"حماية غائبة وأجور متدنية وعمل على مدار الساعة"، حياة يعيشها طبيب الرعاية المركزة، فضلا عن الضغط النفسي الذي يتعرض له من أسر مرضى الحالات الحرجة، ليكون الهروب من التخصص أو السفر ملاذا آمنًا ليحافظ عليه مهنيًا وأمنيًا وماديًا. "بوابة الأهرام" بحثت عن أسباب عزوف الأطباء عن تخصص الرعاية المركزة، أو السفر حال تخصصهم في القسم، ونقص غرف العناية المركزة؛ حيث يوجد 121 مريضًا أسبوعيًا من مرضى الحالات الحرجة بدون رعاية مركزة. طبيب الرعاية يتعرض للاعتداء يقول د. مينا ممدوح، طبيب رعاية بجامعة عين شمس، إن هناك عدة عوامل تسببت في عزوف الأطباء عن التخصص في قسم الرعاية المركزة، أهمها سوء الأحوال التي يتعرض لها الطبيب أثناء الرعاية؛ وأبرزها تعرضه للضغط النفسي من المترددين عليه، والأجر والذي يعتبر الأقل أجرًا مقارنة بالأجور العالمية، فضلا عن نقص المعدات داخل غرف الرعاية. وطالب "ممدوح"، بالنظر في تحسين الأجور لطبيب العناية، وتوفير الأمان لحماية الفريق الطبي بالكامل، مع ضرورة توفير الأدوية، وبذلك يتمكن الطبيب من أداء عمله بدون أي ضغوط. الحماية غائبة وأشار طبيب قسم الرعاية بجامعة عين شمس، د. رامي أحمد علي، إلى أن طبيب الرعاية، يتعرض دائما للضغط النفسي والبدني؛ نظرا لأن أسرة الرعاية على مستوى الجمهورية لا تكفي المرضى، فضلا عن أن بعض الحالات المرضية بالرعاية تحتاج لبعض الأدوية ذات التركيز العالي في المادة الفعالة، إلا "أننا نكتب المتاح من الأدوية حتى لا نتعرض للمساءلة القانونية". وأشار إلى أن الطبيب داخل الرعاية المركزة يتعرض للضرب والإصابة أثناء تأدية عمله، ويتم حبس الطرفين لأنها قيدت مشاجرة، فيضطر الطبيب التنازل عن حقه لكي ينجو بنفسه من القسم والحبس. وأكد أن تخصصات طب الرعاية والتخدير عليهم إقبال خارج مصر بمرتبات مغرية، ويجدون الحماية والتقدير، لذلك معظم أطباء الرعاية يسافرون للخارج، لافتا إلى أن قلة أطباء هذا التخصص تجبرهم على الاستمرار في عملهم 24 ساعة وأكثر دون راحة؛ للمتابعة المستمرة للمريض وبمقابل مادي غير مجزي. العزوف عن قسم الرعاية المركزة قال عضو لجنة شئون الصحة بمجلس النواب، د. مجدي مرشد، إن هناك ظاهرة لدى الأطباء وهي عزوفهم عن استلام التكليف وتقديم استقالاتهم والبحث عن فرص عمل بالخارج، وتحديدا الأطباء في بعض التخصصات الصعبة كالعناية المركزة والطوارئ والتخدير، وذلك بسبب المسئولية والضغط النفسي على الطبيب. وأضاف "أصبح الأطباء يبحثون عن التخصصات الهادئة، والتي لا يوجد بها مسئوليات جسيمة خوفا من تكرار الاعتداءات والإهانة، وعدم وجود مميزات تحديدا في أقسام الرعاية والطوارئ والتخدير، وبالتالي، انخفضت أعدادهم داخل الوزارة، كما ظهر هذا النقص أيضا في الجامعات".
تغليظ عقوبة الاعتداءات وتابع: "إن الحل يكمن في تغليظ عقوبة الاعتداءات على المنشآت، وعلى الفريق الطبي؛ لأن العقوبة الحالية هي غرامة لا تزيد عن 200 جنيه، وحبس لا يزيد عن شهر، بينما في كل الدول العربية، تضاعفت العقوبات إلى عامين حبس، وغرامه تصل 100 ألف ريال، بما يعادل 600 ألف جنيه مصري، وبالتالي، أصبح هناك ردع واضح للاعتداءات على المستشفيات والأطباء، لأنه لا يمكن أن يعمل طبيب تحت هذا الضغط النفسي والمعنوي". مميزات للتخصصات الصعبة وأشار "مرشد"، إلى أن الحل الآخر لمواجهة انخفاض أعداد أطباء الرعاية المركزة، هو إعطاء مميزات لراغبي التسجيل في هذه التخصصات، بالإضافة إلى إعطائه مكافأة وبدلات وحوافز مادية تتناسب مع مسئولياتهم وخطورة عملهم، مضيفا "من المؤسف أن يصل المقابل المادي للنباطشية العادية بعد الوقت الإضافي إلى 62 جنيهًا بالمستشفى الحكومية، كما أن نباطشية الرعاية والطوارئ والتخدير تحصل على نفس المبلغ". سرائر الرعاية غير متوافرة ومعطلة ولفت، إلى أن المشكلة الأخرى هي عدم وجود سرائر رعاية كافية في مصر، حيث يصل عددها إلى 13 ألف سرير، ونصفهم غير صالح للاستخدام، ومقسمين ما بين 4500 سرير تابع لوزارة الصحة، و4 آلاف في مستشفى الجامعة، والباقي موزع ما بين مستشفيات الشرطة والجيش والقطاع الخاص، لافتا إلى أن أكبر مستشفى في مصر لا يزيد عدد سرائر الرعاية بها عن 30 سريرًا. لا صيانة ولا تصليح وأشار إلى أن تكلفة غرفة العناية تصل إلى مليون جنيه وتزيد، ولا يتوافر لها صيانة كافية، مطالبا بالتعاقد مع شركات صيانة طبية، مع زيادة الاعتماد الخاص بالموازنة للصيانة الطبية، حيث كانت موازنة الصيانة الأخيرة 600 ألف جنيه فقط، لذا من الضروري زيادة الاعتمادات المطلوبة لصيانة الأجهزة الطبية. غرفة الرعاية بالواسطة وعرض "مرشد" أسبابًا أخرى تؤدي لعدم توافر سرائر الرعاية، قائلًا: إن هناك أسبابًا أخرى تعمل على عدم توافر سرائر بالعناية المركزة، منها أن المريض يرفض خروجه من العناية بسبب الخدمة الصحية المقدمة له، وتكون "الوسطة" سبب مكثه فترة كبيرة فيها. وتابع: إن "هناك حالات كثيرة تدخل العناية المركزة لا تحتاجها، لكن تدخلها فقط لتوافر كافة الأجهزة بها، فضلا عن الخدمة الطبية المقدمة". من يستحق دخول العناية المركزة ولفت "مرشد"، إلى أن الحالات التي تحتاج الرعاية المركزة دون غيرها، وهي حالة "فقدان الوعي، والإدراك، والحركة، والغيبوبة الناتجة عن عدد من الأمراض"، منوهًا بأنه تقدم بطلب إحاطة بشأن ظروف الأطباء الأمنية والمهنية التي تضمنها تحقيق "بوابة الأهرام".