برغم أنه خبر غير مؤكد، ومصادره هي مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه أسعدني جدًا، واعتبرته بادرة أمل في عودة الروح إلى الرأسمالية الوطنية ورجال الأعمال وأثرياء المحروسة، وأنه من الممكن أن تعود الرأسمالية الوطنية إلى ما كانت عليه قبل قرن من الزمان، ويكون لها مساهمات كبيرة في خدمة المجتمع ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وأيضًا المساهمة في حل مشكلات المجتمع، وعلى رأسها طبعًا التعليم ومشكلاته، بالإضافة إلى باقي المرافق والخدمات، إلا أنه وكما هي العادة (جت الحزينة تفرح)، وسارع المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم ونفى ماتردد من أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بأن أحد رجال الأعمال قد تبرع ببناء عدد كبير من المدارس، وأشار المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم إلى أن تلك الأنباء عارية من الصحة.. وأضاف المتحدث باسم الوزارة أنها تتحرك بشكل جاد وسريع خلال الفترة الحالية من أجل التوسع في بناء مدارس جديدة في إطار خطة شاملة تستهدف بناء 260 ألف فصل، تصل إلى قرابة 17 ألف مدرسة، موضحا أنه من المقرر أن يتم بناؤها حتى عام 2021؛ بهدف خفض الكثافات الطلابية داخل المدارس، بالإضافة إلى تغذية المناطق المحرومة وإلغاء تعدد الفترات "الصباحية والمسائية" في بعض المدارس بعدة محافظات، وكذلك رفع نسبة القبول والاستيعاب والإتاحة بمرحلة رياض الأطفال، وإحلال بعض المباني وتجديدها، وكذلك توفير فصول تربية خاصة. وأصابني الإحباط بعدها وكنت أنوي الكتابة في الأمر لتشجيع باقي رجال الأعمال والمال للاقتداء برجل الأعمال الذي ورد اسمه في الخبر. ولكن للأسف أنني أكتب والوضع مختلف فهل أكتب وأناشد رجال الإعمال ألا يتبرعوا ببناء أي مدارس حسبما ورد على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم. رحم الله الشيخ محمد الغزالي ومن عباراته الشهيرة في كتابه الأشهر (الإسلام المفترى عليه. بين الشيوعية والرأسمالية)، وفيه قال عن رجال المال والأعمال في العالمين العربي والإسلامي ليسوا من السخاء في عمل الخير وخدمة المجتمع، كما هو الحال في بلاد الكفر المٌسماة بأوروبا وأمريكا وغيرها؛ حيث آخر الأخبار عنهم أن أحد رجال الأعمال - وكان أيضًا عمدة نيويورك - قام بالتبرع للجامعة - التي تخرج فيها - بمبلغ 1500 مليون دولار. أي والله الرقم صحيح ألف وخمسمائة مليون دولار. (تخيلوا دول يبنوا كام مدرسة ومستشفى في مصر). ولا داعي لذكر القائمة الطويلة جدًا من أثرياء العالم، وحجم تبرعاتهم للأعمال الخيرية حتى في بلدان أخرى غير بلادهم مثل بيل جيتس أو الصيني صاحب (على بابا)؛ الذي تبرع بما يقدر ب 40 مليار دولار. ماعلينا خلونا في خيبتنا برغم أن مصر في بداية القرن الماضي وتحديدًا في عام 1892 م عندما تأسست جمعية "المساعي المشكورة" عندما التقى بعض كبار الملاك الزراعيين في المنوفية، وناقشوا وضع التعليم ومدى العجز في استيعاب المدارس الحكومية للأطفال، وقرروا إنشاء الجمعية التي كان هدفها هو نشر التعليم والثقافة، وبرزت أسماء منها محمود باشا أبوحسين، وأحمد باشا عبدالغفار، وعبدالعزيز باشا فهمي، ومحمد بك علوي. وهؤلاء تناوبوا على رئاسة الجمعية، وقاموا بجمع التبرعات من أموال وعقارات وقاموا بوقف الأوقاف، وأصبحت المنوفية نموذجًا لقلة نسبة الأمية، وارتفاع نسبة المتعلمين والعاملين. وهناك واقعة ظريفة تُحكى عن عبدالعزيز باشا فهمي؛ عندما جاءته سيدة فقيرة تسأله الصدقة فسألها عن عملها، أو أي مورد لديها؟ فقالت له ليس لدي سوى حمار، لا تستطيع شراء طعام له، فقام بتوظيف حمار السيدة الفقيرة في البوستة أو البريد؛ ليركبه ساعي البريد مقابل إيجار شهري يدفعه هو لها. ما أحوجنا الآن يا رجال المال والأعمال والمليارات (ربنا يزيدكم كمان وكمان) إلى مساهماتكم في خدمة المجتمع، وزيادة عدد المدارس، ووقتها سنقول لكم: "مساعيكم مشكورة" ونفخر بكم. ولكن إذا استمريتم على حالة اللامبالاة والبخُل وعدم المشاركة في حل مشكلات المجتمع، ومساعدة فقرائه؛ فسنقول لكم: "شكر الله سعيكم في الرأسمالية الوطنية، وعظم الله أجرنا فيكم".. والله المستعان.