خلال يومين فقط تفجرت فضيحة سياسية هزت ألمانيا كلها ، وكادت أن تؤدى الى انهيار الائتلاف الحاكم الذى تترأسه المستشارة أنجيلا ميركل ، فقد أسفرت الانتخابات المحلية فى ولاية تورينجن الألمانية – شرق ألمانيا – والتى جرت أمس ، عن مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن شكل نواب حزب المستشارة ميركل مع نواب الحزب الشعبوى اليمينى المتطرف كتلة برلمانية فى برلمان الولاية دفعت توماس كمريش- المنتمى للحزب الليبرالى الحر - للفوزبرئاسة حكومة الولاية فى سابقة تاريخية ، وبهذا التحالف المثير تخطى نواب الحزب الديمقراطى المسيحى الذى تنتمى اليه المستشارة ميركل كل الخطوط الحمراء بالائتلاف السياسى مع حزب البديل من أجل ألمانيا المعادى للأجانب والأقليات والذى يتبنى خطابا معاديا تجاه اليهود والمسلمين معا . وكانت الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان الألمانى – بوندستاج – سواء من الائتلاف الحاكم المكون من الحزبين الكبيرين :الاتحاد المسيحى الديمقراطى والحزب الاشتراكى الديمقراطى أو احزاب المعارضة الممثلة بأحزاب الخضر واليسار والليبرالى الحر ، قد اتفقت جميعها على عدم الائتلاف مع الحزب اليمينى المتطرف – البديل من أجل ألمانيا – فى أى من الانتخابات المحلية للحيلولة دون مشاركة الحزب فى حكومات الولايات المحلية ، وانفجرت ردود الأفعال الغاضبة سواء على صعيد الرأى العام الألمانى أو قيادات الأحزاب السياسية مستنكرة بشدة تضامن نواب حزب المستشارة ميركل مع نواب البديل الشعبوى اليمينى المتطرف فى ولاية تورينجن ، كما حذر رئيس الجالية اليهودية فى الولاية من هذا التحول الخطير مؤكدا أن اليهود أصبحوا فعلا تحت التهديد والخوف من عودة الماضى الكريه ، ودعت قيادة الحزب الاشتراكى الديمقراطى الى اجتماع عاجل لقيادة الائتلاف الحاكم فى برلين للنظر فى جدوى استمرار الحكومة الاتحادية الائتلافية ، وانهالت الضغوط من كل صوب وحدب على المستشارة ميركل والتى تزور جنوب أفريقيا حاليا مما دفعها على الفور لاعلان تنصلها وتنصل القيادة الاتحادية للحزب الديمقراطى المسيحى مما حدث فى تورينجن ، وقالت أنه خطأ لا يغتفر ، انه يوم سيئ للديمقراطية فى ألمانيا ، ودعت الى الغاء نتائج انتخابات تورينجن ، مشيرة الى أن ما حدث فى تورينجن تصرف غير مسئول من نواب الحزب الديمقراطى المسيحى وتم دون التشاور مع القيادة الاتحادية للحزب فى برلين وعبر آلاف من المواطنين فى كبريات المدن الألمانية قى مظاهرات عفوية عن غضبهم الشديد مما حدث فى ولاية تورينجن ، فيما دعت قيادة الحزب الليبرالى الحر – والذى ينتمى اليه رئيس حكومة تورينجن الفائز – الى عقد اجتماع عاجل للقيادة الاتحادية للحزب وطرح الثقة عن بعض قياداته ، كما الغت الحكومة الاتحادية فى برلين مؤتمرا كان من المقرر عقده اليوم فى مدينة ايرفورت عاصمة ولاية تورينجن فى إطار سلسلة من المؤتمرات تناقش استراتيجية الاستدامة فى ألمانيا ، وذلك لمنع مشاركة رئيس الحكومة الفائز من المشاركة فى المناقشات بصفته رئيسا لحكومة الولاية . ورغم محاولات قيادات ووزراء حزب ميركل الديمقراطى المسيحى النأى بأنفسهم عن الفضيحة والقائها فى وجه الحزب الليبرالى المعارض ، الا أن أسرار الفضيحة تكشفت ، وطالت تبعاتها " القبيحة" معظم ألوان الطيف السياسى ألألمانى ، أعلن مساء اليوم رئيس وزراء تورينجن الفائز "أمس" بالمنصب أنه على استعداد لتقديم استقالته ، كما تقدم نواب فى برلمان الولاية بطلب بحل البرلمان واجراء انتخابات جديدة تفاديا لتبعات وتداعيات الفضيحة !! ولكن رغم محاولات الاحتواء والالتفاف الا أن تداعيات ذلك لن تنتهى بسرعة ، خاصة أنها كشفت أن بعض النخب السياسية الألمانية التى تدعى الليبرالية والديمقراطية وترفع شعارات المساواة ورفض الشعبوية على استعداد للتحالف مع الشيطان من أجل مصالح حزبية وشخصية ضيقة ، فهل تنزلق المانيا "الوسطية " الى مستنقع النازية الشعبوية من جديد؟ بعض الإرهاصات وسلوكيات مجتمع الأعمال فى ألمانيا تشير الى تغيرات مخيفة فى العقل الجمعى للطبقة الوسطى فى ألمانيا.