تواجه حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اختبارا صعبا غدا الأحد الأول من سبتمبر، حيث تجرى انتخابات محلية فى ولايتين من أهم ولايات الجزء الشرقى من ألمانيا وهما سكسونيا وبراندنبيرج، وتشير بعض استطلاعات الرأى الى تقدم حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى الشعبوى المعادى للأجانب، بل تفوقه على حزب المستشارة ميركل الديمقراطى المسيحى فى ولاية سكسونيا، وتوقعت بعض مراكز استطلاع الرأى الألمانية حصول حزب البديل من أجل ألمانيا على أكثر من 20 % من أصوات الناخبين، مما يزيد من فرص مشاركته فى تشكيل حكومة الولاية، وتوقعت تراجع حزب المستشارة ميركل إلى المركز الثالث. ويثير صعود حزب البديل من أجل ألمانيا بأجندته المعادية للأجانب مخاوف الجاليتين الإسلامية واليهودية فى ألمانيا على حد السواء، وفى هذا الإطار حذر رئيس المجلس المركزي لليهود فى ألمانيا جوزيف شوستر من إشراك الحزب فى تشكيل أية حكومة فى الولاياتالشرقية. وأوضح فى تصريحات صحفية نشرتها صحيفة بيلد الألمانية الواسعة الانتشار، أن الحزب يتبنى إقصاء الأقليات ويضم مجموعات متطرفة تنتهج العنف ضد الأقليات. وفى السياق ذاته شدد أيمن مزيك رئيس المجلس المركزي للمسلمين فى ألمانيا على خطورة تصاعد اليمين الشعبوى فى ألمانيا ليس فقط على الجالية الإسلامية وإنما على الديمقراطية الألمانية برمتها. وطبقا للنظام السياسى والدستور فى ألمانيا يتم تشكيل حكومات الولايات طبقا لنتائج الانتخابات المحلية حيث يصبح من حق الحزب الذى يحصل على الأغلبية النسبية أن يشكل حكومة الولاية بالائتلاف مع أى أحزاب أخرى، ويتنافس فى انتخابات سكسونيا وبراندنبيرج حزب المستشارة ميركل الديمقراطى المسيحى والذى يشكل حكومة ولاية سكسونيا الحالية ، كما يتنافس أيضا شريك ميركل فى الحكومة الائتلافية الفيدرالية الحزب الديمقراطى الاشتراكى والذى تشير استطلاعات الرأى إلى أنه سيكون أكبر الخاسرين، الى جانب حزب الخضر الحصان الأسود فى هذه الانتخابات وحزب اليسار الذى يمتلك كتلة انتخابية مؤثرة فى معظم الولايات فى شرق ألمانيا بصفته وريث التنظيم السياسى فى ألمانيا الديمقراطية قبل الوحدة الألمانية. وتأتى الانتخابات المحلية فى ولايتى سكسونيا وبراندنبيرج وسط تصاعد اليمين الشعبوى فى ألمانيا عموما على خلفية شعارات معاداة الأجانب واللاجئين، خاصة أن كبريات مدن سكسونيا مثل دريسدن وكيمينتس شهدت أحداث عنف ضد اللاجئين والمهاجرين فى الآونة الأخيرة، كما أنها تعد معقل جماعات وحركات متطرفة ضد المهاجرين والمسلمين خاصة وأهمها حركة "مواطنون أوروبيون ضد أسلمة الغرب والمعروفة اختصارا باسم حركة "بيجيدا". وتزداد أهمية هذه الانتخابات أيضا من حيث إن نتائجها سوف تلقي بظلالها على انتخابات ولاية شرقية أخرى، وهى ولاية تورينجن التى ستشهد انتخابات محلية فى الأسبوع الأخير من أكتوبر المقبل . وفى حالة حصول اليمين الشعبوى على نتائج مرتفعة فى سكسونيا وبراندنبيرج فإن هذا سيشجع اليمين الشعبوى على الفوز فى تورينجن . وفى ظل مخاوف من دخول الاقتصاد الألمانى فى مرحلة ركود فى النصف الثانى من العام الحالى تتزايد الضغوط على حكومة ميركل الائتلافية فى برلين من أحزاب المعارضة فى البرلمان الألمانى- بوندستاج- خاصة من حزب البديل من أجل ألمانيا لإجراء تغيير سياسى واقتصادى فى اتجاه وضع حد لسياسة المستشارة ميركل التى فتحت أبواب ألمانيا لاستقبال أكثر من مليون لاجئ معظمهم من سوريا . وحذر رئيس أكبر تجمع لرجال الأعمال فى ألمانيا- اتحاد الصناعات الألمانى- من أن تصاعد اليمين الشعبوى فى ألمانيا ومشاركته فى حكومات الولايات سيؤثر سلبا على تنافسية الصناعة الألمانية، وأوضح ديتر كيمبف رئيس اتحاد الصناعات الألمانية فى تصريحات صحفية، أن صعود اليمين الشعبوى المعادى للأجانب فى ألمانيا سيضر بسمعة ألمانيا الاقتصادية ويقلل من جاذبيتها للكوادر البشرية والمهارات المتخصصة التى تحتاجها الشركات الألمانية للحفاظ على تنافسيتها مع الشركات العالمية. ويشير بعض المحللين الألمان إلى أن تفوق أحزاب المعارضة سواء من اليمين الشعبوى أو اليسار المتطرف فى انتخابات سكسونيا وبراندنبيرج غدا، سيصدع بنيان حكومة الائتلاف الكبير الاتحادية فى برلين والمكونة من تحالف الاتحاد المسيحى والحزب الديمقراطى الاشتراكى، وقد يؤدى إلى انهيار الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة فى ألمانيا كلها.