خلال أيام يغادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض لكن غيابه عن المشهد لن يكون في هدوء كما أكد الإعلام الأمريكي. ترامب الخاسر في الانتخابات الرئاسية سيعود إلى حياته الشخصية يوم 20 يناير وفي جعبته فرص عدة، أبرزها إمكان ترشحه مرة أخرى للرئاسة العام 2024، أو الدخول في مشاريع إعلامية جديدة، لكن إخطارات قضائية محتملة وتحديات في مجال الأعمال تلقي بظلالها عليها. والأكيد هو أن تعطّش ترمب للأضواء سيجعله حتماً لا يسير على خطى رؤساء أمريكيين سابقين مثل جورج دبليو بوش الذي اتجه في هدوء إلى الرسم، أو جيمي كارتر الذي انخرط في أنشطة حقوقية عالمية. وقال بول سالم رئيس معهد الشرق الأوسط بواشنطن في تصريحات ل(بوابة الأهرام ) إن ترامب لا يحب القيام بدور زعيم المعارضة السياسية خلال فترة حكم بايدن المقبلة، وإنه سيعود إلى حياته وأعماله الخاصة التي يراها أفضل وأكثر نفعًا لأنه يحسب كل شيء بمنطق المكسب والخسارة، طارحًا احتمال أن يترك الولاياتالمتحدة للهروب من المساءلة في القضايا المتعلقة بالبيزنس الخاص به. وأضاف بول سالم أن بايدن متقدم في السن ما يعني أنه لن يترشح لولاية جديدة، ويطرح فكرة ترشيح ترامب نفسه مرة أخرى في 2024، مؤكدًا أن إنهاء مرحلة دونالد ترامب قضية مهمة جدًا لأنه ليس فقط أول رئيس يكون ضد الحزب الديمقراطي بهذه الشراسة، لكنه كان أول رئيس يعمل ضد أحكام القانون والعلم والحقيقة لأنه برفضه نتائج الانتخابات يرفض النظام الأمريكي المتبع ككل ويشكل تهديدًا فريدًا من نوعه علي المؤسسات والثقافة السياسية الأمريكية، كما أنه أول رئيس أمريكي علي الأقل بعد انتهاء العبودية والحرب الأهلية يحرض بشكل واضح على الانقسام والعنف . وأجمع المحللون السياسيون والإعلام الأمريكي أنه من المرجح أن يتسم مستقبل ترامب بالصخب والاندفاع والمواجهة والتحدي، كما أن مستقبله لن يكون تحت سيطرته تماماً، فهو يواجه دعاوى قضائية مدنية وجنائية شتى تتعلق بالأعمال التجارية لعائلته وأنشطته قبل تولي الرئاسة، وقد تكتسب هذه المساعي قوة دافعة بمجرد تجريده من الميزات القانونية التي يحصل عليها من يجلس في المكتب البيضاوي، ويفكر ترامب، المطور العقاري الذي تحول إلى أحد نجوم تليفزيون الواقع، في مناورات عدة للبقاء في دائرة الضوء. وقال ترامب، الذي يرفض الاعتراف بهزيمته أمام بايدن ولا يزال يطلق ادعاءات لا أساس لها بتزوير واسع النطاق في الانتخابات، لحلفائه إنه يفكر في الترشح مرة أخرى للرئاسة، بل إنه بحث عدم حضور مراسم تنصيب بايدن وإعلان ترشحه في انتخابات 2024 في ذلك اليوم، في خطوة ستسمح له بمواصلة التجمعات الانتخابية الصاخبة التي اعتمد عليها عامي 2016 و2020. ومن شأن هذا أن يعقد الأمور أمام قائمة طويلة من الجمهوريين الآخرين الذين يفكرون في الترشح عام 2024، مثل نائب الرئيس مايك بنس وسفيرة واشنطن السابقة في الأممالمتحدة نيكي هيلي وعضوي مجلس الشيوخ ماركو روبيو وتوم كوتون، إذ سيتعين عليهم بحث المسألة قبل اتخاذ قرار منافسة ترامب. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن هناك قضية طموحات ترامب الخاصة، فهو كان يخطط للترشح مجدداً للرئاسة في عام 2024، مع بداية هذا الشهر أو ربما في يوم التنصيب. لقد جمع أكثر من 200 مليون دولار منذ يوم الانتخابات، ووجه بعض هذه الأموال إلى لجنة العمل السياسي الجديدة التي شكّلها بعد الانتخابات. وكما حدث في كثير من الأحيان خلال عهد ترامب، يجد الجمهوريون أنفسهم يبحرون في مياه سياسية مجهولة. تقليدياً، يخجل الرؤساء السابقون من القتال الحزبي، ولا يعودون إلى المعركة إلا في الأسابيع الأخيرة من الانتخابات العامة. الدستور الأمريكي يسمح الدستور الأمريكي بانتخاب الرئيس لفترتين، ولا يتعين أن تكونا متعاقبتين. وغروفر كليفلاند هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تولى المنصب لفترتين غير متعاقبتين، وكان غادر البيت الأبيض عام 1889 بعد خسارة مسعاه إلى فترة ثانية، وفاز بالرئاسة مرة أخرى عام 1893. وشكل ترامب بالفعل لجنة للعمل السياسي ستسمح له بجمع الأموال وممارسة النفوذ في الحزب، بعد أن يترك المنصب سواء ترشح ثانية أم لا. واتضحت رغبة ترامب في الحفاظ على نفوذه السياسي أيضاً في تأييده أخيراً تولي حليفته المقربة رونا مكدانيال رئاسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لفترة أخرى. وسيصوت أعضاء اللجنة أواخر يناير على بقاء مكدانيال في المنصب، وسيعد ذلك اختباراً مبكراً لما تبقى لترمب من نفوذ، ومدى استعداد الجمهوريين لإخضاع الحزب لرغباته. بؤرة الضوء قال مستشارون إن ترامب، الذي سبق له تقديم برنامج تلفزيوني بحث أيضاً عدداً من المشاريع الإعلامية المحتملة ليبقى في بؤرة الضوء، ومن بينها إطلاق قناة تلفزيونية أو شركة للتواصل الاجتماعي لمنافسة شركات يشعر الرئيس بأنها خانته. وسترفع القناة التليفزيونية الجديدة راية التحدي لقناة "فوكس نيوز" التي كانت حليفة وثيقة لترامب، قبل أن تثير حنقه منذ الانتخابات لعدم دعمها له بما يكفي، على حد قوله. وقال معاونون إن الغضب استبد بترامب من "فوكس نيوز" لحديثها ليلة الانتخابات عن فوز بايدن بولاية أريزونا المتأرجحة، في حين لم تكن النتيجة قد تأكدت بعد. وفاز بايدن بأريزونا في نهاية المطاف، لكن معظم الشبكات التلفزيونية الأخرى لم تذكر أن الرئيس المنتخب فاز بالولاية إلا بعد ذلك بأيام. وقد يتعاون ترامب مع شبكات تلفزيونية محافظة مثل شبكتي "وان أميركا نيوز نتوورك" أو "نيوزماكس" اللتين ركزتا بشدة على تقديم صورة إيجابية له. وبحث ترمب مع مستشاريه أيضاً خطة لتأسيس شركة للتواصل الاجتماعي تنافس شركة "تويتر" التي نشرت مراراً تحذيرات من محتوى تغريداته، حول ادعاءات لا أساس لها بتزوير الانتخابات. لكن ترامب يواجه تحديات مالية كبيرة، منها تضرر الأنشطة التجارية التي تحمل اسمه برئاسته التي أثارت الاستقطاب، وكذلك تأثر شركاته القابضة في مجالات العقارات والسفر والترفيه بجائحة فيروس كورونا. وقدرت مجلة "فوربس" أن ثروة ترامب الصافية تراجعت بنحو 600 مليون دولار العام الماضي إلى 2.5 مليار. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترمب قدم ضمانات شخصية لديون قيمتها 421 مليون دولار تخص شركاته. مواجهه قضائية وبمجرد أن يغادر ترمب الرئاسة، سيجد نفسه مضطراً إلى مواجهة عدد من المسائل القضائية التي ستصبح جميعها أكثر تهديداً له، بعد أن يخسر الحماية القانونية التي حظي بها بحكم منصبه. ويجري مدعي محكمة منطقة مانهاتن، سايرس فانس، تحقيقاً جنائياً في شأن ترامب وشركة عائلته التي تحمل اسم (ذا ترمب أورغنايزيشن). وركز التحقيق في البداية على مدفوعات قبل انتخابات عام 2016 لشراء صمت امرأتين قالتا إنهما مارستا الجنس مع ترمب، وهو ما ينفيه الرئيس. لكن فانس، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، أشار في مستندات قضائية قدمها في الآونة الأخيرة إلى أن نطاق التحقيق اتسع، وقد يركز الآن على احتيال يتعلق بالبنوك والضرائب والتأمين، وكذلك تزوير سجلات أعمال تجارية. وقال ترامب إن القضية لها دوافع سياسية. وتجري مدعية نيويورك العامة، ليتيتا جيمس، وهي من الديمقراطيين أيضاً، تحقيقاً في اتهام ترامب وشركة العائلة بالاحتيال الضريبي. وبدأ هذا التحقيق بعد أن أبلغ مايكل كوهين محامي ترمب السابق الكونغرس بأن الرئيس ضخّم قيم أصول لديه بغية توفير أموال من القروض والتأمين، وقلل منها لخفض الضرائب على العقارات. وقالت شركة "ذا ترمب أورغنايزيشن" إن القضية وراءها دوافع سياسية، والقضية مدنية وقد تؤدي إلى عقوبات مالية لا إلى السجن. ويواجه ترمب أيضاً دعاوى تشهير منفصلة تتعلق باتهامين بالاعتداء الجنسي ينفيهما ترمب، ووجهتهما له الكاتبة السابقة في مجلة إل، إي جين كارول، وسامر زيرفوس التي كانت من المتنافسين في برنامج "ذي أبرنتيس" عام 2005. وأقامت ماري ترمب ابنة شقيق الرئيس دعوى قضائية تتهمه واثنين من أفراد العائلة بالاحتيال والتآمر لحرمانها من نصيبها في إمبراطورية العقارات التي تملكها العائلة. وقد يواجه ترمب أيضاً دعوى جنائية تقيمها ضده وزارة العدل الأميركية، بسبب اتهامات بالتهرب من ضريبة الدخل الاتحادية. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في الآونة الأخيرة أن ترمب لم يدفع سوى 750 دولاراً من ضرائب الدخل الاتحادية خلال عامي 2016 و2017. ورفض ترمب ما توصلت إليه الصحيفة، ولم يتضح إن كان خالف القانون، وستثير أية محاكمة اتحادية الجدل. ويتوخى بايدن الحذر حيال الأمر، وتساءل عن قيمة مثل هذه المحاكمة، لكنه يقول إنه لن يتدخل في رأي وزارة العدل. وقف التوسع في جدار المكسيك والعديد من الخطوات التي اتخذها ترامب ولم يحدد مصيرها بعد رحيله عن البيت الأبيض وتولي بايدن. فقد توقعت شبكة فوكس نيوز، توقف البناء فى مشروع جدار المكسيك الذي شيدته الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب ، بحلول نهاية العام الجاري، مشيرة إلى أن الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن لن تقدم علي هدم الجدار، وإنما ستكتفي بوقف التوسع فيه. وسلطت شبكة فوكس نيوز الضوء على ملف جدار المكسيك وهو أحد أهم المشروعات التي تبناها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، مشيرة فى تقرير لها أن ترامب جعل بناء جدار على الحدود الجنوبية بين الولاياتالمتحدةوالمكسيك لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية من أهم أولوياته. وقالت شبكة فوكس نيوز إن "بناء الجدار" كان أحد وعود الحملة الانتخابية المميزة لترامب في البيت الأبيض لعام 2016، وبعد عدد من المعارك مع الكونجرس وفي المحاكم بشأن التمويل، ازداد البناء بشكل كبير في عام 2020. وفي يناير ، تم بناء 100 ميل من الجدار ، وزاد إلى ما يقرب من 400 ميل بحلول أكتوبر والإدارة الحالية في طريقها لبناء 450 ميلاً بحلول نهاية العام ، ولديها تمويل جاهز لمزيد من البناء لكن الديمقراطيين عارضوا بناء الجدار ، وتعهد بايدن بوقف بنائه. وقال موقع حملة بايدن على الإنترنت: "إن هوس ترامب ببناء جدار لا يفعل شيئًا لمواجهة التحديات الأمنية بينما يكلف دافعي الضرائب مليارات الدولارات تأتي معظم البضائع المهربة عبر منافذ الدخول القانونية الخاصة بنا."، وقد تعهد مؤخرًا: "لن يتم تشييد قدم أخرى للجدار تحت إدارتي" ، وعلى الرغم من ذلك لم يقدم بايدن أي مؤشر على أن إدارته ستهدم أجزاء من الجدار.
وفي سياق متصل وجه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين في المجلس، لطمة قوية، إلى محاولات ترامب لدعم إعانة المتضررين من فيروس كورونا، رافضا تحديد موعد للتصويت السريع على مشروع قانون لرفع مبلغ الإعانة إلى 2000 دولار أمريكي بدلا من 600، وذلك ضمن حزمة المعونة التي أقرها الكونغرس وقت سابق هذا الشهر. ورفض ماكونيل مجددا التصويت على مشروع قانون منفرد للمساعدات المالية للأميركيين ووصفه بأنه "طريقة سيئة للغاية لمساعدة الأسر التي تحتاج المساعدات حقا". وقال ماكونيل أيضا إنه لا يوجد شيء مثير للجدل بشأن إقرار ميزانية السياسة الدفاعية التي تصل إلى 740 مليار دولار والتي اعترض عليها ترامب لأنها لا تلغي حمايات قانونية محددة لشركات التكنولوجيا الكبيرة ،وصوت مجلس النواب بالموافقة بأغلبية تسمح بتجاوز "فيتو" ترامب0