قالت الكاتبة سلوى بكر أن جميع الشخصيات المتصوفة فى رواية "مولانا الجوسقى"، للكاتب ثروت الخرباوى لم تأت من فراغ، فعلى سبيل المثال نجد أن ذا النون المصرى كان يقرأ "لغة المعابد"، وليس من قبيل الصدفه أنه جاء من أخميم بلد الكمياء والسحر. جاء ذلك خلال مناقشة كتاب "مولانا الجوسقى" للخرباوى بمنتدى بتانة الأدبى أمس الخميس بمشاركة الناقد الدكتور يسرى عبدالله، والشاعر شعبان يوسف الذى أدار اللقاء، فى حضور عدد كبير من المبدعين. وأشارت بكر إلى ان ابن عربى المتصوف الأعظم لديه كتاب عن ذى النون المصرى بعنوان "الدُر المكنون فى مناقب ذو النون"، وهذا معناه أن كل هذه أن كل هذه الاتصالات التاريخية لظاهرة التصوف لا يمكن أن نقرأها بمعزل أو فى حالات أنفصال عن بعضها البعض". وتواصل بكر قرأتها ل"الجوسقى" وتقول:" هذا الكتاب يتحدث بشكل اساسى عن الطريقة الشاذلية ورموزها، ولكنه لا يتعامل مع السياق التاريخى الذى أتى فيه هؤلاء المتصوفة، وهذا هو الأهم لأن السياق التاريخى لابن عربى كان فى عصر اضطراب الدين وعلاقته بالسلطة السياسية، وهكذا حتى مع الحلاج والسهروردى". وعبرت بكر عن سعادتها بمناقشة كتاب للخرباوى لأنها أعتبرته واحدا من أهم الشخصيات التى قدمت رؤية متكاملة لجمهور واسع لجماعة "الأخوان" الإرهابية ودورها داخل المجتمع المصرى، حيث رأت أن هذا الدور يقوم به فريق وليس فرد. وتستدرك:" ولكن عندما يقدم لنا كتابًا عن التصوف الإسلامى ما يعنينى هو خطاب هذا الكتاب، وإن كنت أرى أن هذا الخطاب لا يقل أهمية عن ما قام به فى مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية، لأن هذا الكتاب كتُب على نحو سلس وشيق ويقدم بديلاً يتعلق بالتعامل مع الدين". المسألة الأخرى تقول بكر:" إن هذا العمل أبرز لنا تاريخا قد لا يعرفه كثيرًا من الناس عن ظاهرة التصوف فى حياتنا الدينية تلك الظاهرة التى امتدت عبر حياتنا طوال الوقت، ولكن أختلف مع الخرباوى من حيث إطلاقه على كتابة "رواية" ، ولكنى أرى أنها مروية، لأنه يروى ما روى عن هؤلاء المتصوفين". وفى إطار أدراته للقاء قال الشاعر شعبان يوسف هذا النص مراوغ ولكنه حكاية بالفعل، به هاجس تعليمى وتصحيح لأذهان الناس عن فكرة التصوف، وأرى أن مشكلة الرؤية للمتصوفة هى الجدار الوهمى المبنى بين المخلوق وخالقه. ويواصل :"الكتاب لا ينطوى على أحداث اجتماعية أو تحليل سيكلوجيات يمكن أن تكون أداة من أدوات السرد أو الرواية، ولكن فيه سرد، "حاكى ومحكى له" وبين هذا وذاك سلسلة حكايات ثقافية ومكتوبة بوجهة نظر المؤلف، فالكتاب كتُب بهدف، وربما النص الإبداعى أحياناً يخلو من الهدف فى حين أن الأساس هو الفكرة الفنية كما فى القصيدة والرواية، نحن فى "مولانا الجوسقى" لم نعرف كثيرًا عن الرواى والمروى له، ولكننا عرفنا عن المتصوفة كما روى عنهم فى التاريخ. وفى القراءة النقدية للدكتور يسرى عبد الله رأى هذه الرواية تُثير جملة من الأسئلة المتعلقة بما يسمى "هوية النص"، حيث يحمل غلافها مفردة رواية، ونتعاطى معها من زواية كونها رواية أعلاها عنوان مولانا الجوسقى، ثم عندما نفتح الكتاب نجد عنوانًا فرعيًا آخر "مولانا الجوسقى" نصًا للشيخ عبدالله الجوسقى بينما على غلاف الكتاب كاتبه الأصلى ثروت الخرباوى وهذا يعنى أننا أمام لعبة فنية". ويستطرد:"هذه اللعبة الروائية تتكئ على ما يسمى الإيهام بالواقع والذى يتجلى فى مقابلة متخيلة بين الخرباوى والشيخ عبدالله الجوسقى،نحن إذن أمام نص روائى، فالنص الروائى الراهن صار جنسًا مفتوحاً على جميع المجالات، ربما تطرح رواية الجوسقى بعضا من إشكاليات النوع الأدبى، كما أشار كل من سلوى بكر، و شعبان يوسف ". ويستكمل:"يستدعى الكاتب تسع حكايات عن تسع من أهل التصوف، كما تبدأ الرواية بتوطئة على غرار المتون القديمة وهذا يعنى إحالة إلى المعنى التراثى، تتشكل الرواية من عشرة فصول سردية وتوطئة يحمل كل فصلاً منها عنوانًا كاشفًا عن جوهره وشخصيته المركزية المروى عنها داخل النص". ويضيف يسرى:" تنهض الرواية على ما يسمى فى السرديات القديمة بمفهوم السرد الإطار، فالكاتب يريد أن يحكى لنا عن أقطاب المتصوفة، وقد صنع هذه اللعبة الروائية التى تعتمد على الإيهام وإضافة عنوان فرعي أسفل العنوان الأصلى، فلدينا الحكاية الأم التى ينبثق منها حكاية فرعية". ويتابع:" تبدأ الرواية من نقطة زمانية محددة تشير إلى واقع راهن، هذه الواقعة هى المفجرة للحكايات التى تأتى فيما بعد، جماعة من المصليين تهرع إلى خارج المكان ظنًا منهم أن هناك تفجير نتيجة انفجار جهاز التكييف، ولكنا نجد شخصا واحدا قد عاد وهو ثروت عبد الباسط الخرباوى، الذى يقدمه رجلًا وحيدًا باق معه هو عبدالله الجوسقى للأمامة فى الصلاة، هذه هى الحكاية الأم أو الإطار التى تتفرع منها الحكايات الأخرى والتى تأخذ شكل الحوارية السردية بين الخرباوى والجوسقى". مناقشة كتاب "مولانا الجوسقى" مناقشة كتاب "مولانا الجوسقى"