أحمد عبدالتواب الآن، يمكن القول بثقة إن نظام أردوغان قد وصل إلى أقصى مداه، وإنه صار مجبرا على البدء فى طريق التراجع! وذلك بعد أن توالت عليه الضربات الشديدة من أقوى حلفائه الذين انتقلوا إلى خانة الخصوم، أو الأعداء، بسبب السياسات التى بادر أردوغان بتبنيها! فقد أصدر الاتحاد الأوروبى قرارا يفرض عقوبات على تركيا، يوم الجمعة الماضى، بعد فترة من التمهيد له، فيما بدا أنها مقصودة لمنح أردوغان فرصة للتراجع عن شططه فى انتهاك القانون الدولى، وعدم احترامه للقواعد واجبة الاتباع بين دول الاتحاد، بعد أن راح يضر باليونان وقبرص، بالعدوان على استحقاقاتهما القانونية فى ثروات المتوسط. فلما أصرّ على التمادى فى جموحه، جاء القرار الأخير. وبعد ثلاثة أيام فقط، الاثنين الماضى، جاء القرار الأمريكى المؤجل، الذى لوَّحت به إدارة ترامب عدة مرات، أيضا لمنح أردوغان فرصة للتراجع عن صفقة الصواريخ الروسية، التى تتعارض مع عضويته فى حلف الناتو، لأنها تُعرِّض الحلف لخطر تسريب أسرار سلاحه إلى روسيا، التى هى رسميا العدو الأول للناتو. وكان أولى بأردوغان، ولأن تركيا عضو قديم بالحلف، أن يلتزم بالضمانات التى تحمى سرية السلاح، خاصة، كما قال البيان الأمريكى، إنه كان يمكنه أن يحصل على سلاح مشابه من حلفائه دون أن يخل بالضوابط الصارمة التى يلتزم بها كل الأعضاء. وأما أخطر ما يعنيه القرار الأمريكى فهو أنه صدر فى إطار ما يُسمَّى قانون (مكافحة أعداء أمريكا)! وهو ما يجب أن يوليه أردوغان وكل النخب التركية اهتماما كبيرا، لأن المعارَضة التركية عجزت أيضا عن منع أردوغان أو التخفيف من سياساته، مما جعل القرارات الأمريكية، مثل القرارات الأوروبية، تؤثر تأثيرا كبيرا على عموم الشعب التركى، وعلى أحلامهم الموروثة، فى الالتحاق بالاتحاد الأوروبى، وفى أن يكون لهم نصيب من ثروات المتوسط. لاحِظ أن القرارات الأوروبية والأمريكية، كما جاء فى حيثياتها، هى مجرد بداية تتبعها إجراءات أخرى، وما يزيد من خطورتها على الطموح التركى العام أن ردود أردوغان عليها تدخل فى عالم الكوميديا!