يعني شهر سبتمبر للشباب في جميع أنحاء أوروبا أمرا واحدا فقط، ألا وهو العودة إلى المدارس . إلا أن بداية العام الدراسي في 2020 تبدو مختلفة قليلا، حيث سيتعين على الطلاب التأقلم مع قواعد السلامة في عصر جائحة كورونا ، وفي نفس الوقت اللحاق بأشهر من الوقت الضائع. ويشكك قليلون في الحاجة الملحة لعودة الصغار والشباب إلى التعليم، حيث تعطي دول في أنحاء أوروبا الأولوية لإعادة فتح المدارس بعد فترة من الاضطراب التاريخي في التعلم بسبب الجائحة . وقال وزير الصحة الإيطالي، روبرتو سبيرانزا، أمس الأول الإثنين، خلال مؤتمر عبر الإنترنت للمكتب الإقليمي الأوروبي التابع لمنظمة الصحة العالمية: "يجب أن يسير الحق في الصحة والحق في التعليم جنبا إلى جنب". وأضاف: "تمثل إعادة فتح المدارس بشكل آمن الأولوية الحقيقية خلال الأسابيع المقبلة". وفي الوقت نفسه، وضعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التعليم ضمن أعلى أولويات حكومتها أثناء الأزمة، وتعهدت "ببذل قصارى جهدها حتى لا يصبح الأطفال هم الخاسرون بسبب الجائحة ". وفي ألمانيا، حيث أعيد فتح المدارس في كثير من الولايات في شهر أغسطس الماضي، تركز النقاش بشأن تدابير العادات الصحية على ارتداء الكمامات في أروقة المدارس. وأبدى البعض رغبته في تمديد هذا المطلب إلى داخل الفصول، وهي خطوة امتنعت معظم الولايات عن اتخاذها حتى الآن. وفي فرنسا، في نفس الوقت، اصطف الآباء والأبناء وقد ارتدوا الكمامات خارج المدارس في باريس أمس الثلاثاء، اليوم الأول للعودة إلى فصول الدراسة. وقال وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكير، إن المعلمين والتلاميذ الذين تزيد أعمارهم على 11 عاما سيضطرون إلى ارتداء كمامات في ظل قواعد جديدة، حتى أثناء دروس الموسيقى. وأضاف بلانكير لمحطة تليفزيون "بي إف إم تي في": "يمكنك الغناء وأنت ترتدي الكمامة - يمكن لأي شخص أن يجرب ذلك هذا الصباح"، مشيرا إلى أن "مستوى الصوت سيكون أقل فقط". ورغم تصاعد حدة المخاوف بشأن موجة ثانية من تفشي الإصابات، أصر الوزير على فتح جميع المدارس في أنحاء فرنسا يوم الثلاثاء، وقال إنه لا يجب على الآباء الشعور ب الخوف من عودة أبنائهم إلى المدارس. وتتوق الحكومة إلى تعويض الأطفال، خاصة القادمين من أوساط تعاني الحرمان، عما فاتهم خلال الإغلاق الصارم في البلاد والذي دام 55 يوما، من منتصف آذار/مارس وحتى منتصف أيار/مايو. وفي إيطاليا، سيكون ارتداء الكمامات مطلوبا في أروقة المدرسة خارج الفصول، حيث لا يستطيع الطلاب الحفاظ على التباعد الجسدي لمسافة متر بين واحد وآخر. ومن المقرر أن تفتح المدارس في إيطاليا أبوابها مجددا في 14 سبتمبر وسط مخاوف تتعلق بجهود الحكومة لإعداد النظام من أجل عودة التلاميذ. وبدأ تسليم الأدراج المدرسية الجديدة ذات المقعد الواحد يوم الجمعة الماضي لتحل محل تلك التقليدية ذات المقعدين، بهدف مساعدة الأطفال في الحفاظ على التباعد مع أقرانهم التلاميذ. وستتواصل عملية تسليم تلك الأدراج حتى أواخر تشرين أول/أكتوبر المقبل، وتواجه السلطات تحديات لوجيستية أخرى تشمل إبعاد الطلاب عن بعضهم بعضا في المواصلات العامة وفي الحافلات المدرسية، فضلا عن مشكلات توفير الأعداد الكافية من المعلمين. وبحسب صحيفة "كوريري ديلا سيرا اليومية"، هناك كثير من المعلمين يتم تصنيفهم على أنهم "عاملون ذو هشاشة"، مثل أولئك الذين يعانون من مشكلات صحية، والذين يرفض الكثير منهم العودة إلى المدارس بسبب المخاطر الصحية. وفي مناطق أخرى في أوروبا، توقفت السلطات عن مطالبة الطلاب بارتداء الكمامات في المدارس، مع دعوة الآباء إلى إعادة أطفالهم إلى الفصول الدراسية. وينطبق هذا على هولندا، حيث أعيد فتح المدارس أيضا بالفعل، وحيث تساءل البعض عن منطق قرار عدم الإلزام بارتداء الكمامات . وقال ويلفريد فلاكفيلد ، مدير مدرسة في جنوبأمستردام: "لا استطيع أن أفسر ذلك... يجب أن يرتدي التلاميذ الكمامة في الترام، لكن داخل مبنى مدرسة به ألف شخص، هذا ليس ضروريا. ثم تعود إلى المنزل مرة أخرى ويسمح لك بشرب الشاي مع ستة أشخاص فقط. إنه أمر غير ضروري وليس منطقيًا". وفي بولندا، ليس مطلوبا من الأطفال ارتداء الكمامات ، حيث عاد الطلاب إلى المدارس أمس الثلاثاء، حيث دافع السياسيون عن أهمية التعليم بالحضور الشخصي. وقال رئيس الوزراء ماتيوز مورافيكي أمس خلال زيارة لمدرسة ابتدائية بالقرب من لودز، وسط بولندا: "لن يحل فيسبوك محل أصدقائك في المدرسة، ولن يحل جوجل محل المعلم". إلا أن السلطات المحلية المسئولة عن إدارة المدارس في بولندا تتهم وزارة التعليم بإلقاء المسئولية الكاملة عليها في الحيلولة دون انتشار الفيروس. وثارت مخاوف مماثلة في بريطانيا، حيث عاد معظم الأطفال إلى المدارس الأسبوع الماضي عقب نقاش حاد بشأن ارتداء الكمامات ، وهو أمر غير إلزامي. وقال جونسون إن إعادة فتح المدارس "واجب أخلاقي" ، وقلل من المخاطر الصحية التي يشكلها الفيروس، كما حذر من أن "الابتعاد عن المدرسة بعد الآن يعد أكثر ضررا لنمو الطفل وصحته ورفاهيته".