رغم ظهور العديد من التقنيات المتطورة لعلاج السرطان، إلا أن الطب مازال يبحث كل يوم عن أمل جديد يرفع نسب الشفاء لأعلى درجة ممكنة ويجنب المرضى الأثار الجانبية لجلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى ومن أحدث تقنيات علاج الأورام التى ظهرت عالميا هى تقنية العلاج باستخدام جهاز Cyber knife، الذى يعد أحدث ما توصل إليه العلم فى مجال العلاج الإشعاعى، كما أنه أحد أهم سبل علاج بعض أنواع الأورام الدقيقة التى يصعب التدخل الجراحى فيها.. عن هذا الأمل الجديد فى مجال علاج السرطان تحدثنا دكتورة عزة نصر أستاذ علاج الأورام بالإشعاع بالمعهد القومى للأورام جامعة القاهرة. هل حقيقى أن استخدام تقنية السايبر نايف تعد طفرة فى مجال مجال علاج الأورام؟ نعم حقيقى وسيساهم العلاج بهذه التقنية فى رفع نسب الشفاء من بعض أنواع الأورام بشكل كبير جدا. وكيف تعمل هذه التقنية؟ هى تقنية الإشعاع الجراحى الموجه بالفوتون السرطانية بدقة متناهية باستخدام برنامج تصوير يلتقط صور دقيقة ومتعاقبة للورم يتم تعديلها طوال فترة الجلسة لتحديد موقع الورم بمنتهى الدقة ومن ثم يتم تركيز جرعات عالية من الإشعاع بشكل محدد على المنطقة المستهدفة من العلاج وحماية الأنسجة السليمة المحيطة بالورم. وما الفرق بين هذه التقنية والعلاج الإشعاعى العادى؟ الفرق أنه جهاز معجل خطى محمل على روبوت بما يمكنه من الحركة فى مجال واسع جدا يزيد من قدرته على توجيه الإشعاع من زوايا عديدة، وبالتالى يصيب الهدف وهو الورم مباشرة من اتجاهات مختلفة أيا كان موقع الورم. كذلك يقوم الجهاز بتتبع حركة الورم أثناء العلاج الإشعاعى بحيث أنه يستطيع توجيه الإشعاع على الورم فقط وحماية الأنسجة المحيطة به وهذا بدوره أدى الى منح الطبيب قدرة على إعطاء جرعة أكبر من الإشعاع فى الجلسة الواحدة بما يترتب عليه اختصار العدد الكلى للجلسات والحد من الأثار الجانبية للإشعاع على الأنسجة السليمة لأقصى درجة. ألم تكن هذه الميزة متاحة من قبل فى العلاج الإشعاعى العادى؟ كانت متاحة فى أجهزة المعجل الخطى الحديثة ولكن بدرجة أقل من السايبر نايف لأننا فى الأجهزة العادية نقوم بزيادة حجم منطقة الأمان المحيطة بالورم بما تتضمنه هذه المنطقة من أنسجة سليمة، وذلك حتى نستوعب مدى الحركة المحتملة للورم أثناء الجلسة، حيث إن الأجهزة العادية لا تقوم بتتبع الحركة المحتملة أثناء الجلسة عكس السايبر نايف الذى يقوم بتتبع الورم فى حركته بما يؤدى الى تقليل منطقة الأمان المحيطة به لأقصى درجة وبالتالى تجنب الأثار الجانبية للجلسات. هل يمكن أن يؤدى العلاج بهذه التقنية إلى اختصار عدد الجلسات؟ بالتأكيد لأنها ستمكنا من إعطاء جرعة كبيرة ومركزة فى الجلسة الواحدة لأننا سنتعامل مع الجزء المصاب فقط، وبالتالى السيطرة على الورم تكون أسهل ونتائج العلاج أفضل ومن ثم نستطيع من خلال العلاج بالسايبر نايف اختصار عدد جلسات العلاج الإشعاعى، وهناك حالات مثل أورام البروستاتا يمكن علاجها فى أسبوع واحد بدلا من سبع أسابيع بما يوفر على المريض وقت طويل ومجهود كبير دون الشعور بأى ألم أو الحاجة الى تخدير أو حتى البقاء فى المستشفى وهذا ما تم إثباته فى أمريكا وأوروبا، حيث إنه من التقنيات العلاجية التى يتم استخدامها هناك منذ سنوات طويلة. هل يمكن استخدام تقنية العلاج بجهاز السايبر نايف فى الحالات التى يصعب معها الجراحة؟ دعينا نؤكد أولا أن الجراحة تعد من ثوابت أو أساسيات علاج معظم الأورام وهناك حالات كثيرة جدا لضمان الوصول فيها لدرجة شفاء عالية لابد من خضوع المريض لجراحة استئصال الورم تماما، ولكن هناك بعض الحالات التى لا يمكننا استخدام الجراحة بها لصعوبة الوصول إلى الورم أو لتضرر الخلايا المحيطة به وهنا نستخدم العلاج الإشعاعى الموجه بهدف تركيز جرعة إشعاع كبيرة على الورم مع حماية الأنسجة المحيطة به وهنا يقوم العلاج الإشعاعى بوظيفة الجراحة، وذلك لأن هناك أورام أولية وبؤر ثانوية فى أورام المخ تكون قريبة من العصب البصرى أو أعصاب حساسة جدا يصعب الجراحة فيها، وبالتالى يمكن أن نستعيض عنها بالعلاج الإشعاعى المركز وهذا من أهم ما يقوم به السايبر نايف، حيث إنه لا يعرض المريض لخطورة الجراحة ويحمى الأنسجة السليمة من الأثار الجانبية للإشعاع مثال على ذلك عندما تظهر بؤر فى الكبد يمكن التعامل معها بالسايبر نايف بما يضمن لنا نسب شفاء كبيرة. هل هناك أمل فى المستقبل يجعلنا نتعامل مع السرطان على أنه مرض عادى ليس بالضرورة أن يؤدى إلى الوفاة؟ نحن الآن نتعامل معه بهذا المنطق بالفعل، وذلك لعدة أسباب أهمها إتاحة وسائل التشخيص المبكر للأورام وأشهر مثال على ذلك سرطان الثدى فلة كل سيدة حرصت على عمل الكشف الدورى كل عام سنستطيع اكتشافه قبل شعورها هى أصلا بوجود ورم هذا بالإضافة إلى التطور الكبير الذى طرأ على وسائل العلاج الإشعاعى أو العلاج الكيماوى الموجه والذى ساعد على إصابة الورم بمنتهى الدقة والتركيز دون وقوع ضرر على الخلايا والأنسجة المحيطة به وهذا من شأنه الوصول لنسب شفاء كبير وخفض الشعور بالأثار الجانبية للعلاج لأقل قدر ممكن.