شاركت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في أعمال اللقاء التشاوري الثالث لمؤسسات المجتمع المدني حول الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر، عبر تطبيق ZOOM، والذي نظمته اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لمجلس الوزراء. وعرض السفير إيهاب جمال الدين الأمين العام للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان ومساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان طبيعة التكليفات الصادرة للجنة بموجب قرار إنشائها، ودور اللجنة منذ انطلاق عملها مطلع العام 2020 في وضع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتصبح مصر بين عدد محدود من دول العالم التي تبنت هذه الممارسة الفضلى، والتي قد تحتاج مزيدا من الوقت للتوصل لأفضل مضمون عملي يلبي التزامات مصر الوطنية والدولية، بما في ذلك الدستور وتوصيات آليات الأممالمتحدة التعاهدية، والتوصيات التي قبلتها مصر في سياق آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، وتوصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان. ومن الأمانة الفنية للجنة، عرض كل من معتز بالله عثمان و محمد عبد الله خليل ملامح الإستراتيجية التي تم التوصل إليها حتى الآن، والتي تشمل أربعة أقسام مقسمة بين الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، وأنها تؤسس على مرجعية المعايير الدولية وضمانات الدستور ورؤية التنمية 2030 والخطط الوطنية التي تبنتها الوزارات والهيئات الرسمية في إطار استراتيجيات تفعيل التنمية المستدامة. وقد مثل المنظمة علاء شلبي رئيس المنظمة، والذي أعرب عن تقديره للجنة ودورها، وعن تشرفه بعضوية الهيئة الاستشارية للاستراتيجية التي شكلتها اللجنة في أغسطس لوضع إطار الاستراتيجية، والتي راجعت أيضا المسودة الأولى في اجتماع ترأسه وزير الخارجية بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان. وقال شلبي إن التقدمات عديدة ومتميزة وانت في وقت قصير نسبيا وفي ظل صعوبات، لكن يبقى المستهدف الأساسي معالجة الفجوات الأساسية التي تشكل اختلالات بنيوية. وأوضح أن المنظمة تؤكد ضرورة إنهاء ملف الملاحقة القضائية لبعض الناشطين الحقوقيين والعدول فورا عن قرارات حظر السفر وتجميد الحسابات المصرفية لكتابة صفحة جديدة في العلاقة بين الدولة وكل أطراف الحركة الحقوقية الوطنية والدولية. وذكر بأن هذه الملاحقة المفتوحة منذ ربيع 2016 لم تشكل فقط ضررا لصورة الدولة المصرية محليا ودوليا، لكنها شملت قيودا عديدة أثرت على نحو 200 منظمة حقوقية أخرى رغم انخراطها في العمل وفق قانون الجمعيات. وجدد مطالب المنظمة في مراجعة وتحديث التشريعات العقابية، وخاصة قانون العقوبات الصادر في العام 1937 الذي لا يواكب تطورات الفلسفة العقابية المعاصرة، فضلا عن كثافة المواد التي تفضي للحكم بعقوبة الاعدام، والتي تلقي بالأعباء على كاهل القضاء بداية، ثم على كاهل رئيس الجمهورية الذي يضطر للتصديق على تنفيذ بعض الأحكام للحيلولة دون الثأر في المجتمعات الريفية واستهداف الردع في بعض انماط الجرائم مثل الاغتصاب والسطو المسلح والارهاب على التوالي، بينما يتحمل قطاع السجون أعباء لا حصر لها إزاء المئات من المحكوم عليهم نهائيا بالإعدام، مثل غالبية المدانين المعاقبين بالاعدام في أصناف الجرائم السابق الاشارة إليها، وكافة المدانين في جرائم المخدرات. وأضاف أن المنظمة تنظر بتقدير لجهود المساءلة والمحاسبة غير المسبوقة في جرائم التعذيب وسوء المعاملة خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكن هذه الجهود لا يمكن ضمان استدامتها بمعزل عن تعديل المواد في قانون العقوبات بما يضمن سد الفجوات. وأشار إلى أهمية تبني المطالب بإدراج مشروع قانون العقوبات البديلة في الجرائم البسيطة المنتهي منذ عام ونصف بما يعزز تحقيق العدالة ويخفف الأعباء الاقتصادية عن كاهل الدولة، والتي عانت انفاقا هائلا لسجن المدانين، وانفاقا آخر لفك كرب الغارمين. وأكد شلبي أن تقييم المنظمة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي إيجابي للغاية، لكن المنظمة تعتقد بأهمية دراسة آثار الإصلاح الاقتصادي على الطبقة الوسطى التي سقط منها نحو خمسة ملايين إلى قاع الفقر، وضرورة تيسير الإجراءات والتدابير الإدارية وتخطي البيروقراطية السلبية في الاستجابة لبعض طلبات التمتع بمظلة برامج الحماية الاجتماعية للطبقات الافقر لتحقيق هدف "ألا نترك أحدا خلفنا". وأضاف شلبي أن المنظمة تنظر بقلق بالغ إلى تقييد المجال العام، وأهمية التحرك فورا لإصلاح المنظومة الإعلامية على قاعدة الحريات وتعزيز المشاركة، وضرورة التزام المحافظين بتحديد الساحات المقرر فيها ممارسة الاجتماع السلمي بالاخطار وفق القانون. ولفت إلى أن المنظمة تؤكد أهمية إجراء انتخابات المجالس المحلية في أقرب وقت، خاصة إزاء اقتراب المهلة الدستورية للتحول إلى اللامركزية، ولضخ الدماء الجديدة في الحياة السياسية عبر حصة 25 % للمرأة و25% للشباب. وأكد شلبي أن تفاعل المنظمة مع القيادة السياسية في القضايا العامة والشكاوى يؤكد توافر الإرادة السياسية الإيجابية، ولكنه يؤشر أيضا إلى الحاجة لإصلاح الخلل في آلية اتخاذ القرار لمعالجة إشكاليات حقوق الإنسان ذات الطابع التفصيلي. وشارك في اللقاء ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني، وأبرز منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية المصرية، وبينهم الأساتذة: عصام شيحة، حازم منير، نجاد البرعي، ايمن عقيل، هاني هلال، طارق زغلول، عبد المولى اسماعيل، وليد فاروق، ايهاب راضي، بمشاركة د. طلعت عبد القوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية وقيادات الاتحاد، والسفير ليلى بهاء الدين عن مؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة، والأستاذ نبيل صامويل، ود. إقبال السملوطي.