخذه.. أفضل من السلام الذى هى فيه وتعيشه!.
قبلنا السير فى اتجاه التفاوض ونحن نعلم مسبقًا.. أن إسرائيل لم تحتل متر أرض.. وتركته أو تخلت عنه تحت أى مسمى!. قبولنا التفاوض.. لم يكن ضعفًا ولا استجداء.. إنما كان مكملاً بصورة أساسية.. للطريق الذى نسير عليه لأجل الدفاع عن عرضنا واستعادة أرضنا بقوة السلاح!.
اخترنا طريق الحرب ونحن نعلم أنه صعب وطويل وشاق وكله تضحيات.. وأولى هذه التضحيات.. إيهام الدنيا كلها أننا فى عرض أى مبادرة للسلام!.
عندما وصلنا إلى يوم 29 نوفمبر وإلى الاجتماع ال17 الذى أعلن الجنرال ياريف فيه أن حكومته الإسرائيلية ترفض مناقشة عودة قواتهم إلى يوم 22 أكتوبر.. يعنى الفشل فى الاتفاق على أول نقطة مفروض أن الاجتماعات هذه عقدت لحلها وهى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر فى 22 أكتوبر!. قرار العدو لم يفاجئنا لأننا نعلم مسبقًا ما سيحدث.. ولم يحزننا لأننا لم نسمح لهذه المفاوضات أن تنعكس لا من قريب أو بعيد.. على حرب الاستنزاف القائمة على قوات العدو المحاصرة فى الثغرة!.
وتوقفت المحادثات وبدأت محادثات أخرى فى مؤتمر تحت إشراف الأمم المتحدة.. وعقدت ثلاث جلسات ابتداء من 21 ديسمبر 1973.. انتهت إلى اقتراح بعقد مباحثات عسكرية فى جنيف ابتداء من 26 ديسمبر وحتى 9 يناير 1974 وعقدت فيها ستة اجتماعات.. آخرها يوم 9 يناير.. وانتهت إلى رفض الجانب المصرى.. كل المراوغات التى يقوم بها الجانب الإسرائيلى.. وأمام الإصرار المصرى.. إما أن يلتزم الجانب الآخر بالوصول إلى حلول للنقاط المطروحة من بداية الاجتماعات.. وأما نفضها سيرة ونوقف هذه الاجتماعات!.
أمام الإصرار المصرى.. طلب الجانب الإسرائيلى أسبوعًا للتفاوض مع حكومته.. وتحدد يوم 15 يناير موعدًا للاجتماع التالى.. إلا أن هذا الاجتماع لم يحدث للآن.. لأن!.
أحدث صور استطلاع لجبهة القتال.. صورتها طائرة التجسس الأمريكية التى تطير على ارتفاع 25 كيلومترًا وسرعتها ثلاثة أضعاف سرعة الصوت والتى تقلع من إحدى القواعد الأمريكية فى أوروبا.. هذه الصور الحديثة لجبهة القتال غرب القناة.. أوضحت أن المصريين أحكموا قبضتهم تمامًا على القوات الإسرائيلية فى الثغرة.. بقوات أكبر بكثير مما كان واضحًا فى آخر استطلاع.. وأن مصر لو شرعت فى تصفية هذه الثغرة.. ستنهى الأمر فور أن يبدأ.. لأن القوات الإسرائيلية أوضاعها على الأرض.. هى الأنسب على الإطلاق للقوات المصرية.. لتمزق أوصال الشريط الذى تحتله من الدفرسوار حتى الأدبية!.
عندما أيقنت أمريكا.. أن قوات إسرائيل رهينة عند جيش مصر وتحت رحمة جيش مصر.. دخلت وتدخلت على الفور.. وأوقفت المفاوضات التى تدور فى حلقة مفرغة من آخر أكتوبر!. أوقفتها.. لأن وضع القوات الإسرائيلية فى الثغرة بالغ الخطورة.. وسياسة المراوغة التى تصر إسرائيل عليها ستنتهى بكارثة فيما لو أن المصريين قرروا تصفية الثغرة!.
أمريكا أعلنت يوم 10 يناير 1974.. أن كيسنجر وزير خارجيتها سيتوجه إلى مصر للمساهمة فى حل المشكلات القائمة!. يومى 11 و12 يناير الرئيس السادات اجتمع بكيسنجر فى أسوان.. فى نفس يوم 12 يناير غادر كيسنجر أسوان إلى إسرائيل واجتمع بالحكومة الإسرائيلية.. وخلال الأيام من 14 و15 و17 رحلات مكوكية بين أسوان وتل أبيب!.
ملاحظة: هذه المفاوضات وصلت فى لحظات إلى حافة الهاوية.. عندما أصرت مصر على تصفية الثغرة.. فيما لو لم تنسحب إسرائيل إلى ما قبل 5 يونيو 1967.. وردت أمريكا بأنها ستدخل الحرب إذا ما قامت مصر بتصفية الثغرة.. وفى النهاية كان لمصر ما أرادت.. لأن مصر هى المنتصرة.. وهى فى الموقف الأقوى!.
توصلت مصر وإسرائيل لاتفاق.. الفصل بين القوات تحت إشراف الأمم المتحدة.. وأذيع هذا الاتفاق فى التاسعة مساء 17 يناير 1974..
وفى اليوم التالى.. بدأت المحادثات التى دخلناها ونحن على يقين أن إسرائيل لأول مرة ستصغى وتسمع.. لأنه ليس أمامها إلا أن ترضخ وتتفاوض.. أو قواتها فى الثغرة يتم القضاء عليها!.
ملاحظة: الثغرة هى نتاج خطة عسكرية للعدو اسمها «القلب الشجاع».. تمت بعد معارك متصلة من 14 حتى 18 أكتوبر.. انتصر العدو فى أغلبها.. وحقق جزءًا من خطة القلب الشجاع.. ألا وهو الوصول بقواته إلى غرب القناة.. والوصول إلى غرب القناة.. ليس الهدف النهائى للخطة إنما وسيلة لتحقيق هذا الهدف!.
وصلوا إلى غرب القناة.. لكنهم فشلوا فى تحقيق الهدف الأساسى للخطة.. ألا وهو احتلال الإسماعيلية والسويس.. وباحتلالهما.. ينهى العدو الحرب ويملى إرادته.. ولكن!.
العدو فشل فى احتلال المدينتين وتكبد خسائر فادحة.. وانقلب السحر على الساحر.. وبدلاً من احتلال المدينتين وقطع إمداد المياه عن الجيشين.. فوجئ بأن قواته فى الثغرة هى المحاصرة وهى التى تتعرض لقطع إمداداتها وهى التى تتعرض لحرب استنزاف وهى التى ستتم إبادتها بعد أن أحكمت مصر قبضتها على الثغرة بقوات هائلة!.
تلك هى حقيقة الثغرة التى حولتها الدعاية الصهيونية والمكايدات الإخوانية إلى انتصار لهم وهزيمة لنا!. عمومًا أترك القول الفصل فى هذه المزاعم.. لخبراء العسكرية فى الغرب ولجنرالات العدو!.
المؤرخ العسكرى البريطانى أدجار أوبلانس: هناك من وصف ثغرة الدفرسوار غرب قناة السويس بأنها معركة تليفزيونية.. وفى رأيى أنه وصف دقيق.. وإن كنت أفضل استخدام وصف معركة دعائية!.
المؤرخ العسكرى الإسرائيلى أورى ميلشتاين فى إذاعة أورشليم الجديدة فى أكتوبر 2009 قال: الثغرة خطوة عسكرية استعراضية لم تغير من نتيجة الهزيمة الإسرائيلية.. كما أنها لم تقلل شيئًا من الانتصار المصرى.
هذه جملة من مذكرات العقيد عساف ياجورى.. واحد من ضحايا الاثنين الحزين أو الهجوم المضاد الإسرائيلى يوم 8 أكتوبر.. تدمرت كتيبته المدرعة التى يقودها ووقع فى الأسر.. يقول: حائر أنا.. حيرتى بالغة.. كيف حدث هذا لجيشنا الذى لا يقهر وصاحب اليد الطولى والتجربة العريضة؟. كيف وجدنا أنفسنا فى هذا الموقف المخجل؟. أين ضاعت سرعة حركة جيشنا وتأهبه الدائم؟.
تريفور ديبوى.. رئيس مؤسسة هيرو للتقييم العلمى للمعارك التاريخية فى واشنطن.. يقول: ليس هناك شك من الوجهة الاستراتيجية والسياسية فى أن مصر كسبت الحرب!.
أهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق فى ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس فى 16 سبتمبر 1974.. يقول: لا شك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين.. بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء.. وعندما سألوا السادات: هل انتصرت فى الحرب؟. أجاب: انظروا إلى ما يجرى فى إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال!.
الصحفى البريطانى دافيد هيرست فى كتابه «البندقية وغصن الزيتون» قال: إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال.. فلأول مرة فى تاريخ الصهيونية حاول العرب ونجحوا فى فرض أمر واقع بقوة السلاح!. لم تكن النكسة مجرد نكسة عسكرية.. بل إنها أصابت جميع العناصر السيكولوجية والدبلوماسية والاقتصادية التى تتكون منها قوة وحيوية أى أمة!. الإسرائيليون فقدوا فى ظرف ثلاثة أسابيع وفقًا للأرقام الرسمية 2523 رجلاً.. وهى خسارة تبلغ من حيث النسبة.. أكبر مما خسرته أمريكا فى عشر سنوات بفيتنام.. مرتين ونصف مرة!. لقد أسفرت الحروب الإسرائيلية - العربية السابقة عن صدور سيل من الكتب المصورة المصقولة الورق تخليدًا للنصر.. أما فى هذه المرة.. فإن أول كتاب صدر فى إسرائيل كان يحمل اسم «المحدال» أى التقصير!. كانت الحروب السابقة.. تعقبها استعراضات عسكرية مهيبة فى ذكرى عيد الاستقلال.. مع استعراض الغنائم التى تم الاستيلاء عليها من العدو.. أما فى هذه المرة.. فإن شيئًا من هذا لم يحدث.. بل على العكس.. سرعان ما عرف الإسرائيليون.. أن معرضًا كبيرًا للغنائم قد افتتح فى القاهرة ولأول مرة شاهد الإسرائيليون.. المنظر المخزى لأسراهم ورءوسهم منكسة على شاشات التليفزيون العربى.
الجنرال فارار هوكلى.. مدير تطوير القتال فى الجيش البريطانى فى الندوة الدولية عن حرب أكتوبر التى أقيمت بالقاهرة عام 1975 قال: إن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر تتعلق بالرجال وقدراتهم.. أكثر مما تتعلق بالآلات التى يقومون بتشغيلها!. الإنجاز الهائل الذى حققه المصريون.. هو عبقرية ومهارة القادة والضباط الذين تدربوا وقاموا بعملية هجومية.. جاءت مفاجأة تامة للطرف الآخر.. رغم أنها تمت تحت بصره.. وتكملة لهذا أظهر الجنود روحًا معنوية عالية.. وجرأة.. كانت من قبل فى عداد المستحيل!.
المساحة انتهت.. وخير ختام لها قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: خير أجناد الأرض وفى رباط إلى يوم الدين. صدقت يا رسول الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.