أعاد فوز الديمقراطى جو بايدن فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، الحديث مجددا عن مستقبل اتفاق «5+1» النووى الدولى المبرم مع طهران عام 2015، خاصة بعد تعهده بإعادة الولاياتالمتحدة إليه، من ثم أصبح السؤال: هل ينجح ساكن البيت الأبيض الجديد بالفعل فى إعادة إحياء الاتفاق المجمد؟. أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى فى 2018، من ثم أعادت واشنطن فرض العقوبات الأمريكية المتعلقة بالنشاط النووى على طهران ، تلك التى كبدت الاقتصاد الإيرانى خسائر لا تقل عن 150مليار دولار. سعت إدارة ترامب من خلال سلاح العقوبات للضغط على قادة إيران لتنفيذ 5شروط، وهى: قبول تمديد قيود الاتفاق النووى إلى ما بعد عام 2030، ووقف تطوير أجهزة الطرد المركزى المتقدمة، إلى جانب السماح لمفتشى وكالة الطاقة الذرية بالوصول مجددا إلى المواقع العسكرية، مع الحد من تطوير واختبار الصواريخ الباليستية، وعدم التدخل فى منطقة الخليح والبلدان العربية. لكن وعلى خلاف منافسه الجمهورى، أكد بايدن خلال حملته الانتخابية أن إدارته الجديدة ستعود للعمل بالاتفاق النووى مع إيران، من أجل «إعادة ترسيخ مصداقية الولاياتالمتحدة ». إلا أنه أكد ضرورة عودة إيران للالتزام بتعهداتها النووية، كشرط لعودة أمريكا إلى الاتفاق، من ثم العمل إلى جانب الحلفاء الأوروبيين والقوى العالمية الأخرى الموقعة على الاتفاق، لتحقيق مطلب آخر متمثل فى تمديد القيود المفروضة على البرنامج النووى الإيرانى وفقا للاتفاق.وعملت إيران منذ مايو 2019 على تقليص تدريجى لالتزاماتها بالاتفاق النووى، مع رفع مستوى تخصيب اليورانيوم فى مفاعلاتها لمستويات يحظرها اتفاق 2015، مشترطة من جانبها أيضا رفع العقوبات الأمريكية عنها، ووفاء الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق بالتزاماتها. وكشف تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية منتصف نوفمبر الماضى عن أن مخزون إيران من اليورانيوم أصبح يتجاوز ب12 مرة الحد المسموح به فى الاتفاق النووى، إلى جانب قيام طهران بتركيب أول سلسلة من أجهزة الطرد المركزى المتطورة فى محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض. وفى ظل اشتراطات الجانبين، فإن أى حديث عن عودة البلدين للالتزام بتعهداتهما من الاتفاق حتى الآن يبدو بعيدا تماما عن التطبيق، بل ربما يفتح الباب أمام المزيد من التوترات فى العلاقات بينهما، خاصة ما بعد اغتيال العالم النووى الإيرانى محسن فخرى زادة. وردا على اغتيال زادة، صوت البرلمان الإيرانى بالأغلبية على مشروع قانون يتضمن رفع تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 20%، مع تشغيل أجهزة طرد مركزى جديدة فى منشأتى نطنز وفوردو النوويتين تحت الأرض، ووقف عمليات التفتيش غير العادية التى تقوم بها الأممالمتحدة لمنشآت البلاد النووية. وتعليقا على الأحداث، ذكرت وسائل إعلام أمريكية وعالمية أن توقيت اغتيال زادة قبل نحو شهر من تنصيب بايدن يزيد من تعقيد مهمة عقد صفقة مع إيران. وفى ظل التطورات الجارية، فإن مستقبل الاتفاق النووى يبدو غامضا، خاصة فى ظل عدم توقع تقديم أى من البلدين لتنازلات كبيرة، مع الوضع فى الاعتبار احتمالية افتقار بايدن إلى الأغلبية فى الكونجرس الجديد، أو فوز التيار المتشدد فى إيران بانتخابات الرئاسة المقبلة يونيو 2021. لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمل فى التوصل إلى صفقة بين البلدين يبقى قائما، خاصة وانهما يتفقان على مدى أهمية وجود الاتفاق، مع إتاحة خيار التفاوض حول إمكان تعديل بعض البنود فيه، لضمان عدم البقاء على وضع التصعيد لفترة أطول. * نقلًا عن صحيفة الأهرام